يدافع عنا في الحد وسلَّمنا ابنه للمد!

يدافع عنا في الحد وسلَّمنا ابنه للمد!

* كم كان وقع كلمات والد الطالب الشهيد نواف الأحمري - رحمه الله – مؤلماً، الذي غرق في سيول أبها يوم الثلاثاء الماضي. وهو – للمعلومية - أحد جنودنا البواسل المرابطين على الحد الجنوبي. وقد حمَّل الأحمري إدارة تعليم منطقة عسير مسؤولية ما حدث لابنه، وذلك خلال لقاء تلفزيوني بإحدى القنوات الفضائية. وقد ظهر الرجل متأثرًا، وكأن لسان حاله يقول "نحن على الحد الجنوبي نحمي حياض الوطن بعد الله وتركنا أبناءنا وراءنا أمانة في أعناقكم لكن البعض - ومع الأسف - لم يراعِ تلك الأمانة، وقصّر فيها"!

* المسؤولية - من وجهة نظري المتواضعة – لا تقع فقط على إدارة تعليم عسير بعدم تعليق الدراسة في ذلك اليوم، أو على الأقل تأجيل خروج الطلاب في تلك الأجواء الماطرة، رغم التعنت المعروف الذي يشتهر به تعليم المنطقة الجنوبية عمومًا في مسألة تعليق الدوام مقارنة بإدارات التعليم في المناطق الأخرى، رغم غزارة الأمطار التي تسقط على المنطقة، ومع ذلك نكرر بأن المسؤولية تتحملها جهات عدة، من أبرزها أمانة منطقة عسير، من خلال مشاريعها المليونية الفاشلة لدرء أخطار وتصريف السيول، وهيئة الأرصاد ومديرية الدفاع المدني تتحملان نسبة أخرى؛ لتلكئهما في إرسال التحذيرات اللازمة لإدارة التعليم.

* المحير أيضًا، الذي يثبت أننا لا نستفيد من الدروس المأساوية، هو أن حادثة نواف الأحمري كادت تتكرر بعدها بيومين فقط في المنطقة الشرقية، وبشكل كوارثي أفظع، لولا لطف الله؛ ويرجع ذلك للقرار المرتبك والمتأخر جدًّا بتعليق الدراسة يوم الخميس الماضي بعد مرور ساعة واحدة فقط على بداية اليوم الدراسي، وبعد وصول الطلاب إلى مدارسهم! وهذا فيه تخاذل كبير من إدارة تعليم المنطقة الشرقية، وعدم استفادة من حادثة مأساوية، لم تكمل الـ 48 ساعة. هذا بخلاف أن الحالة المطرية بالمنطقة كانت واضحة، وتنبيه هيئة الأرصاد أُعلن منذ وقت مبكر.

* قرار مهم وحساس ومصيري يتعلق بأرواح البشر، مثل قرار تعليق الدراسة، ينبغي أن تكون فيه آلية واضحة وصريحة، لا تخضع للتخوُّف والمزاجية، أو محاولة التنصل من المسؤولية وإلقائها على عاتق مديري المدارس المغلوبين على أمرهم. كما يجب في مثل هذه الحالات تغليب جانب درء المصائب على جلب المنافع؛ حتى لا تتكرر مأساة نواف في منطقة أخرى لا قدر الله.

* أما عن الأمطار والسيول التي أغرقت عسير والشرقية والخرج والدلم فقد جاءت لتؤكد حجم التنافس الكبير بين جميع مناطق السعودية من أجل تحطيم الرقم القياسي في عدد الضحايا والممتلكات المسجل باسم مدينة جدة؟! وأيها أكثر إنفاقًا وتبذيرًا على مشاريع التصريف الفاشلة، التي صرفت كل شيء إلا مياه الأمطار!! وأرجو ألا يخرج أحدٌ الآن ويكرر السؤال الساذج والمستهلك جدًّا، ويقول: لماذا لم تغرق الجبيل الصناعية؟ بينما الشارع الموصل لها من الجبيل البلد تحوَّل لبركة سباحة؟!

بندر الشهري

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org