يتداول أغلب الناس في مجالسهم ومنتدياتهم الكثير من الأحاديث والمواضيع بخصوص قضية المواد المسرطنة، وأسبابها، وعلاقتها ببعض المأكولات أو المباني والأعمدة ذات الدرجة الإشعاعية، كأبراج الكهرباء وغيرها، ويسترسلون في إطلاق الأحكام والأسباب والمسببات دون أدلة علمية، إنما من باب "سمعتهم يقولون، وهناك أبحاث ودراسات علمية تؤكد هذا الأمر"، وإذا طالبتهم بالأبحاث لم تجد سندًا علميًّا يؤكد ما ذكروا.
من أحاديث الناس ما يتداولون عن مخاطر أبراج الكهرباء، وخطورة الساكنين بجوارها، ويُفترض أن لا تقل المسافة عن (70) مترًا؛ حتى نسلم من خطرها، ويذكرون أنها تسبِّب السرطان والأمراض القاتلة. وهذه - في رأيي - من باب الشائعات التي لم تثبت صحتها، ولا يوجد لها سندٌ علميٌّ يؤكدها، ويُفترض - والحال كذلك - أن تخرج إحدى الجهات العلمية لتنفي ذلك أو تؤكده؛ حتى لا نقع فريسة للشائعات التي تؤثر على نفسياتنا؛ فالكثير من الناس يسكن بجوار أعمدة الكهرباء الضخمة في أغلب مدن السعودية منذ سنوات، والبلدية لم تمانع في ذلك، وتعطي تصاريح بالبناء.
من الشائعات المتداولة بكثرة علاقة المشروبات والمأكولات الساخنة بالسرطان ــ وقانا الله شره ــ إذا تم وضعها في علب بلاستيك؛ إذ يؤكد الناس في مجالسهم صحة هذه المقولة بشكل مؤكد، ونحن نسمعها كثيرًا لدرجة أننا تفاعلنا معها، وصدقناها بدون دليل علمي يؤكدها أو ينفيها كسابقتها.
من أحاديث الناس ما يتداولونه عن إضافة الألوان للمأكولات والمشروبات المعلبة بشكل عام، وبعض مكعبات الأغذية وغيرها، وأنها تسبب السرطان والمشاكل الصحية، وأصبح الجميع يفتي ويؤكد خطورة هذا وسلامة ذاك بدون مرجع، وانتشرت الشائعات والحروب الدعائية بين الشركات؛ فعندما تنجح إحداهن تنتشر شائعات كثيرة للتقليل من منتجاتها وأهميتها، وأنها خطر على الصحة، كما انتشرت مقاطع فيديو، يقوم أصحابها بعمل تحليل بدائي غير علمي يرجح صحة ما يعتقده، وأن هذا المشروب أفضل من ذاك، وغيرها من متاهات جعلتنا في حيرة، لا ندري من نُصدّق ولا من نُكذّب.
في رأيي، إن المرجعية العلمية التي تؤكد صحة أو عدم صحة الكثير من الأوهام التي نعتقدها ونتداولها ضروري جدًّا؛ لتفادي الوقوع ضحية لحروب الشائعات وطلاب الشهرة، الذين يضربون على وتر السلامة لكسب أكبر قدر من المتابعين. ومن المفترض تخصيص رقم موحد للرد على الكثير من الأوهام التي صدّعت رؤوسنا.