بعد تقرير الميزانية الأخير.. كيف تنجح السعودية في عكس التوقعات؟!

حافظت على سياسة أولوية الإنفاق لصالح المواطن
بعد تقرير الميزانية الأخير.. كيف تنجح السعودية في عكس التوقعات؟!

في 14 ديسمبر 2016 نشرت وكالة "رويترز" تقريرًا بعنوان (السعودية تروض «العجز» في ميزانية 2017)، قالت فيه إن مصرفيين عالميين يتوقعون أن تحقق السعودية تقدمًا كبيرًا في ضبط المالية العامة بصورة لم يكن يتوقعها الكثيرون، وأن يواكب ذلك نجاح أكبر في خفض عجز الميزانية، سيسمح لها بالإنفاق بصورة أكبر على دعم النمو الاقتصادي، والتركيز بصورة أكبر على الإصلاحات الاقتصادية ودعم نمو القطاع الخاص، وتنويع الدخل بعيدًا عن النفط.

كسر التوقعات
ومع إعلان السعودية على لسان وزير ماليتها محمد الجدعان البارحة الأحد 19 نوفمبر 2017م أرقام التقرير الربعي لأداء الميزانية العامة للمملكة العربية السعودية للربع الثالث من السنة المالية 1438 / 1439هـ (2017م) نستطيع القول إنه طوال الزمن الفاصل من وقتها إلى الآن والسعودية تواصل تحقيق كسر التوقعات السلبية بالرغم من تنامي الكساد العالمي، وتمكنت من الإعلان مرحليًّا خلال أرباع العام (2017) عن تقدُّم غير متوقع إيجابيًّا في مواجهة العجز، ورفع العائدات غير النفطية بشكل كبير، وبأرقام مليارية.

التقرير الذي كشف عن تقدم ملحوظ في أداء ميزانية الدولة لهذا الربع تمثل في مزيد من التحسن بالإيرادات، ورفع كفاءة الإنفاق العام، وتراجع العجز، مع المحافظة على مستوى الخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين في أولويات الإنفاق الحكومي.

خطوات واسعة
التقرير الذي حفل بالكثير مما يجدر تأمله يمكن تلخيص أبرز ما ورد فيه في تمكُّن الدولة – بفضل الله – من التقدم خطوات واسعة ضمن تحقيق أهداف برنامج التوازن المالي 2030، وتخطي منجز الربع الثالث من 2016 من ناحية رفع الإيرادات غير النفطية، والاستمرار في ترشيد الإنفاق، والتركيز على الضخ في الشرايين ذات الأولوية في الدولة، مثل التعليم، والصحة، والخدمات البلدية التي حازت 44 % من مصروفات الميزانية في هذه الفترة.

ما هو جدير بالإنصاف أيضًا تأمُّل ما قاله وزير المالية: "بالرغم من التحديات الاقتصادية التي لا تزال قائمة إلا أن الإصلاحات والإجراءات الاقتصادية التي جاءت في برنامج تحقيق التوازن المالي ضمن رؤية السعودية 2030 أثبتت فاعليتها؛ إذ أسهمت في إيجاد المزيد من الإيرادات غير النفطية.. ونحن نحرز تقدمًا في بناء اقتصاد أقوى وأكثر تنوعًا".

ثقة دولية
وهو أمر واقع فعلاً مثلما هو "مفاجئ" إيجابيًّا؛ ما انعكس على تقييمات مؤسسات عالمية رائدة نحو الاقتصاد السعودي، مثلما شهد بذلك تقرير صندوق النقد الدولي - كما يقول الجدعان- سواء تجاه توقعاته بتعزيز النمو على المدى المتوسط؛ ما يدل على وجود ثقة كبيرة في الاتجاه الذي نسلكه، أو إزاء توقعاتنا المالية والاقتصادية على المدى الطويل، واهتمام المستثمرين الدوليين الكبير بالسعودية، بدلالة أننا نجحنا مرة أخرى في الاستفادة من أسواق السندات الدولية؛ ما يعكس الثقة المتزايدة في اقتصاد السعودية، والأسس القوية لهذا الاقتصاد. كما أن اهتمام المستثمرين كان واضحًا من واقع حجم المشاركة في (مبادرة مستقبل الاستثمار) التي نظمها صندوق الاستثمارات العامة الشهر الماضي في الرياض.

لقد عملت "الرياض" دون توقف أو كلل خلال الشهور الماضية، واستخدمت أقوى وأبرز أوراقها؛ ما جعلها محط أنظار العالم في مناسبات عديدة، جذبت في إحداها أقطاب الاقتصاد في العالم، واستضافت في أخرى زعماء العالم، وهو أمر أيضًا يؤكد نجاح الخطط السعودية الرائدة في هذا المجال.

أولوية للمواطن
ومما هو جدير بالتأمل أيضًا أنه خلال ذلك كله سعت السعودية بأقصى جهودها إلى أن يبقى المواطن بمعزل عن "ألم" الإصلاحات بأقصى درجات الممكن، وحتى إن كان عرضة لها في جوانب ثانوية فقد وضعت العديد من الاحتياطات لتمكنه من عبور المرحلة بأمان.. بل إنها ما زالت تواصل تأجيل العديد من تلك الإصلاحات، خاصة التي قد تمس مجالات حيوية، حتى يكون الوقت أكثر مناسبة.. ومع التفاؤل الكبير نتيجة المنجزات المتتالية في تحقيق مواجهة العجز، ورفع الإيرادات غير النفطية، فإن المستقبل واعد جدًّا.

وبلغة الأرقام فالمفاجآت السارة قادمة - بإذن الله - فإيرادات السعودية - وفقًا للتقرير الأخير الذي كشف عنه وزير المالية - تؤكد ارتفاع إيرادات الميزانية السعودية خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري إلى 450.12 مليار ريال، بنسبة 23 % عن إيرادات الفترة نفسها من العام الماضي التي كانت 366 مليار ريال.

سياسة ذكية
وأغلب الإيرادات جاءت من سياسة ذكية للحكومة، كانت أبرز أوراقها وحـدات الحكومـة، مثل مؤسسـة النقـد العربـي السـعودي وصنـدوق الاستثمارات العامة، إضافة إلى مبيعـات مـن قبل منشـآت سـوقية (الدخـل مـن الإعلانـات ورسـوم وأجـور خدمـات الموانـئ) والرسـوم الإداريـة والغرامـات والجـزاءات. كما مثلت الإيرادات الأخرى نسبة 54.5 % من إجمالي الإيرادات غير النفطية المحققة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري البالغة 142.8 مليار ريال، التي ارتفعت بنسبة 6 % عن الإيرادات غير النفطية المحققة في الفترة ذاتها من العام الماضي التي بلغت 134.2 مليار ريال.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org