اطلعت المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل"؛ على الاختراع الطبي السعودي "إبرة فدا"، الذي أطلقته جامعة الملك عبدالعزيز، ضمن فعاليات مؤتمر الصحة العالمي، فبراير الماضي، الذي ضم كلاً من: الدكتور عبدالكريم فدا، مدير برنامج الزمالة والدراسات العليا لقسم الأنف والأذن والحنجرة بكلية الطب بالجامعة، استشاري الأنف والأذن والحنجرة وجراحة تجميل الوجه، وزميله المخترع، مشعل هشام هرساني؛ مدير وحدة الابتكار بالجامعة.
وأشادت "ميركل"؛ بجهود فريق الاختراع السعودي الذي تلقى خطاباً من مستشفيات "هيليوس برلين بوخ" بألمانيا التي شهدت أخيراً حضوراً رسمياً سعودياً تواجدت خلاله وزارتا التعليم والصحة السعوديتان، وحظي باهتمام ومتابعة من سفارة خادم الحرمين الشريفين في برلين وملحقيتها الثقافية، بغرض تطبيق الاختراع في "هيليوس برلين بوخ" وتدريب الأطباء من خلال العمليات الحية، وعُقد مؤتمر أوروبي يستعرض الاختراع بحضور طبي وعلمي كبيرين.
وحظي الاختراع السعودي "إبرة فدا" الذي يحمل براءة اختراع رقمها 4109 من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، بمتابعة دقيقة من "سبق"، من خلال حفل كبير شارك فيه أكثر من (4400) جهة طبية وتعليمية ضمن فعاليات مؤتمر الصحة العالمي الذي استضافته دبي فبراير الماضي، وجّهت الجامعة لحضوره وفداً يضم وكيل الجامعة للتطوير الدكتور أمين بن يوسف نعمان؛ وعميد كلية الطب البروفيسور محمود بن شاهين الأحول؛ وشهد حضوراً سعودياً تمثل في سفير خادم الحرمين الشريفين في الإمارات الدكتور محمد البشر؛ ووزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة؛ والقنصل العام السعودي السفير عماد مدني؛ والدكتور مساعد الجراح؛ الملحق الثقافي السعودي في الإمارات، كما حظي حينها بمتابعة من وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى.
وتلقت جامعة الملك عبدالعزيز، عقب عرض هذا الاختراع في هذا المحفل العالمي، دعوة ألمانية لحضور فريق الاختراع، وذلك بهدف تطبيق الاختراع السعودي في مستشفيات ألمانيا وأوروبا وتدريب الأطباء على العمليات مباشرة، وهو ما أشاد به حينها مدير الجامعة الدكتور عبدالرحمن اليوبي؛ حيث سخرت الجامعة جهودها لدعم هذا الاختراع السعودي المهم، وبحث سبُل تطوير وفتح آفاق وخيارات تعليمية جديدة في ألمانيا لخريجي كلية الطب وخريجي الزمالة، وتحقيق التقدم ومواكبة التطورات العلمية والتقنية في العالم.
تدريب الألمان
بدأت المهمة العلمية لفريق الاختراع ممثلاً من خلالها الوطن لتدريب عدد من الأطباء وقيادة إجراء عديد من العمليات في مجموعة مستشفيات هيليوس التي تعدُ من أكبر المجموعات الشفائية في أوروبا وأحدثها طبياً، وتقدم خدماتها لمعالجة نحو مليوني مريض من خلال ستين مستشفى، حيث شهد الدكتور جاسر الحربش؛ وكيل وزارة التعليم للبعثات والمشرف العام على الملحقيات الثقافيةهذه الانطلاقة بحضور القائم بأعمال سفارة خادم الحرمين الشريفين في ألمانيا عدنان بوسطجي؛ والدكتور عبدالعزيز بن صالح؛ الملحق الثقافي السعودي، ومجموعة من المبتعثين في جمهورية ألمانيا الاتحادية من خلال حفل كبير بالسفارة السعودية في برلين لوفد جامعة الملك عبدالعزيز الذي يترأسهم عميد كلية الطب البروفيسور محمود بن شاهين الأحول؛ حيث أكّد "الحربش"؛ أهمية التعليم في عصر اقتصاد المعرفة الذي يشكل استثمار المواطن وبنائه وتعليمه عماد هذا الاقتصاد، إلى جانب الاهتمام بالبحث العلمي والتطوير التقني والابتكار والإبداع ودعم الكوادر الوطنية من العلماء والباحثين المتميزين والطلبة الموهوبين والمبدعين بهدف دعم التنمية والاقتصاد الوطني سواء داخل الدولة من خلال جامعاتها المنتشرة أو من خلال برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي.
تطبيق الاختراع
وواصل الدكتور عبدالكريم فدا؛ المهمة الطبية للفريق التي أشرفت عليها الطبيبة السعودية الدكتورة الشيماء القرشي؛ والحاصلة على البورد الألماني والتي تدرس تخصّصها الدقيق في الجيوب الأنفية؛ حيث أبهرت الوسط الطبي الأوروبي، ودورها كممثل للأطباء السعوديين المبتعثين في المستشفى، وجهودها في تنظيم المؤتمر العلمي الخاص بالاختراع، والتنسيق المستمر لورش العمل والمحاورات الطبية، وجدولة العمليات، وتنسيق عمليات التدريب على العمليات الحية مباشرة وبحضور يختلف في كل عملية عن الأخرى؛ حيث حرص الأطباء على حضور العمليات بهذا الاختراع من مستشفيات أوروبا كافة لرؤية التكنولوجيا المستخدمة في هذا الاختراع التي سهّلت هذا النوع من العمليات، كما تمّت مقابلة المرضى، والإرشاد الطبي الأسري، وإجراء العمليات مباشرة أمام عديد من الأطباء القادمين من مستشفيات ألمانية عدة؛ للتعرف على استخدام الإبرة في هذه العمليات، حيث عبّر الأطباء عن إعجابهم وسعادتهم بهذا الاختراع الذي تمّ في وقتٍ قصير، وتخلوا عن التدخل الجراحي المعقد ودون نزيف، وتوالى بعدها عدد من العمليات المعقدة التي تثبت في كل مرة نجاحاً فائقاً.
الفخر انتابنا
وفي خضم مهمة العمل الطبي السعودي في ألمانيا، التقى وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة؛ فريق اختراع "إبرة فدا"؛ حيث عبّر "الربيعة"؛ عن اعتزازه بهذا الاختراع الطبي الذي أنتجته جامعة الملك عبدالعزيز ويواكب عناصر الرؤية السعودية 2030، مشيراً إلى أهميته في الرفع من مستويات الخدمة الطبية في المجال ذاته، والمساهمة في تنوّع مصادر الدخل وتعزيز الصادرات الوطنية لتحول المملكة العربية السعودية إلى مملكة ذات اقتصاد معرفي، إضافة إلى تحويل الابتكارات إلى منتجات، والمساهمة في إنشاء المصانع وتوفير الفرص الوظيفية، وكذلك جذب المستثمرين للاستثمار في الابتكارات السعودية وإطلاقها عالمياً.
وقال "الربيعة": "نستشعر حجم الفخر الذي انتابنا ونحن نشاهد فريقاً سعودياً يقدم دوره كخبير لينقل التجربة السعودية في هذه الإبرة وينجح في تطبيقها خارج المملكة وفي دول متقدمة"، مؤكداً دعم وزارة الصحة مثل هذه الاختراعات التي تؤكّد التقدم العلمي والطبي السعودي في مجال الخدمات الصحية، منوّهاً بدور الجامعة التي تمثل نموذجاً حياً لتكاتف الجهود العلمية والخروج بمثل هذه الاختراعات، مثمّناً للفريق تميزه في التعاون وتقديم اختراع حاز إعجاب الوسط الطبي الأوروبي وبالذات أنه نال إعجاب مجموعة مستشفيات هيليوس التي تعدُ من أكبر المجموعات الشفائية في أوروبا وأحدثها طبياً، وهذا يؤكّد أهمية هذا الاختراع ونجاحه عالمياً.
"إبرة فدا"
اختراع "إبرة فدا" عبارة عن ابرة طبية منشارية الشكل ومتناهية الصغر، تمّ تنفيذها بتقنيتَي النانو والليزر، تقوم بنحت غضاريف الجسم عامةً، وبالأخص غضاريف الأذن، وذلك لتصحيح الأذن الخفاشية دون الحاجة إلى عمليات جراحية.
ونشأت فكرة هذا الاختراع الذي استغرق تنفيذه أربع سنوات من أرض الوطن إثر مراجعة طبية للمخترع مشعل هرساني؛ لعيادة الدكتور عبدالكريم فدا؛ قادهما الحديث عن فكرة تدور في مخيلة الطبيب فدا، وتحتاج إلى التنفيذ والتطبيق وهو ما قاد الفريق لإجراء دراسات مستفيضة وتجارب حتى خرجا بهذا الاختراع الذي يعد فتحاً طبياً جديداً في مجاله؛ ليتم تصنيعه في فرنسا وعرضه في أمريكا بجامعة "إم آي تي"، و"كليڤلاند كلينك" ومن ثم إطلاقه من معرض الصحة العالمي بإمارة دبي؛ ليتم تطبيقه أخيراً في ألمانيا عائداً بعد ذلك إلى أرض الوطن معلناً نجاح المسيرة العالمية، محققاً للرؤية السعودية 2030 في مجال الابتكار والطب والتعليم والاقتصاد المعرفي من خلال إجراء عمليات اليوم الواحد، بدلاً من تنويم المريض في المستشفى لأيام بعد العملية؛ ما يساعد على توفير الأسرّة بالمستشفيات، وتقليص العمليات الأكثر تدخلاً جراحياً إلى أقل تدخل جراحي ممكن وبفعالية أفضل، كما يساهم في تقليل وقت العملية وتقليل الآثار الجانبية على المريض من ألم وضماد وعناية، وتقليل استهلاك اللوازم الجراحية، وتحويل العملية من التخدير العام إلى التخدير الموضعي بقدر المستطاع، إضافة إلى تقليل فترة الاستشفاء ما بعد العملية، وبالتالي عودة المريض إلى حياته الطبيعية.