حادث مروري وقع لصديقتها، جعلها تحتاج لنقل الدم بشدة، ووجدت صعوبات بالغة في إيجاد متبرعين من نفس فصيلة صديقتها النادرة كان كفيلاً بتغيير مجرى حياتها، ونظرتها للأمور، ومن هنا قفز إلى ذهنها السؤال التالي لم لا يتم الربط بين المستشفيات وبنوك الدم بالمتبرعين إلكترونياً؟ لتسهيل الوصول إليهم؛ لإنقاذ الحالات الحرجة؛ حتى لا يتعرض آخرون لما تعرضت له صديقتها التي كتب الله لها النجاة.
إنها الشابة السعودية "معدية محمد العمري" صاحبة فكرة مشروع "سافينو" للتبرع بالدم، التي أخذت على نفسها عهداً بضرورة توفير حلول بديلة، تسهل من الوصول إلى المتبرعين بطرق تقنية حديثة.
فكرة المشروع ونشاطاته
الفكرة التي بدأت مع النسائم الأولى لعام 2017م تتلخص في توفير منصة إلكترونية تختص بالدم، وتقول "العمري" مؤسسة المشروع لـ "سبق" حول آلية عمل المنصة وفكرتها، إنها عبارة عن: "تطبيق يربط بين المستشفيات وبنوك الدم بالمتبرعين إلكترونياً؛ حيث يتم من خلالها معرفة أقرب متبرع، ونوع فصيلته؛ لتسهيل الوصول إليه في الوقت المناسب".
وتضيف: "قمنا بحملات عدة، ومن أبرزها ما قدمناه بالتعاون مع بنك الدم بمحافظة القنفذة، وهي حملة أخوات الحد الجنوبي، والتي تحمل رسالة عظيمة لأبطالنا البواسل، إن جميع أفراد المجتمع يقدمون دماهم فداء لكم، ولاقت حينها صدى واسعاً".
وتردف: "بعد نجاح حملة الحد الجنوبي طُلب منا تقديم محاضرات وحملات نسائية على مستوى مكة وجدة والقنفذة من قبل الجمعيات والأندية التطوعية في الجامعات، وهذا مؤشر قوي جداً على تقبل المجتمع للفكرة، ودورنا يكمن في إقامة مثل هذه الفعاليات، إضافة إلى البحث وتسجيل المتبرعين في قاعدة البيانات؛ لنتمكن من ربطهم بالمستشفيات وبنوك الدم وفقاً لنوع فصائلهم وأماكن تواجدهم".
وتتابع "العمري": "الحملات التي قدمها سافينو للتبرع بالدم حصلت على المركز الثاني في ملتقى مكة الثقافي، وتم تكريمي من قبل أمير المنطقة خالد الفيصل، كما حصلنا أيضاً على المركز الأول في الخدمة المجتمعية بجامعة أم القرى".
سبب التسمية
استطاع الفريق الذي يتكون من 7 أعضاء في فترة قصيرة من إقناع نحو 3000 متبرع ومتبرعة من جميع مناطق المملكة للتسجيل في مشروع "سافينو"، فضلاً عن المتطوعين مع الفريق للتعريف والتوعية بثقافة التبرع بالدم.
واشتق المشروع لنفسه اسم "سافينو" من أطول وريد في جسم الإنسان على طول الطرف السفلي، الذي يكون مطموراً تحت الجلد، وهو الوريد السطحي للساق، ويطلق عليه بالعربية "وريد الصافن الكبير".
المرأة لا تتبرع!
وعلى الرغم من الهدف النبيل للمشروع إلا أنه واجه موجة استنكار من بعض أفراد المجتمع، الذين أبدوا اندهاشهم من تبرع المرأة بالدم! وهو ما تحاول الشابة السعودية بمساعدة أفراد فريقها من تغييره، وتثقيف وتوعية المجتمع بأهمية التبرع، سواء للرجال أو النساء، ووضع الحساسيات جانباً، بحسب تعبيرها.
وللتبرع فوائد أخرى هامة، وتحكي "العمري" عن واقعة حدثت أثناء تبرع إحدى النساء بالدم: "أثناء إقامتنا إحدى الحملات تبرعت إحدى الأخوات وتم اكتشاف أنها مصابة بفيروس الكبد الوبائي لأول مرة، وهو ما مكنها من الشروع في تلقي العلاج سريعاً".
قدرة على تنظيم الوقت
ولا يعيق العمل التطوعي الشابة السعودية التي تبلغ من العمر 23 عاماً، وتدرس الطب والجراحة في جامعة أم القرى بالقنفذة، وسفيرة للإبداع عن جامعتها في وادي السيليكون بالولايات المتحدة، وعبرت عن قدرتها على تنظيم أوقاتها، برغم مشاغلها بقولها: "الحقيقة كوني طالبة طب أجد صعوبة في ذلك، ولكن حبي للتطوع، وإيماني بفكرة المشروع والفائدة التي لمسها المجتمع منه جعلني أنظم وقتي، وأبذل قصار جهدي، وأن أستمر بنفس العطاء".
وأشارت "مؤسسة المشروع" إلى أنها تسعى مستقبلاً إلى اعتماد المشروع كجمعية صحية، وكذلك عقد شراكات مع الجهات التي تدعم مثل هذه المشاريع غير الربحية؛ لتحقيق الاستدامة والفائدة منها؛ لكون المشروع يفتقد للدعم المادي المؤسسي الثابت.