السُّفن لا تغرق بسبب المياه المحيطة بها،
ولكن بسبب المياه التي تتسرب إليها!
هذه الحكمة تنطبق على ما حدث لبعض فتياتنا؛ حيث حاول الغواة والمنحرفون والحاقدون لعقود مضت التأثيرَ عليهن، ولكن فشلوا بسبب أن النساء كنَّ واعيات لما يحدث رافضات لما يحاك لهن. وكانت وسائلهم محدودة ولم ينجحوا خلال الوقت القصير الذي مضى إلا عندما تسرب الانحراف في نفوس بعض الفتيات ولم يستطعن مقاومة الإغراءات وتكذيب الافتراءات واستخدامهم لوسائل متعددة وحيل مخفيّة.. فتداعت همة البعض وضعفت حيلتهن ووقعن فريسة لكل فكر شاذ وخلف كل كلب أو كلبة نابحة ضد الدين والوطن.
إن من يدرس انحراف بعض الفتيات نحو كره تعاليم الدين والعداوة للوطن والتمرد على قيم المجتمع ومحاولات الهروب؛ لَيَعلم علم اليقين أن الأعداء قد حققوا بعض ما يحلمون به وقد نجحوا في حربهم بشكل ليس بالهين، وسيتعرف إلى أسباب كثيرة وعوامل خطيرة ألخصها في ثلاثة أمور: أولها إضعاف الدور الأسري والمجتمعي في التربية حتى أصبحت الأسرة فاشلة منقادة لكل إغراء مقلدة لكل ظاهرة غريبة، أولوياتها كماليات وضرورياتها احتفالات، وتفريطها متواصل في الدين والأخلاقيات.
أما ثاني هذه الأمور فهو أخطرها وأكثر مؤثر فيها؛ وهي وسائل الإعلام وبالأخص بعض القنوات الفضائية وما تبثه من برامج ومسلسلات ومسابقات تهدم القيم وتورث الانحراف وتصور الفتاة المسلمة بأنها مظلومة مُهانة وتصور القضايا الهامشية التي تطالب بها الفتيات بأنها كارثية وظلم كبير لهن. وعززت هذه القنوات الخروج على المجتمع، وقدرت كل من يهاجم الدين، ونشرت المسلسل الهابط والرومانسية المزعومة وجعلتها الحلم المفقود، ومجدت كل تافهة وراقصة، وهاجمت كل قدوة صالحة، وبهرجت السخافة والإسفاف.
هذه القنوات ترسم صورة عن المرأة الملتزمة بثوابتها ودينها بأنها منغلقة، وكل من تخالف دينها وتخرج على قيمها بالحقوقية والقائدة..
رسموا للمرأة والمجتمع أن من تهاجم الدين والوطن والمشائخ والعلماء هي المتطورة والواعية، وأن من تمجد التافهين وتدعم كل شذوذ وتخالف الثوابت هي العصرية.
شككوهن في الثوابت ..
وأفسدوا ثقافتهن بالمسلسلات التافهة والهابطة والرسائل الإيحائية القاتلة.
رسموا للمرأة الزواج بأنه قرار خطير،
أما أن تزني برغبتها وتحمل سفاحًا فهي لم تقم بمنكر ولا بد من تفهم ظروفها ودعمها..
جعلوا المظلومية في نفس كل فتاة تصدقهم وتنخدع ببرامجهم ومسلسلاتهم..
وأما الأمر الثالث فهو فوضى مواقع التواصل والمعرفات الوهمية التي كذبت باسم الفتاة المسلمة وتقمصت الشخصية المظلومة وجعلت القضايا البسيطة في هاشتاقات يومية، وشغلت الفتاة في قضايا متكررة لتقنعها بأنها مظلومة ولا بد لها من أن تتخلص من هذا الظلم.
إن من المؤسف أن هذه الحملة نجحت على بعض الفتيات. ومن المحزن أنه لا يوجد عمل مؤسسي لفضح هذه التصرفات ومواجهة هذه الحرب.
فهل نترك فتياتنا يواجهن الموج المتلاطم والعمل الممنهج ضدهن وفي سبيل إغوائهن ونحن صامتون! أم تتحرك الجهات المعنية الرسمية والاجتماعية لمواجهة كل ما يحدق بهن من مخاطر؟.