يتفق الكاتبان والمحللان السياسيان؛ السعودي عبد الرحمن الراشد، والأمريكي ميخا هالبيرن على أن وقائع الاعتداءات الحوثية على السفن أمام سواحل اليمن، تجسد سعي إيران الحثيث للسيطرة على مضيق باب المندب الإستراتيجي، ورفض القوى الإقليمية والدولية لهذا السعي، ولكن بينما يرى الراشد أنها أول مواجهة حوثية أمريكية مطالبا بإدراج جماعة "أنصار الله" الحوثية على قائمة المنظمات الإرهابية ، يذهب هالبيرن إلى مدى أبعد مؤكدا أن الحوثيين دمية خيوطها بيد إيران، وأن الهجمات ووصول السفن الإيرانية إلى المنطقة ربما يقود إلى حرب أمريكية إيرانية.
"الراشد": أول مواجهة حوثية أميركية!
وفي مقاله "أول مواجهة حوثية أميركية!" بصحيفة "الشرق الأوسط" يبدأ الراشد بـ" السقطة المنتظرة " للحوثيين ممثلة في مهاجمة أهداف غربية محايدة في البحر الأحمر، والرد الأمريكي المباشر عليها ويقول " أخيرًا أغارت الطائرات الأميركية على مواقع ورادارات لميليشيات الحوثي على ساحل البحر الأحمر، بعد أن قصفت مرتين السفن العسكرية الأميركية العابرة. التساهل الدولي مع الحوثيين رغم الكم الهائل من الجرائم التي ارتكبوها بحق اليمنيين على مدى عامين هو الذي جعل من هذه الجماعة الدينية الإرهابية قوة تخيف السكان المحليين، وتصفي عائلات خصومها السياسيين بالقتل، وتتمادى في تهديد الملاحة البحرية مرات عديدة، وقد سبق أن قصفت سفينة إغاثة إماراتية قبل أسبوع أيضًا".
سؤال
ثم يطرح الراشد مباشرة السؤال أو النواة الصلبة في مقاله حين يقول "هل ميليشيات الحوثي تختلف عن تنظيمي "القاعدة" و"داعش"؟"، وببساطة يرصد الكاتب المفهوم الغربي للإرهاب ومجانبته للصواب، حين يجيب "الفارق أن تنظيم الحوثي سابقًا لم يكن يهاجم أهدافًا أميركية، أو غربية، ولهذا لم يدرج ضمن قوائم التنظيمات الإرهابية، إنما فعليًا يحمل نفس مواصفات تنظيم القاعدة بما في ذلك استخدامه الدين لاستهداف المدنيين وإعلان الحروب. لا تختلف شعارات "الحوثي" السياسية عن «القاعدة»، في الدعوة لمحاربة "الغرب الكافر"، وقتل مخالفيه في المذهب".
واقعة ماسون
ثم يرصد الراشد الحدث المفجر في الأزمة الأخيرة ويقول "قصف التنظيم ( الحوثي ) البارجة الأميركية ( يو إس إس – ماسون) يوم الأحد الماضي، وظن الأميركيون أنه قصف عشوائي من قبل الحوثيين، إلا أنه كررها في يوم الأربعاء التالي وقصف البارجة نفسها، رغم التحذيرات الأميركية التي تلت القصف الأول. وقد قامت القوة الجوية الأميركية بغارة على رادارات تابعة لميليشيات الحوثي في محافظتي تعز والحديدة، وهي ليست عقوبة مؤذية بل مجرد رسالة بعدم التعرض للقوات البحرية الأميركية. غارات محدودة تعطي رسالة محددة، بأن المطلوب عدم قصف سفنه فقط، ولا توحي بأن الجانب الأميركي مهتم بسلامة الملاحة بشكل عام في البحر الأحمر ومضيق باب المندب الذي تدور المعارك حوله للسيطرة على المضيق الاستراتيجي مع قوات الحكومة الشرعية.
تحذير الراشد
وفي لهجة تحذيرية، يقول الراشد "أمن الملاحة وأمن المنطقة وأمن العالم يتطلب موقفًا دوليًا ضد البلطجة والميليشيات مهما كانت ديانتها طالما أنها ترفع السلاح .. تنظيم الحوثي، المسمى «أنصار الله»، أسسه الإيرانيون، وقام بتدريبه «حزب الله» اللبناني، ولا يزال يتلقى الدعم العسكري واللوجستي والإعلامي من هناك، وهو مثل كثير من التنظيمات المسلحة التي أسستها إيران في المنطقة، عراقية وسورية وأفغانية ولبنانية، تقوم بوظيفة واحدة؛ خدمة السياسة الإيرانية باستخدام القوة المسلحة".
الحوثي إرهابي
ويخلص الراشد إلى أن " المفروض أن تكون المعاملة متساوية ضد التنظيمات الدينية المتطرفة المسلحة، شيعية وسنية. «القاعدة» أو «داعش» أو «أنصار الله»، يجب أن تصنف جميعها كجماعات إرهابية، بدلا من اختصار الإرهاب على جماعات «القاعدة» فقط لأنها توجه سلاحها للغرب".
سفن المتاعب: أمريكا وإيران انطلقتا إلى معركة في البحر
وفي مقاله " سفن المتاعب: أمريكا وإيران انطلقتا إلى معركة في البحر" بصحيفة " ذا نيويورك أوبزرفر" الأسبوعية الأمريكية، لا يكاد يرى الكاتب والمحلل السياسي الأمريكي ميخا هالبيرن في الحوثيين إلا دمية يحركها الإيرانيون، ويبدأ مقاله بعبارة محددة وصريحة حين يقول " تبادلت أيران والولايات المتحدة الأمريكية الضربات الصاروخية في بحر عدن أمام سواحل اليمن، وهو ما يمكن أن يشعل حربا خطرة في الممر المائي الرئيسي من آسيا وأفريقيا إلى أوروبا".
الصراع على باب المندب
وبعد أن يستعرض هالبيرن الصراع في اليمن بين الحكومة الشرعية والتحالف الدولي من ناحية والإنقلاب الحوثي وفلول نظام المخلوع عبد الله صالح ومن ورائهما إيران على الجانب الآخر، يلفت الكاتب النظر إلى الأهمية الشديدة لباب المندب وسعي إيران الحثيث إلى السيطرة عليه، يقول هالبيرن " من يسيطر على مضيق باب المندب يتحكم في الملاحة إلى أوروبا، واليمن في موقع استراتيجي على بوابة المضيق، لذا فإن إيران التي تفرض سيطرتها على العديد من المناطق البحرية في المنطقة، ترعى الصراع في اليمن من أجل السيطرة الكاملة على الممر البحري، إن إيران ليست جارة لليمن، لكنها تسعى حثيثا للسيطرة على باب المندب، من أجل زيادة سيطرتها وهيمنتها على المنطقة بالكامل، ولهذا لن تسمح أمريكا والقوى الإقليمية بالمنطقة بسقوط باب المندب في يد طهران".
الهجوم على ماسون
وعن الهجوم على المدمرة ماسون، يقول هالبيرن " طبقا لبيان وزارة الدفاع الأمريكية ( البنتاجون ) لم يكن الهجوم اختبارا صاروخيا ولا خطأ، بل هو هجوم صريح أخطأ الهدف لحسن الحظ"، ثم يضيف هالبيرن" إن المتحدث باسم البنتاجون بيتر كوك أعلن الولايات المتحدة سترد بالقدر الملائم على أي تهديد لسفننا أو السفن التجارية".
بعد ساعتين فقط
ثم يرصد هالبيرن أجواء مواجهة بحرية محتملة بين أمريكا وإيران ويقول " لقد نشرت إيران يوم 13 أكتوبر، المدمرة "ألوند" القتالية وسفينة الإسناد "بوشهر"، بالقرب من سواحل اليمن، وكانت السفينتان قد توجهتا في الخامس من اكتوبر الحالي الى المياه الدولية في خليج عدن ومضيق باب المندب الاستراتيجي"، ويضيف هالبيرن " إن وكالة تسنيم شبه الرسمية التي أعلنت الخبر، قالت إن السفن ستمكث هناك فترة لحماية السفن التجارية من هجمات القراصنة في خليج عدن، لكن الوكالة لم تذكر أن نشر السفينتين تم بعد ساعتين فقط من القصف الأمريكي لمواقع الرادارات الحوثية".
أمواج الحرب في الأفق
ينهي هالبيرن قائلا " الآن لدينا السفن الحربية الأمريكية والإيرانية في نفس المنطقة، وربما يحمل المستقبل أمواجا عاتية في تلك البحار".