مثّلت العلاقات السعودية الأمريكية منذ قيامها في عام ١٩٤٥، ركيزة وضمانة حقيقية لمصالحهما ولأمن منطقتنا العربية.. وبرغم عمق وأهمية هذه العلاقات التاريخية؛ فإنها شهدت في كثير من المراحل شدًّا وجذبًا، كما شهدت تباينات كثيرة في معالجة بعض قضايا المنطقة والعالم؛ لكنها كانت مستمرة ولم تنقطع؛ إلا أن بعض الإدارات الأمريكية المتعاقبة مؤخرًا على البيت الأبيض، عمدت إلى إثارة الجدل وخلق الشبهات بشأن مستقبل هذه العلاقات؛ وتحديدًا في عهد أوباما ثم حاليًا في عهد إدارة الرئيس بايدن، الذي نقل عنه قوله إن "القواعد تتغير"، متجاهلًا حقيقة أن السعودية مفتاح كل حل؛ بل إنه بادر منذ أيامه الأولى في المكتب البيضاوي إلى خطوات استفزازية للمملكة والمنطقة منها:
- رفع المليشيا الحوثية الإيرانية من قائمة الإرهاب رغم إرسالها الصواريخ والمسيرات على السعودية.
- إعلانه إيقاف تقديم الدعم اللوجستي للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.
- حرصه وسعيه للعودة لاتفاق 5+1 حول برنامج إيران النووي بدون ثمن إيراني!
- ومؤخرًا رفعه ما أسماه بالسرية عن علاقة مزعومة للسعودية بأحداث 11 سبتمبر، في خطوات متوالية ومتصاعدة أثبتت وجود نوايا غير مطمئنة من هذه الإدارة تجاه العلاقة مع السعودية؛ مما أحدث تباينًا كبيرًا في رؤى الجانبين.
وبرغم ذلك، ومع الاعتراف بأن العلاقات بين البلدين لم تصل لمرحلة أزمة؛ لكنها مؤكدًا تحتاج إلى مراجعات شفافة وصادقة تحفظ ما بناه قادة البلدين عبر التاريخ من مصالح ومنافع للبلدين والشعبين الصديقين، كانت آثارها ملموسة عالميًّا، وتحفظ حقوق الجانبين، مع تذكر إيمان وإدراك الرياض وواشنطن أن استمرار هذه العلاقة أمر حيوي وحتمي طالما استمر الاحترام والندية.
واشنطن تعلم وتدرك جيدًا مكانة المملكة العربية السعودية ودورها عربيًّا وإسلاميًّا ودوليًّا، وعليها ألا تخاطر أبدًا بأي أعمال قد توقف أو تضر بهذه العلاقات التاريخية التي تخدم المصالح الأمريكية كما تخدم المصالح السعودية، وأن استمرار الضغط سلبيًّا على العلاقات مع السعودية؛ سيُحَتّم على الأخيرة أن تواصل تعميق وتعديد سلة تحالفاتها مع قوى منافسة لواشنطن؛ مما سيقوي من نفوذ هذه القوى على حساب المصالح الأمريكية في المنطقة.
المملكة العربية السعودية قوة أمن واستقرار في العالمين العربي والإسلامي، وتتمتع بمكانتها الإسلامية كقبلة للمسلمين في العالم كله.. وهي تقوم بعمل قوي في الحرب على الإرهاب والتطرف ومكافحة الأنظمة المتطرفة الراديكالية.
كما أنها تملك قوة اقتصادية مؤثرة عالميًّا، وتتصدر قائمة شركاء واشنطن في الشرق الأوسط؛ حيث قدّرت الاستثمارات السعودية في السوق الأمريكية بما يتراوح بين 500 و700 مليار دولار.
بكل تأكيد إن الإدراك الأمريكي لأهمية المملكة العربية السعودية ومكانتها ودورها في حفظ الأمن الإقليمي والعالمي حالَ وسيحول دون وصول التوتر بين البلدين إلى مستوى يخرج عن السيطرة؛ مما يوجب على إدارة الرئيس بايدن أن تقدم المصالح الاستراتيجية للبلدين على أي ملفات مؤقتة يتم التكسب منها من أعداء الوئام بين القوتين السياسيتين السعودية والأمريكية.
الرياض تريد من واشنطن المساهمة في إنهاء الحرب اليمنية بالطرق السلمية ووفق المبادرة السياسية التي أعلنتها السعودية، كما أنها تأمل من واشنطن استمرار الضغط على طهران لإيقاف توسعها وتدخلها في الدول العربية ومنع حدوث سباق نووي في المنطقة.