وبدون مقدمات، وحتى يتم الدخول في الموضوع مباشرة، فقد تساءلت كثيراً بيني وبين نفسي عن سر تعامل الآخرين مع أبناء الوطن سواء في الخارج أو الداخل .. ووضعت بعض الإحتمالات ولكن في كل مرة كنت أكذب نفسي وأقول هي لا تتعدى كونها وساوس أو محض صدف ولكن ما يحدث مؤخراً من حرب خارجية ضد الوطن وأبنائه ومحاولات للتصيد في الماء العكر بين الشعب والقيادة، وتكرار محاولات إظهار العيوب وتضخيم الأخطاء الفردية على أنها سلوك مجتمعي سائد للمجتمع السعودي جعلتني أتمحص كثيراً فيما يحدث حولنا .. للأسف كثر الأعداء من حولنا فليست دويلة جزيرة شرق سلوى فحسب هي من تهاجمنا ليل نهار عبر (قنوات الحمقى والمغفلين)، كما أسميتها ولكن للحمقى جنود وأقلام من المغفلين من دول كثيرة، جعلت من أعينهم لا ترى من الجميل إلا كل عيب .. كما قال الشافعي (رحمه الله): " وعينُ الرِّضا عن كلَّ عيبٍ كليلةٌ وَلَكِنَّ عَينَ السُّخْطِ تُبْدي المَسَاوِيَا .. وكما قيل لم يجدوا في الورد عيباً فقالوا: "أحمر الخدين".
كتب الزميل الكاتب (محمد الساعد) مقالا جسد فيه واقع العلاقة الشائكة بين السعوديين وبعض العرب وما فيها من غرابة وتحامل وكراهية غير مبررة تجاهنا، وكما تفضل بالقول: "هم لم يأتوا إلينا متصدقين ولا متطوعين في فرق الإغاثة الدولية بل جاءوا يبيعون وقتهم ومعرفتهم ويقبضون ثمن عملهم وكدهم واستفادوا من الخدمات المقدمة بلا ضرائب ولا رسوم، ويعيش بيننا ما يقارب الـ15 مليون أجنبي، منهم على الأقل 10 ملايين عربي ما بين مصريين ويمنيين وسوريين ولبنانيين وسودانيين وفلسطينيين إضافة لجنسيات عربية أخرى"، (يعملون في القطاعين الحكومي والخاص وكذلك الهيئات وفي معظم الصناعات الرئيسية، والمصارف، والتوظيف، وشركات الإتصالات وتقنية المعلومات، وقطاعات التجزئة، والتصنيع والنفط والغاز) والغريب أن بعضهم لا يكرهوننا فقط، بل يتمنى زوالنا، وهنا تظهر علامات التعجب والإستغراب لم كل هذه الكراهية، وما الذي فعلناه لهم لنستحق منهم هذه البغضاء؟!! ومع ذلك نجد بعض الشركات في القطاعات الحساسة المشار إليها تحت إدارات وقيادات غير وطنية رغم حساسية المعلومات الإستخباراتية الهامة تحت أيديهم والتي تمكن أولئك المسؤولين من الإطلاع عليها.. سبق وأن كتبت في مقالي بعنوان: " حالمون .. لصنع عالم جديد" بتاريخ 13 رمضان 1439هـ الموافق 28 مايو 2018 تطرقت فيه لأهمية المرحلة الحالية بالنسبة لتوجهات السعودية في رحلتها لتصبح ذات ثقل اقتصادي وسياسي وعسكري بالمنطقة ،وفي ظل الأوضاع الأمنية والسياسية بالمنطقة وترقب أعداء الوطن بأمن واستقرار البلاد فإنه يجب أخذ الحذر من تمكين المواقع الحساسة في جميع القطاعات الحكومية والهيئات والشركات، وهو ما يقودنا للمطالبة بتوطين الوظائف القيادية في القطاعات الهامة وما ينتج عن ذلك من تمكين غير المواطن على تلك المهام.
هجمة .. مرتدة !!
يكمل الشافعي (رحمه الله) أبياته قائلاً: وَلَسْتُ بَهَيَّابٍ لمنْ لا يَهابُنِي ولستُ أرى للمرءِ ما لا يرى ليا .. فإن تدنُ مني، تدنُ منكَ مودتي وأن تنأ عني، تلقني عنكَ نائيا .. كِلاَنا غَنِيٌّ عَنْ أخِيه حَيَاتَه وَنَحْنُ إذَا مِتْنَا أشَدُّ تَغَانِيَا ..
نحن لم نقم ببث قنوات فضائية مأجورة كما فعل البعض ولو فعلنا لكسبنا ملايين الأصوات من مغتربين وإعلاميين ولكننا دأبنا على التجاهل، قال تعالى: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}، وقال ﷺ: «دب إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد، والبغضاء»، وكما قيل: "اصبر على كيد الحسود فإنّ صبرك قاتله، كالنّار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله"..
قامت حكومتنا بجهد كبير للنهوض بالبلاد وشبابها وكان على رأس الأولويات تمكين الشباب وإعداد كفاءات المستقبل، ولذلك يجب ان نواجه هذه الأحقاد من أعدائنا ومن يتواطئون معهم في الداخل والخارج، بأن تتناغم جميع القطاعات وبدعم رقابي كبير من الجهات المعنية وعلى رأسها: هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، ومؤسسة النقد العربي السعودي، ووزارة العمل والتنمية الإجتماعية، ووزارة التجارة والإستثمار وهيئة السوق المالية وغيرها للتصدي للقطاعات والشركات والمنظمات التي لازالت تكابر وتعاند من تمكين المواطن ليكون الصانع والشريك الأول لتحقيق منهج تكاملي ناجح مع رؤية 2030 وبدعم مليكنا وولي عهده الأمين (حفظهم الله)، نحن الأحق بالمشاركة في صناعة النجاح وتحقيق الرؤية .. كيف لا؟! ونحن جزء من الشغف والطموح لتجسيد الحلم الوطني الأول في وطن يمتلك كل عناصر النجاح. ومهما: "كثر حسادنا فهذا شهادة لنا على النجاح" وكما قيل: "إذا لم تجد لك حاقداً فاعلم أنك إنسان فاشل"، ولأن مكاننا الطبيعي هو الصف الأول بين دول العالم الأول، فلنحلق عالياً في مكاننا الطبيعي، ولنترك للغربان تراقصهم على جثث الفشل، ودام عزك يا بلادي.