رغم ظهوره الإعلامي النادر، لم يستغرب السعوديون الخروج التلفزيوني المنتظر لوزير المالية الدكتور إبراهيم العساف؛ للإجابة عن عشرات الأسئلة التي تقافزت أمام أعينهم، وتسللت إلى أسماعهم، منذ قرارات تعديلات الرواتب، وصرفها بالأبراج الشمسية، دون أن يجدوا إجابات شافية، تقطع قول كل خطيب.
ظهور الوزير المنتظر
اليوم عند الثامنة مساء سيطالب الآباء أبناءهم بالصمت، وسيتجاهل مشجعو الكرة لقاءات أندية أوروبا الملتهبة، وسيركن مدمنو "السوشل ميديا" أجهزتهم الخلوية جانبًا، ويعودون للتسمر أمام شاشة التلفزة؛ للاستماع إلى إجابات الدكتور العساف ورفيقَيْه عن مستقبل الوطن والمواطنين؛ للكشف عن تفسيرات الأنظمة الجديدة التي انتهجتها الحكومة السعودية توافقًا مع انخفاض البترول، والرغبة في تقويم الاقتصاد الغارق حتى أذنيه في مصروفات فائضة منذ طفرة البترول منتصف التسعينيات حتى وقتنا الحاضر.
النقد اللاذع
ضيف الثامنة لم يعتد مقابلة الإعلام كثيرًا منذ أن وضع في جيبه مفاتيح الخزائن السعودية عام ١٤١٦هـ، واحتفظ بعدها برباطة جأش نادرة، وخصوصًا في العقد الأخير، عندما تعرَّض لنقد لاذع على وسائل التواصل الاجتماعي، مرورًا ببعض المقالات الصحفية، وكأنه المسؤول عن كل الاهتزازات المالية التي مرت بها السعودية خلال السنوات الأخيرة.
أداء المالية
أزمات اقتصادية عديدة مرت على السعودية، ارتفعت خلالها الأصوات المنتقدة لأداء وزارة المالية، تارة تطالب بضبط الصرف، وتارة تطالب بصرف سخي على المشاريع التنموية، في حين كانت المرحلة الأصعب على "العساف" إبان المطالبات الشرسة التي قاد لجامها السعوديون في تويتر مطالبين بزيادة الرواتب تحت شعار #الراتب_لا يكفي_الحاجة، وتلقى خلالها سيلاً جارفًا من الانتقادات بسبب عدم تجاوب الوزارة مع تلك المطالبات، وهو الذي أثبت لاحقًا أن القرار الأنسب تم اتخاذه فعلاً.
حقيبة الـ ٢١ عامًا
لم تنتهِ الانتقادات هنا، بل إن البعض خلال أمواج الانتقادات الهادرة استغربوا بقاء الوزير في منصبه طيلة الواحد والعشرين عامًا الأخيرة، رغم حساسية هذه الحقيبة الوزارية، وحاجتها لثبات في الرؤى والتوجُّه. ولعل ما يؤكد ذلك أن وزير المالية الذي سبقه محمد أبا الخيل أمضى في منصبه واحدًا وعشرين عامًا، وعاصر ملكَيْن. وقبله وزير المالية الأمير مساعد بن عبدالرحمن، الذي أمضى أربعة عشر عامًا، وكذلك أول وزير للمالية الشيخ عبدالله بن سليمان، الذي أمضى اثنين وعشرين عامًا وزيرًا للمالية خلال عهد المؤسس - طيب الله ثراه -.
مزاجية النفط
العساف الحاصل على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة ولاية كولورادو الأمريكية عام ١٩٨١م لم يتأثر كثيرًا بتلك الانتقادات التي وصلت أحيانًا حد التجريح؛ وواصل تنفيذ برامج الوزارة المالية المرتبطة بمزاجية ذاك البرميل الأسود، الذي يشكّل كابوسًا مفزعًا لمصدّري النفط حين يتهاوى سعرًا للأسفل، ويرسم البسمة على الشفاه حينما ينطلق بسرعة الصاروخ ليصعد عاليًا محطمًا كل الأرقام القياسية.
قليل الكلام
الوزير ذو الكلام القليل لن يستمر في الصمت طويلاً؛ فاليوم ينتظره الجميع في حديث مطول، يكسر به حاجز الهرب من كاميرات التلفزة، ويرفع الغطاء عن العديد من المعلومات التي تهم جيوب ٢١ مليون مواطن، ينتظرون خروجًا نادرًا للوزير قليل الكلام؛ ليفصل لهم المستقبل المالي للبلد، ويشرح القرارات الصادرة خلال الأسبوعين الماضيين، التي تحتاج فعلاً إلى أحاديث مطولة، ووزير لا يخشى الكاميرات.