"عشرة عشرة" وخوف المجتمع!!

"عشرة عشرة" وخوف المجتمع!!

يُعد خوف المجتمع وحرصه على المرأة من الأمور المحمودة، بيد أن سياقة المرأة السيارة يجب ألا تتحول إلى هاجس لديه، خاصة أنها أصبحت من الضروريات الملحة، التي فرضها إيقاع الحياة المتسارع، كما نتفهم أن الرافضين ما زالوا متخوفين من المجهول، ومن شيء جديد على المجتمع، لكن بعد مرور فترة من تطبيقه سيرون أن الموضوع ليس فيه تلك المخاوف الشديدة..

إن تطبيق القرار –بمشيئة الله تعالى- "اليوم" الأحد 10 شوال 1439هـ، الموافق 24 يونيو 2018م، لا يعني خروج كل النساء في هذا التاريخ بسياراتهن في الشوارع؛ لأن ذلك أمر بعيد التصديق؛ فسياقة السيارة ليست مسألة هينة (طقها وألحقها)، بل الأمر أكثر تعقيدًا من ذلك.

بل أتوقع أن أغلب المتمرسات في القيادة، خاصة العاملات، سيتراجعن عن السياقة، في الوقت الحالي، وحجتهن في ذلك أن السائق أفضل وأنجع، أولاً بسبب الزحام الشديد في الشوارع والطرقات، خاصة ممن سيقدن في المدن الكبرى، مثل مدينة الرياض، وما تعانيه من كثرة الزحام بسبب مشروع "قطار الرياض" والذي سينجز حسب ما خطط له بعد سنتان من الآن، وثانيًا لصعوبة إيجاد موقف (Parking) لـ(تصف) سيارتها به. ( وهذه المعضلة ستكبر مثل كرة الثلج، إذا لم تسارع الأمانات في إصدار قرار يتم فرض (إيجاد) مواقف في كل عمارة تجارية، وليس كما هو معمول به (ستة أمتار فقط عن الشارع)، بل يجب أن يتم عمل (بدروم) للمواقف، أو تخصيص الدور الأرضي عبارة عن مواقف للسيارات، وأتوقع أن نساءنا سيواجهن هذه المعضلة "الإشكالية" خاصة ممن ستدور عجلات (كفرات) سيارتهن في شوارع المدن الكبيرة؛ أما اللاتي لم يسبق لها قط القيادة، فإن استخراجها للرخصة ليس (نهاية المطاف) وليست (شهادة إثبات) إذ إن المرأة لو قرأت ألف كتاب خاص بتعليم السياقة وهي لم تقم "قط" من قبل بخوض التجربة بنفسها، وتسوق في شوارع المدينة الرئيسة "المكتظة" بالسيارات، فإنها لن تتمكن من السياقة بالطريقة الصحيحة.. حتى لو رأت نفسها أنها تمكنت "نجحت" في سياقة سيارتها في الصحاري "البراري" والمخططات الخالية؛ فهذا لا يعني أنها ستتمكن في الشوارع والطرق الرئيسة؛ فهذه الأماكن ليست إثباتًا (دليلاً) على الجدارة والقدرة الكافيتين، كما أنها ليست مقياسًا لمهارة "الإدراك المكاني"؛ لأن السياقة في شوارع القرى والمدن الصغيرة تختلف اختلافًا كبيرًا عن شوارع وطرق المدن الكبيرة. كما أن المرأة أيضًا لن تتمكن من السياقة إلا بعد تجاوزها سلسلة من التدريبات والاختبارات، ومعرفتها التامة بالقواعد وأنظمة السلامة المرورية التي تؤهلها للحصول على (رخصة السير)؛ لذا ينبغي على المرأة التي ليس لديها أبجديات (ألف باء) السياقة عدم الاستعجال والاندفاع قبل أن تتمكن من التدريب الكامل والتطبيق العملي مع مدربتها (ممرنتها) في شوارع المدن الرئيسة بمعدل لا يقل عن 30 ساعة (سياقة حقيقية)؛ لأن الكثير من نسائنا يجهلن "أبسط" أبجديات السياقة، وفي الوقت نفسه يرونها سهلة (وهذا ما تم رصده عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعد الإشهار بتطبيق القرار)، وسيُفَاجَأْن عند أول محاولة للسياقة بالكم الهائل من المعلومات والمهارات المطلوبة ليُتقنَّها بالشكل الصحيح؛ لأن الاستعجال في هذا الأمر سينتج منه مشاكل مؤكدة، ربما تعود عليهن بالسلب، أو يعرضهن إلى "فوبيا" من سياقة السيارة طوال حياتهن؛ إذ أكدت دراسة "علمية"، أُجريت مؤخرًا في (لندن)، أن "المرأة تواجه بعض الصعوبات أثناء السياقة، مثل أنها لا تملك المهارة التي تمكنها من معرفة الطرق، أو التعامل مع الأجهزة الإلكترونية في السيارة؛ إذ تعتمد النساء أكثر على اللافتات الموضوعة في الطرق أكثر من اعتمادهن على أجهزة الملاحة الإلكترونية GPS ؛ ما يسبب ارتباكها وانحرافها عن المسار الصحيح. كما أنها تجد صعوبة في صف السيارة على جانب الطريق". وذكرت دراسة "علمية" أخرى، أجريت في (أمريكا)، أن "النساء لا يُجدِن استخدام المرايا المثبتة على جانبَي السيارة.. مع قلة المهارة في الرجوع بالسيارة إلى الخلف. كما أن النساء يستغرقن وقتًا أطول من الرجال في الحصول على (رخصة السير!!). وأوضحت الدراسة أن الفتيات بين 18 و25 عامًا يسقن غالبًا بسرعة، ويرتكبن مخالفات خطرة، مثل عدم الانصياع للإشارة الحمراء، أو تجاوز السرعات المقررة.. وعادة ما يتسببن في حوادث سير. كذلك مهارة (الإدراك المكاني) أمر حاسم بالنسبة إلى حسن السياقة؛ فالإدراك المكاني يتضمن استيعاب موقع الأشياء بالنسبة إلى بعضها، وبالنسبة للسياقة يعتبر (الإدراك المكاني) أمرًا حاسمًا للحفاظ على أمن السائق والركاب. ولأن (الإدراك المكاني) يرتبط بهرمون (التستوستيرون) الذكوري فمن الواضح والمؤكد أن المرأة لا يمكن أن تمتلك مهارة مكانية جيدة مثل الرجل؛ لأن لديها كمية أقل من هذا الهرمون؛ ما يعني أن المرأة أسوأ من الرجل في الحكم على المسافات". (هذه الدراسات "العلمية" أُجريت وطُبّقت في مجتمعات (غربية)، النساء لديهم "متمرسات"، ويُجِدن استخدام السياقة منذ "مبطي" مئات السنين، فما بالكم بالنساء في مجتمعنا اللاتي يعتبرن "لسة" سنة أولى "تمهيدي" في المرحلة الإعدادية؟

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org