أظهرت كلمة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز حقائق مدعمة بالأرقام والإحصائيات لجرائم الإرهاب وعملياته في السعودية وما كشفته أجهزة أمنها، هذا الأسلوب التوضيحي للحقائق قلما تجد من يتحدث به، إلا أن ولي العهد السعودي يمتلك تلك القدرة لمعرفته وقدرته الأمنية والسياسية بكل الأحداث الإرهابية والسياسية .. فشمولية هذه الكلمة جعلت منها منطلقاً يمكن من خلاله الوصول إلى قراءة واضحة وسلسة للسياسة السعودية القادمة في الداخل والخارج، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ما ساهم في فهم الرسالة التي أبانها ولي العهد في الجلسة العامة لجمعية هيئة الأمم المتحدة أمس الأربعاء.
لقد اشتملت كلمة ولي العهد على رسائل واضحة لتفوق السعودية في محاربة الإرهاب وتنظيماته وفي سعيها لدعم الشعوب ومناصرتها والاهتمام بقضايها، انطلاقاً من الاتفاقيات الدولية، ولي العهد السعودي تابع العالم خطابه بإنصات لما له من مكانة مرموقة ومميزة وخاصة، ولأنه يتميز برؤى جادة ومميزة وثاقبة.
واستطاع بحنكته السياسية وحكمته الفذة في التصدي للإرهاب وكل التنظيمات الإرهابية، سواء ما كان تابعاً لعناصر إرهابية داخلية أو ما كان مجنداً من دول إقليمية، وكذلك تمكنت أجهزة الأمن السعودي من الكشف عن (268) عملية إرهابية وإحباطها قبل وقوعها، بما في ذلك عمليات كانت موجهة ضد الدول الصديقة.
وتمحورت كلمة ولي العهد في هذه الفترة القاتمة والحرجة والصعبة التي نعيشها على العديد من النقاط التي تؤرق العالم أجمع، ويعجز عن حلها إلا بقرار سياسي صارم ليضمن استقرار الشعوب ووقف نزيف الدماء في تلك الشعوب.
لقد رأى العالم اليوم في كلمة ولي العهد حقائق وإنجازات تجعل من السعودية في مكانة متقدمة في محاربة الإرهاب وفي دورها الإقليمي لحفظ استقرار الشعوب ومساهماتها في الإغاثة ودعم الشعوب لتكون من بين مصاف الدول وكذلك رؤيتها الاقتصادية 2030 التي تنطلق لمستقبل اقتصادي يسهم في نماء وتنمية السعودية في جميع جوانبها، كما أن كلمة ولي العهد حملت إنصافاً ومناصرة لقضايا كثيرة، وإن مصداقية المملكة في سياستها الواضحة والقوية والمبادرة لحل كل قضايا العرب والمسلمين والدفاع عن قضاياهم منحتها مكانة عالية بين دول العالم ليثقوا بها.
الصوت السعودي الذي اعتاد أن تنصت له الأسماع فمن منبر الأمم المتحدة ارتفع بمحاربة الإرهاب والسعي لاستقرار الشعوب، سياسياً واقتصادياً، وحيث كعادتها تبقى القضية الفلسطينية هي القضية الأولى التي تطالب السعودية المجتمع الدولي بالسلام والحفاظ على المسجد الأقصى وكذلك الأزمة السورية والوضع اليمني والليبي والعراقي وما تعانيه هذه الشعوب من حروب وتفرقة، وكذلك الاعتداءات التي تعرضت لها السفارة في طهران وقنصليتها في مشهد في يناير الماضي، تحت مرأى السلطات الإيرانية التي لم تقم بواجبها في توفير الحماية الكافية وفق الاتفاقيات الدولية الملزمة.
وكانت أبرز نقاط جوهرية في كلمة ولي العهد محمد بن نايف أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أن هيئة كبار العلماء أفتت بتحريم الإرهاب، ودور المملكة في إحباط 268 عملية إرهابية بعضها كان موجهاً لدول صديقة، وكذلك موقف المملكة التي كانت من أوائل الدول التي أدانت هجمات 11 سبتمبر، وأكدت أن محاربة الإرهاب مسؤولية دولية مشتركة، وكذلك محاربة الإرهاب تكون فكرياً وأمنياً ومالياً وعسكرياً، مشيراً إلى أن الرياض تستضيف مركز التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب.
وتطرقت كلمة ولي العهد إلى إدانة انتهاكات إسرائيل المتكررة للمسجد الأقصى وساحاته، والمطالبة مبادرة السلام العربية والتي هي أساس الحل الشامل والعادل للقضية.
وأوضحت الكلمة مساعي المملكة لحل أزمة اليمن وفق القرار الأممي 2216، حيث إن التحالف العربي دعم الشعب اليمني ضد الميليشيات المسلحة، وإن الانقلابيين رفضوا الحل السلمي ويهاجمون حدود المملكة.
وبين ولي العهد أن التاريخ الحديث لم يشهد مثيلاً للمأساة في سوريا تلك المأساة التي قتل فيها مئات الآلاف وشرد الملايين. وأشار لموقف المملكة في استقبال السوريين كأشقاء وليس كلاجئين، وحان الوقت لإيجاد حل سياسي في سوريا وفق مقررات جنيف1.
أكد على ضرورة أن تكون منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية، وكافة أسلحة الدمار الشامل، وعلى أهمية تحديد موعد لانعقاد المؤتمر الدولي لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط.
وأكد ولي العهد أن المملكة ملتزمة بتعزيز حقوق الإنسان، وحمايتها وضمانها وفقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية، وتعبر المملكة عن رفضها لاستغلال حرية الرأي في إهانة وازدراء الأديان، وتجدد توصيتها بأهمية تبني قوانين تجرّم ذلك.
وبين ولي العهد أن المملكة تدعو إلى تبني سياسات خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، والتي يجب أن لا تتحيز ضد أي مصدر من مصادر الطاقة، وأن يتم النظر إلى هذه المصادر على أنها مكملة ـ وليست بديلاً ـ لبعضها بطريقة تسهم في تحقيق التنمية المستدامة للجميع. ونشير في هذا الخصوص أن المملكة استثمرت في تطوير تقنيات جديدة لحجز وفصل الكربون ضمن جهودها للمحافظة على البيئة.
وأشار: كما ننوه بأهمية خطة التنمية المستدامة لعام 2030 م التي أقرتها الجمعية العامة العام الماضي، وقد أطلقت المملكة رؤيتها (2030) التي تستند إلى المرتكزات الأساسية المتمثلة في العمق العربي والإسلامي والموقع الجغرافي الإستراتيجي والقوة الاستثمارية، وتهدف الرؤية إلى النهوض باقتصادها، وإحداث نقلة نوعية في قطاع الطاقة والصناعة والخدمات الصحية والتعليمية والسياحية وغيرها، ما يحقق زيادة في الصادرات غير النفطية، وإيجاد بيئة جاذبة للمستثمرين المحليين والدوليين، بالإضافة إلى فتح المجال بشكل واسع للقطاع الخاص من خلال تشجيعه ليكون شريكاً رئيساً مع الدولة في توفير فرص العمل للمواطنين، وتقديم الخدمات المتطورة في كافة القطاعات بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم والإسكان.
واختتم كلمته قائلاً إن للمملكة جهداً في العمل مع المجتمع الدولي في سبيل تحقيق كل ما فيه خير البشرية، وسوف تستمر في أداء دورها الإنساني والسياسي والاقتصادي، ودعمها للجهود المتواصلة لإدخال الإصلاحات اللازمة على أجهزة الأمم المتحدة، والمملكة على ثقة أن الأمم المتحدة ستكون قادرة على الاستجابة بفاعلية لتحديات الغد، ولتنعم الأجيال القادمة ـ بحول الله ـ بالسلام والأمن والاستقرار والازدهار".