​مستشار ​​​استراتيجي لـ"سبق": الأجور​ الحكومية​ بلغت 300 مليار.. والميزانية لا تتحمل الرواتب

"البرجس": لو جمعتَ أعمال​ "ماكنزي" في السعودية وقارنتها بمنجزاتها ​لمُنعت ​من العمل
​مستشار ​​​استراتيجي لـ"سبق": الأجور​ الحكومية​ بلغت 300 مليار.. والميزانية لا تتحمل الرواتب

- ​بعض المسؤولين قال لنا: "الماليزيون يستعينون بتجاربنا في الإسكان، والصينيون يستعينون بأساليبنا في القضاء على الفساد، والجزائريون يتعلمون من سياحتنا".. وكلها فرقعات إعلامية.

- لدينا أكبر مجمع بتروكيماويات في العالم بتكلفة 70 مليار ريال​ ​لم يوظف إلا 4 آلاف سعودي ​فقط​.

- لا بد من وزارة جديدة تتابع المشروعات "التريليونية" الحكومية المتعثرة، وتكون مسؤولة أمام مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.

- أسعار النفط لم تعُد آمنة.. و"أوبك" تقليدية فقدت مزاياها ولم تعد تملك خيارات.

- أستغرب أننا نستورد 7400 مكيف يومياً و"تايلند" تصنّع 7400 سيارة يومياً، ولديها صناعات وخدمات أخرى.

- فرض ضريبة على الأجانب والشركات​.. ​سيدفع فاتورتها النهائية المواطن والمشاريع الحكومية.

- سوق العمل الحالي "غير منتج" ولن يوفر إلا وظائف للعمالة الرخيصة.

- حل البطالة وغلاء الأسعار وأزمة السكن والتعليم بالقضاء على الفساد والتستر والغش، وبتعيين الكفاءات.

- "صنع في السعودية" لا تكون بالنوايا فقط؛ بل بالتخطيط والفكر السعودي المتطور.

 

 

تصوير/ عبدالملك سرور: يقول الكاتب المتخصص، ومستشار التخطيط الاستراتيجي المهندس برجس البرجس: إن تحقيق عبارة "صنع في السعودية" لا تكون بالنوايا والعزيمة فقط؛ بل التخطيط، والعمل الجادّ، والاستثمار في الكوادر البشرية، وتطويرها؛ مؤكداً في حواره مع "سبق" أن الموظف الحكومي -مدني وعسكري- هو عبء على دخل النفط "الميزانية العامة"؛ فبند الأجور في الأعمال الحكومية أكثر من 300 مليار ريال سنوياً. مشيراً إلى أن معالجة البطالة، وتدني الرواتب، وغلاء الأسعار، وأزمة السكن، والعلاج في المستشفيات، وتطوير التعليم، وصيانة البنى التحتية، وتصريف السيول والأمطار يحتاج إلى القضاء على الفساد، والتستر والغش التجاري والاحتكار؛ منتقداً شركة "ماكنزي" التي نفّذت مشاريع تطوير كثيرة في السعودية دون أن يكون لها أثر إيجابي في سوق العمل السعودي، وقال: "لو حُصرت أعمال "ماكينزي" في السعودية، وقورنت بالمخرجات؛ فلربما مُنعت من العمل"؛ موضحاً أن منظمة "أوبك" فقدت مزاياها، وهناك خلاف بين أعضائها، وجميعهم دول متأخرة اقتصادياً وتعتمد على النفط بشكل كبير، ولذا "أوبك" لا تملك خيارات؛ على حد وصفه.

 

ويتناول الحوار عدداً من المحاور الاقتصادية؛ فإلى تفاصيل الحوار..

 

** ذكرت في لقاء تلفزيوني أن أجور موظفي الدولة تعتبر عبئاً على الميزانية؛ لأنها في مجملها وظائف خدمية؛ فهل على المواطنين أن يكونوا أطباء، ومهندسين، وباحثين، ومخترعين لكي يحصلون على وظائف حكومية؟

 

الموظف الحكومي -مدني وعسكري- هو عبء على دخل النفط (الميزانية العامة)؛ فبند الأجور في الأعمال الحكومية أكثر من 300 مليار ريال سنوياً؛ فمتى ما كان سعر النفط فوق المائة دولار؛ فهذا ليس له تأثير؛ ولكن إن كان أقل من 80 دولار فسيكون الموظف الجزء الأكبر من الإنفاقات الحكومية. وكلمة "عبء" ليست بمعناها المتداول بين الناس وهي ليست سيئة؛ وإنما وصف حالة؛ فمثلاً مَن لديه طفل غير الذي لديه خمسة أطفال؛ فالعبء سيكون كبيراً على الراتب.. أما بالنسبة للجزء الثاني من السؤال فليس عيباً أن يعمل جزء من المواطنين في المبيعات والخدمات البسيطة؛ ولكن المشكلة ألا يكون مواطنون أطباء، ومهندسون، وباحثون، ومخترعون، ونكتفي باستيرادهم من الخارج أو استيراد مخرجات هذه الكوادر من الخارج؛ فالكادر البشري هو سلاح للدول تستطيع أن تنافس بقية الدول المتقدمة من خلال هذه العقول فقط.

 

** أما تزال ترى أن أغلب الوزارات تستمر في تجارب عشوائية، والعمل دون تخطيط؟

 

مخرجات الوزارات منعكسة على الوظائف، والصادرات، والواردات، والخزينة، والتستر، والغش التجاري، والاحتكار، والغلاء، والخدمات في البنى التحتية.. وقد أوضحت آخر إحصائية أن غالبية السكان يعانون من السكن، وأن المنازل الشعبية في السعودية أكثر من المنازل المسلحة، وأكثر من نصف المواطنين -وليس العمالة فقط- يعانون من عدم وصول شبكات الصرف الصحي؛ فعشرة ملايين مواطن يعتمدون على البيارات -أجلكم الله- فكيف بالحال في تصريف الأمطار والسيول، ومدن كبيرة كـجدة تعاني من نقص في وصول المياه المحلاة إلى منازلهم؛ هذا مذكور في آخر إحصائية لمصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات أو الهيئة العامة للإحصاء، ولم تنجز أعمال كثيرة منذ آخر إحصائية؛ بينما يزداد السكان بمعدل أكثر من مليون إلى مليون وربع سنوياً ما بين مواليد وعمالة وافدة. أيضاً لك أن تقيس مخرجات الحلول التي صُرف عليها المليارات لحل مشكلة البطالة، والمشاريع السكنية، وأيضاً -وليس آخراً- مشكلة استقدام العمالة المنزلية.

 

** تطالب بتأسيس وزارة لإدارة المشروعات، وعقود التشغيل تكون مسؤولة أمام مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية عن المتابعة.. ما الذي دعاك لذلك؟

الهندسة وإدارة المشروعات من 5 إلى 15% وأحياناً إلى 20% من قيمة المشروعات؛ فالسعودية لديها سنوياً مشروعات تقريباً تصل قيمتها إلى نصف تريليون وأحياناً أكثر، ولا يمكن لأي عمل لمشروع أن يقام في العالم دون إدارة للمشروع؛ فنحن نُسند هذه المشاريع إلى شركات مختصة محلية تستهدف الربحية بكفاءات متدنية، ومخرجاتها مشاريع متعثرة وجودة متردية؛ وزارة لإدارة المشروعات تخدم نزاهة المشروعات، وتضعها في معايير متقدمة للعقود، وتخدم إدارة العقود، والمشتريات، وتخدم النزاهة والتطوير، وزارة لإدارة المشروعات تتطلب فكراً ودماء جديدة، وتحتاج إلى نظام قوي مثل أرامكو وسابك والدول المتقدمة.

 

** كيف يمكن معالجة البطالة، وتدني الرواتب، وغلاء الأسعار، وأزمة السكن، والعلاج في المستشفيات، وتطوير التعليم، وصيانة البنى التحتية، وتصريف السيول والأمطار؟

 

هذا يحتاج إلى:

1- إعادة هيكلة للتنمية والاقتصاد وتطوير الأنظمة.

2- تغيير معايير تعيين الكفاءات لاختيار الوزراء والمسؤولين.

3- القضاء على الفساد بجدية.

4- الاستثمارات الحكومية المجدية.

5- القضاء على التستر والغش التجاري والاحتكار.

6- تطوير مراكز البحوث والتطوير والدراسات.

7- العمل ضمن خطط وصناعة قرارات وليس اتخاذ قرارات من غرف اجتماعات وورش عمل.

 

** عبارة "صنع في السعودية"؛ هل سنراها قريباً؟

 

التصنيع عدة أنواع: صناعات بسيطة، ومتوسطة ومتقدمة؛ فالصناعات المتوسطة والمتقدمة إما أن تستورد التكنولوجيا التي تقوم على صناعتها، وكذلك تصميمها وهندستها، أو تصنع من "الفكر السعودي".. هناك فِرَق كبير من حيث الفائدة العائدة على السعودية.

 

التصنيع يتطلب الاستثمار في العقول البشرية، وتطوير الكوادر الوطنية، وإن أردت أن تنظر لها من ناحية أخرى؛ فالتصنيع المجدي هو التصنيع الذي يساهم في خفض الواردات، والتصنيع الذي نستطيع تصديره للخارج.. التصنيع ليس سهلاً، ومنافسة الدول المتقدمة لا تكون بالنوايا والعزيمة فقط؛ بل التخطيط، والعمل الجاد، والاستثمار في الكوادر البشرية، وتطويرها، وتحويل البلد إلى مراكز بحوث وتطوير ودراسات، ودور للفكر، وبيوت للخبرات.. صناعة السيارات التي نتحدث عنها ليست بالمستوى المأمول؛ ولكنها ستكون النواة الأولى، ما نبحث عنه هو "صنع في السعودية من فكر سعودي".

 

 ** وماذا عن الصناعات البتروكيماوية والتحويلية والأعمال البحرية التي تم الإعلان عنها مؤخراً لتوفر 500 ألف وظيفة؟

 

الصناعات البتروكيماوية في أساسها نفطية، ومرتبطة بأسعار النفط، متى ما ارتفعت أسعار النفط أو انخفضت تجد أسعار المنتجات البتروكيماوية تتأرجح معها، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، الصناعات البتروكيماوية لا تخدم توليد الوظائف؛ فلدينا مثلاً شركة "صدارة" التي تبنى حالياً في الجبيل، وهي أكبر مجمع بتروكيماويات بالعالم بتكلفة 70 مليار ريال؛ ولكنه وظّف فقط 3 إلى 4 آلاف موظف مباشر، وأما غير المباشر فهو يندرج تحت الصناعات التحويلية؛ ولكنه في جميع الأحوال لن يكون أكثر من 18 ألف موظف؛ ولكنهم من العمالة الرخيصة بطبيعة عملهم.

 

الصناعات التحويلية تولد وظائف؛ ولكنها للعمالة الرخيصة الوافدة في البلاستيك والمطاط، وهذه نقطة مهمة جداً؛ فنحن لا نبحث عن الفرص الوظيفية التي تصنع لباس جهاز الجوال البلاستيكي؛ بل نريد تصنيع ذاكرة الجوال، والمعالج الذي بداخله، والبرمجيات، وتقنيات الاتصالات.

 

أما الجزء الأخير من السؤال؛ فليس هناك تفاصيل عن توليد 500 ألف وظيفة في القطاع البحري؛ ولكن هذه تحتاج استثمارات بحجم 1250 مليار ريال (تريليون وربع) لكي تولد تلك الوظائف لو افترضنا أن التكنولوجيا توفرت لصناعة السفن العملاقة.. وللمقارنة؛ جميع ما استثمرته السعودية في العشر سنوات الماضية في القطاع الصناعي لا يتخطى 850 ملياراً بما فيها أرامكو، وسابك، والبتروكيماويات؛ حسب تقرير المصلحة العامة للإحصاء.

 

** في مقالاتك.. لماذا أنت غير متفائل من أن خفض إنتاج "أوبك" من النفط لن يجدي نفعاً في رفع الأسعار؟

 

"أوبك" فقدت مزاياها، "أوبك" بحاجة إلى خفض الإنتاج تقريباً بثلاثة ملايين برميل يومياً لتستعيد مزايا التحكم والتأثير على أسعار النفط؛ ولكن هذا يبقي أسعار النفط مرتفعة ويزيد من قوة وبقاء المنافس؛ ولذلك "أوبك" فقدت مزاياها ونحن بحاجة إلى آلية مختلفة عن "أوبك" التقليدية، أضف إلى ذلك أن "أوبك" على خلاف بين أعضائها وجميعهم دول متأخرة اقتصادياً وتعتمد على النفط بشكل كبير.. بالمختصر "أوبك" لا تملك خيارات.

 

** نسمع كثيراً عبارة "احتياجات ومتطلبات سوق العمل". والسؤال: ما هي علل هذا "السوق" التي عجزنا عن معالجتها منذ عقود؟

 

سوق العمل الحالي "غير منتج"؛ ولذلك لن يوفر إلا وظائف للعمالة الرخيصة؛ فيجب تحويل مخرجاته إلى "صناعات متطورة وخدمات متقدمة" لكي يوفر ويولد وظائف وفيرة ومجدية والتي بدورها ستوفر الوظائف الأخرى التكميلية.

 

** كيف يمكن للسعوديين التحول من الاعتماد الكبير على الدولة "مستهلكين" إلى "منتجين" داعمين للاقتصاد الوطني؟

 

تحويل البلد إلى دولة منتجة يتم من خلال تطوير الأعمال، والمنتجات، والمخرجات، وتطوير الخدمات، والصناعات المتقدمة، والتكنولوجيا، وصناعة الفضاء والطيران، والصناعات الطبية وغيرها. أكبر ثلاث سلع نستوردها هي: (النقل من سيارات، وطائرات وقطارات، والأجهزة والمعدات، والإلكترونيات، والاتصالات)، نحن نستوردها تقريباً بالكامل بأكثر من 300 مليار ريال سنوياً؛ بينما جميع الدول المتقدمة تصنّعها وتصدّرها ضمن أكبر خمس سلع ضمن صادراتها.. لك أن تتخيل، نحن نستورد معدل 7400 مكيف يومياً؛ بينما "تايلند" تُصنّع 7400 سيارة يومياً، ولديها صناعات وخدمات أخرى؛ ولذلك لديها بطالة بأقل من 1%؛ فيعمل لديهم 40 مليون شخص من 65 مليون نسمة.

 

** إذا كان الاقتصاد السعودي بعد النفط لا يستطيع الاعتماد على الزراعة، ولا على السياحة "الدينية وغيرها" كمصدريْ دخل هامين؛ فما هي الخيارات المتاحة؟

 

الدخل من الزراعة والسياحة مهم؛ ولكنه قليل، وبحاجة إلى دعم وتفعيل، ولا أقصد هنا الدعم المالي؛ بل دعم التأسيس السليم..

 

أما الخيارات فهي: (أولاً) الصناعات والخدمات المتقدمة والطبية لكل ما نستورد، و(ثانياً) صناعة وخدمات ما يمكن تصديره للخارج. طبعاً هذا لن يتم حتى تقوم وزارة التجارة والصناعة بدورها في تطوير القطاع الصناعي.

 

** إلى أي مدى يمكن فرض ضريبة على دخل الموظفين الأجانب والشركات العاملة في السعودية؛ لدعم الاقتصاد الوطني كما في الدول الأخرى؟

 

أولاً، الضريبة ستنعكس على الفاتورة النهائية للمنتج، والتي ستحول على المواطن والمشاريع الحكومية، وثانياً الضرائب في الدول الأخرى يقابلها خدمات موازية ولا تُستخدم لزيادة دخل الخزينة فقط.

 

** قال بعض المسؤولين في مناسبات سابقة: "الماليزيون يستعينون بتجاربنا الناجحة في الإسكان، والصينيون يستعينون بأساليبنا في القضاء على الفساد، والجزائريون يتعلمون من سياحتنا".. والسؤال: أما يزال الآخرون يستفيدون منا أم أنها كانت مجرد "فرقعات إعلامية"؟

 

الإعلام يجيز مثل هذه التصريحات، والهدف منها إطراب مسامع المسؤول والرأي العام، ولكن دون إنجاز.. الصحافة والإعلام يقومون بدور يخدم مصالحهم العملية؛ فالنقد البنّاء الذي يجد ترحيباً من المقام السامي ومجلس الوزراء ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية؛ لا يصل؛ لأن الصحافة والإعلام يمنعونه في بعض الأحيان، وخذ مثلاً: جُل وقت إدارة التحرير في الصحف لا تعمل وتساهم في التطوير والإصلاح؛ بل تسهر الليالي لتمنع المطالبة والمساهمة في التطوير والإصلاح.

 

** انتقدت وزارة التخطيط والاقتصاد في "إيكال" مهمة إعداد خطة "المملكة العربية السعودية ما بعد النفط: التحول للاستثمار والإنتاجية" إلى شركة "ماكنزي" الاستشارية، وتطالب بألا تقبل الدولة دراساتها.. ما هو مأخذك على "ماكنزي"؟

 

كتبت مقالين عن خطة شركة "ماكنزي" للمملكة ما بعد النفط التي أعلنت عنها في صفحتها الرسمية، خطة "ماكنزي" لا تستوفي الشروط المبدئية لكي ننتقدها أو نعلق عليها.

 

"ماكنزي" شركة عملاقة عالمياً، وستحتفل العام القادم بعامها الـ60 في الشرق الأوسط، عملت خلالها على أكثر من 750 مشروعاً للحكومات والوزارات والقطاعات الخاصة، والنتيجة جميعنا يعلم أحوال سوق العمل والوظائف والتطوير في دول الشرق الأوسط.

 

"ماكنزي" عملت مشاريع تطوير كثيرة في السعودية؛ ولكن ليس لها أثر إيجابي، وعلى وجه الخصوص؛ هل لها أثر إيجابي في سوق العمل السعودي وعلى وزارة العمل السعودية؟ هل "ماكنزي" تتقن الأعمال خارج المملكة ولا تتقنها داخلها؟ لو حُصرت أعمال ماكنزي في السعودية وقورنت بالمخرجات؛ فلربما تم منعها من العمل في المملكة واستجواب أعمالها ومَن عمل عليها.

 

** ما هي الحلول برأيك؟

 

لا يمكن للحلول أن تُختزل في حوار؛ ولكن على الدولة عمل أي شيء يساهم في رفع أسعار النفط؛ فنحن نعالج مشكلة الأسعار بسياسة تقليدية وقديمة، وهي أشبه بنظرية المؤامرة؛ فمصيرنا تعلق بفشل الآخرين ونحن نساهم في إفشالهم، وأيضاً لسنا مستعدين للانتقال للمرحلة القادمة في تنويع مصادر الدخل. علينا تطوير الصناعات وتطوير الخدمات المتقدمة، وعلينا الاستثمار في البحوث العلمية، والتطوير، والاستعداد لمنافسة الدول المتقدمة بنفس العوامل التي يتنافسون بها؛ إصلاح التعليم هو الأساس ومتى ما بُنِيَ بناء سليماً يكون المضيّ قدماً أسهل. الدولة يجب أن تستثمر بصناديق استثمارات صناعية، وسياحية وغيرها، ويشترك معها القطاع الخاص والمواطن بالمساهمة، ويؤسس من خلالها أعمالاً تستهدف البناء السليم وليس الربح السريع؛ لدينا نماذج تحوّل مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة وتايلند وغيرها. جميع خطط تنويع مصادر الدخل الحالية لا ترتقي لأن تكون حلولاً.

 

** هناك اتهام بأن بعض المتخصصين والمهتمين بالشأن الاقتصادي يُسرفون في "التنظير" الذي لا يصمد أمام الواقع.. ما تعليقك؟

 

التنظير قد لا يكون تنظيراً؛ وإنما يظهر كتنظير لأنها مطالبة بأن تكون في المكان المناسب، وأنت في مكان متأخر جداً؛ فالفجوة كبيرة فينظر له كتنظير؛ فمثلاً لو طالبت أن تكون السعودية متقدمة في صناعة الطائرات؛ فالغالبية ينظر له كتنظير؛ بينما هو طبيعي؛ فدول متقدمة تعمله بعد اعتمادها على خبراتها واستثماراتها في العقل البشري والبحوث العلمية ودور الفكر وبيوت الخبرات؛ فالجواب على سؤالك التنظير ليس كافياً؛ بل بحاجة إلى عمل دؤوب واستثمارات وصناعة قرارات وصناعة المستحيل.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org