"الفساد" و"المفسدون" تَسَبّبوا في أزمة السكن واحتكار الأراضي والبطالة والاقتراض.. والمعادلة تغيرت الآن

المواطنون فرحون بقرارات الملك سلمان التي أكدت أن الجميع سواسية ومن يخطئ سوف يدفع الثمن
"الفساد" و"المفسدون" تَسَبّبوا في أزمة السكن واحتكار الأراضي والبطالة والاقتراض.. والمعادلة تغيرت الآن

- محاربة الفساد من الأعلى للأسفل جعلت كل فاسد يخاف حتى من "رنة جواله"؛ فلا حماية لهم مهما كانت مراكزهم.

- القضاء على النماذج الفاسدة ومعاقبتها يحقق الوقاية المجتمعية والشعور بالاستقرار والأمن والعدالة.

- الخبير الاقتصادي عبدالحميد العمري: الفساد يؤثر على اقتصاد أي دولة.. فالاحتكار أدى لتفاوت الدخل في المجتمع.

- الباحث في قضايا التنمية الدكتور فيصل العتيبي: النهب والسرقة من المال العام وتعثر المشروعات ممارسات شيطانية في جسد المجتمع.

- أستاذ علم الاجتماع صالح العقيل: الفساد يُفقد المواطن الثقة والولاء ويؤثر على الهوية الوطنية ويُضعف انتماء الفرد للدولة.

يُعَد الفساد العدوَّ الأولَ للتنمية في أي مجتمع، ومن الصعب رسم أي واقع مشرق في ظل وجود تلك الآفة التي تستشري كالسرطان في المجتمع؛ ولذا كان توجيه الدولة قبضتها القاصمة لمحاربة هذا العدو الذي يهدد كل المجتمعات.

يؤكد متخصصون لـ"سبق" أن الدول التي تتصدى للفساد تستطيع أن تصعد في سلم النهضة والتقدم بخطوات متسارعة؛ متوقعين أن يستشعر المواطن نتائج محاربة الفساد في النصف الثاني من عام ٢٠١٨م متمثلة في: (زيادة فرص العمل، وخفض معدلات البطالة، وتحسين جاذبية بيئة الاستثمار، واجتذاب رؤوس الأموال)؛ مما سوف يصب في مصلحة للمواطن وارتفاع مستويات الدخل.

تناقش "سبق" تأثير الفساد على المجتمع، وتداعياته المختلفة.

الْتقت "سبق" بعدد من المواطنين الذين عبّروا عن سعادتهم بالأوامر الملكية التي صدرت لمحاربة الفساد داخل المجتمع، ووصف المواطن "معاوية السعيدي" القرارات الملكية بالضربة القاصمة لكل مفسد؛ معرباً عن سعادته بمحاربة الدولة للفساد والوقوف في وجه المفسدين كائناً من كانوا.

بينما يرى "أبو فواز" أن محاربة رأس الأفعى سوف يردع كل المفسدين في مختلف المجالات، وسوف تؤكد للجميع أنه لا فرق بين الكبير والصغير والغني والفقير، ومن هو ذو نفوذ والأقل؛ فالجميع سواسية، ومن يخطئ سوف يدفع الثمن مهما كانت سلطته.

أما محمد العنزي فيشير إلى سعادته بمحاربة الفساد الذي أشعر المواطن بالثقة والأمن.

تحجيم الفساد

ومن جانبه يرى الباحث في قضايا التنمية المستدامة الدكتور فيصل العتيبي، أن الفساد يُعَد من الأمور النسبية، ولا توجد دولة في العالم تخلو منه؛ ضارباً المثل بأوروبا التي تَصَدّرت في مؤشر مدركات الفساد الأخير لعام ٢٠١٦ دول العالم الأقل فساداً؛ وهذا لا يعني انعدام الفساد لديها.. ومن جهة أخرى وفي نفس قائمة مؤشر مدركات الفساد وقعت السعودية في المركز الرابع عربياً؛ ولذا علينا ألا نخشى من الحديث عن الفساد أو الاعتراف به.

وأوضح أن مكافحة الفساد في حد ذاته؛ تُعَد وقفة جادة في وجه المفسد أينما كان، وتدل على عزم الدولة لمحاسبة من يقوم بهذا العمل المشين سواء كان "مالياً، أو إدارياً أو أخلاقياً".

وأكد أن نتائج محاربة الفساد حدثت بالفعل من خلال إحداث الصدمة في المجتمع بالوقفة الجادة، كما أنها تكفي لعمل ردع لكل مَن تسول له نفسه ممارسة أي من أوجه الفساد؛ لافتاً إلى أن أي حملة ضد الفساد لا تزال تحت التحقيقات والمراجعة، ولا يمكن الحكم على أي شخص ما لم يصدر حكم قضائي تجاه؛ بيْد أنها أكدت للمجتمع أنه لا يوجد أحد أكبر من القانون؛ وهو ما يضمن سلامة وأمن المجتمع.

وعن العلاقة بين التنمية والفساد، أجاب "العتيبي" قائلاً: أينما ترعرع الفساد ضعفت التنمية وانزوت، ويبدأ المجتمع في المعاناة من ويلات النهب والسرقة من المال العام وتعثر المشروعات وكل ما يتعلق بتشجيع ونمو الاقتصاد؛ ولذا لا نبالغ إذا اعتبرناه نبتة وممارسات شيطانية في جسد المجتمع.

وتابع: من المستحيل أن تنهض دولة لا تقوم بتطهير مجتمعها من كافة أوجه الفساد بشكل جادّ، والسعي إلى تحجيمه في أدنى درجاته؛ حتى لا يؤثرعلى التنمية المجتمعية.

تشوه اقتصادي

من جهته أوضح الخبير الاقتصادي عبدالحميد العمري، أن للفساد تأثيراً كبيراً على اقتصاد أي دولة؛ فكلما استشرى الفساد في المجتمع؛ زادت خطورته ومساهمته في إصابة الهيكل الاقتصادي بتشوهات تؤثر عليه سلباً، وضرب مثلاً ببعض أنواع الفساد وتأثيرها السلبي، قائلاً: زيادة الاحتكار أدى إلى تفاوت الدخل بين أفراد المجتمع ونتج عنه وجود طبقة غنية جداً مقابل طبقات محدودة الدخل والفارق بين الطبقتين كبير.

ولفت إلى أن عدداً من الأزمات نتج من استفحال الفساد، وأهمها أزمة الإسكان التي عاشها المجتمع السعودي خلال الثلاثين سنة الماضية بسبب زيادة احتكار الأراضي وارتفاع معدلات البطالة؛ برغم توفر فرص العمل؛ مُرجعاً السبب إلى الأموال التي انساقت خلف الأصول وتضخمت حتى صار هناك "تشحيح" للسوق؛ مما أغرى الأموال النظيفة بالانجراف وراء الأموال غير النظيفة لتحقيق مكاسب سريعة.

وتابع: زيادة استقطاب القطاع العقاري للأراضي تَسَبّب في سحب السيولة الموجودة إلى هذا الأصل على حساب القطاعات الأخرى؛ مما أضر بالاقتصاد، كما أن ارتفاع التضخم أدى بدوره إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج والمعيشة؛ مما أوقعنا في تلك الحلقة المفرغة التي أثرّت وأضرّت بالنمو الاقتصادي وزادت من صعوبات الحياة.

وأشار إلى أن المجتمع وحده هو مَن يدفع ضريبة هذا الفساد.

وعن النتائج السلبية للفساد؛ أجاب "العمري" قائلاً: ارتفاع المعيشة مع تباطؤ الدخل؛ أدى إلى تعويض الارتفاع بالاقتراض من البنوك؛ مما أدى إلى خلل في الحياة المعيشية للأفراد.

وأعرب عن أسفه من وقوف الفساد كعقبة في وجه أي تطور أو حلول للإصلاح؛ ولذا لا نبالغ إذا اعتبرناه سرطان الاقتصادات المعاصرة.

محاربة الفساد

وعن دور الدولة في الوقوف أمام الفساد والمفسدين، رأى الخبير الاقتصادي أن الدولة السعودية تسعى منذ أمد طويل لمحاربة الفساد باستخدام "الطريقة الناعمة" من عام ٢٠١١ إلى ٢٠١٧م، وكان الفساد ينتصر ويتوسع، ونرى الفاسد يتحدث بصوت مرتفع؛ ولذا كان التوجه الأخير بمحاربة الفساد من الأعلى للأسفل حتى تغيرت المعادلة تماماً، وأصبح الفاسد في هذا الوقت لا يأمن بل يخاف ويقلق حتى من "رنة جواله" فلا يوجد حماية للفساد مهما كان مركز صاحبه.

وأكد أن الضربات الحكومية لدوائر الفاسدين في القطاعين الحكومي والخاص؛ ستؤدي إلى نتائج مبشرة وسريعة؛ متوقعاً حدوث تحول وتطور إيجابي في الاقتصاد السعودي خلال الثلاث سنوات القادمة، وقال: البيئة التي تحارب الفساد هي أكبر ضمان لعدم وجود الفاسد، وهو ما تسعى الدولة لتحقيقه الآن.

وتوقع "العمري" مع رجوع الأموال التي أُخذت بشكل غير مشر وع؛ أن يتلمس المجتمع النتائج الإيجابية بشكل سريع خلال النصف الثاني لعام ٢٠١٨، والذي سوف يساهم بشكل كبير في تحسين زيادة جاذبية بيئة الاستثمار محلياً، وزيادة فرص العمل كما ذكرنا من قبل.

الوقاية المجتمعية

وعن التأثير الاجتماعي للفساد وأثره على الفرد؛ أجاب أستاذ علم الاجتماع المشارك في جامعة المجمعة الدكتور صالح العقيل قائلاً: المجتمع ما هو إلا بناء اجتماعي له عدة أنساق يؤدي كل منها دوره، وإذا اهتزت وظائف أي نسق تؤثر بالسلب على بناء المجتمع واستقراره، وبالرغم من كون الفساد مرضاً اقتصادياً في المقام الأول؛ بيْد أن تأثيرة يمتد إلى الحياة المجتمعية، وينعكس سلباً على حياة المجتمع، ويشعر به المواطن؛ ولذا جاء نظام مكافحة الفساد من أجل الحفاظ على مقومات المجتمع.

ورأى أن الفساد لعب دوراً في إضعاف خطة التنمية المجتمعية وعدم القدرة على تحقيقها بالشكل الأمثل، كما أنه أثّر على فرص تطوير الحياة الشخصية للأفراد؛ لافتاً إلى خطورة تلمس الفرد للفساد الذي قد يفقده الثقة والولاء ويؤثر على الهوية الوطنية للبعض؛ حيث يُضعف انتماء الفرد للدولة بسبب عدم شعوره بالأمان وغياب العدالة في توزيع الفرص وهو ما يؤلم الفرد في أي مجتمع.

وتابع: وعلى العكس؛ نجد المواطن يفرح حال وقوف الدولة ضد المفسدين، وترتفع قيمة الحكومة، ويشعر بقيمته داخل المجتمع، وبدور الدولة في حفظ الحقوق، ولفت إلى وجود علاقة طردية موجبة كلما زاد اهتمام الدولة بمكافحة الفساد؛ زاد انتماء الفرد لدولته.

مؤكداً أن القضاء على الفساد يعد مؤشر مهم لأمن المجتمع، وموضحاً أن أهم ما يميز الحكومة السعودية هو حرصها على تأمين الحياة للأجيال القادمة ومحاربة أوجه الفساد والمفسدين كافة.

وأضاف أن الدولة تقوم بعملية علاج ووقاية في نفس الوقت من أجل بناء مجتمع نظيف خالٍ من الفساد.

وختم حديثه لـ"سبق" قائلاً: القضاء على النماذج الفاسدة والتحقيق معها ومعاقبة المخطىء؛ له دور كبير في ردع الآخرين وتحقيق الوقاية المجتمعية والشعور بالاستقرار.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org