جاءت الأزمة الأخيرة للشعب الفلسطيني والحرب على قطاع غزة لتكشف مدى حاجة العقل الإخواني إلى التخلص من سموم الحقد والكراهية التي امتلأت بها خلاياه، كما كشفت عن كيفية خداع الإخونجي لقطيعه من المريدين والشباب المخدوع بمزايدتهم ومتاجرتهم بالقضية الفلسطينية، وذلك عبر تعليقاتهم الممجوجة تارة، ومنشوراتهم الكاذبة تارة أخرى.
ولنا في ذلك مثالان، هما: عبدالله النفيسي وطارق السويدان، وذلك من خلال منشوراتهما على صفحتَيهما الرسميتَين بمواقع التواصل الاجتماعي، التي أثارت استنكار ودهشة المتابعين، كما أثارت سخريتهم بالضرورة.
فقد كتب "النفيسي" في أعقاب إعلان الهدنة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل بما لا يصدقه عقل إلا عقول أتابعهم، قائلاً على "تويتر": "بدأت تتسرب أخبار جديدة حول وقف إطلاق النار وقبول نتنياهو (على عجل) بقبول وقف إطلاق النار. تركيا وباكستان طلبا من الأردن والعراق استخدام قواعد جوية للدخول عبر سلاح الجو في القتال مناصرة للمقاومة الفلسطينية. بايدن أخبر الإسرائيليين بذلك فقبلوا على عجل أن يتوقفوا".
وهو الأمر الذي لا يمكن التحقق منه، ولكن ليس هناك أي دلائل عليه، كما أنه يخالف منطق أن تركيا لم يكن لها أي دور أساسي أو ثانوي في وقف الإطلاق الذي تم بين المقاومة والاحتلال، كما لم تتخذ أنقرة أي خطوات دبلوماسية وسياسية فعالة للضغط على تل أبيب، التي تتمتع معها بعلاقات سياسية واقتصادية عالية المستوى، وذلك لوقف إطلاق النار، واستهداف المباني المدنية والمدنيين في غزة، وشاب تصريحاتها الكثير من السلبية، واكتفت بالتصريحات المكررة حول ضرورة وجود موقف عربي وإسلامي موحد بلا أفعال حقيقية منها، وتركت الأفعال الحقيقية لمصر والسعودية والأردن وغيرهم من الفاعلين الدوليين، الذين نجحوا في إخراج الهدنة إلى النور.
وعاد "النفيسي" لتغريداته المثيرة للسخرية التي لا مصدر لها ليكتب: "اهتمام الأمريكان المفاجئ بوقف إطلاق النار، وقبول إسرائيل العجول بذلك، القصد منه قطع الطريق على أي تحرك إسلامي أممي مناصر لغزة، خاصة بعد تصريح رئيس الأركان الباكستاني المؤيد للتدخل الإسلامي العسكري في إطار التخاذل العربي".
وبالبحث عن مصدر لتغريدته حول تصريح رئيس الأركان الباكستاني الجنرال قمر جاويد باجوا لم نجد أي مصدر لتلك التصريحات، وهو ما يعني أنه تصريح مختلق لاستدرار عواطف البسطاء من المريدين، ولا يصح أن يصدر عن أكاديمي سابق.
مزايدات رخيصة
أما "السويدان" فقد أثار غضب المغردين في السعودية ومصر بعد أن حاول المزايدة على الطرفين بطريقته الثعبانية، فكتب الداعية المنتمي للإخوان على "تويتر": "أرجو من الكرام في السعودية الغالية تزويدنا بما يتم عندهم لدعم فلسطين وإعادة إعمار غزة. فالسعودية دومًا هي رائدة العمل الخيري في الأمة". وهو الأمر الذي قوبل باستهجان المغردين مستنكرين تغريدته التي لا تحمل أي صفة للمطالبة بالكشف عن ذلك، فكتب أحد الغيورين ردًّا على دعوته الخبيثة: "ليش نزودكم؟ السعودية تعمل لوجه الله وليس لوجهكم، السعودية قيادة وشعبًا تتعامل مع القضية كعقيدة وليس كمنتج تسويقي، السعودية تدفع بالسر أكثر مما تدفع في العلن. السعودية أبرزتها مواقفها الحقيقية وليس طريقة العرض".
بينما قطع آخر على "السويدان" مزايدته الرخيصة قائلاً: "عندنا مركز الملك سلمان هو الجهة المسؤولة عن الإغاثة ودعم الدول، لن نعطيها للإخوان".
وقد حصرت السعودية جمع التبرعات على المسارات والقنوات الرسمية منعًا لوقوعها في الأيدي الخاطئة. ويعد جمع التبرعات بدون ترخيص من الجهات المختصة عملاً مخالفًا للأنظمة المرعية بالسعودية، منها نظام مكافحة الإرهاب وتمويله.
ثم عاد "السويدان" بعد أن انتهى من مزايدته على السعودية للمزايدة على مصر في إطار المتاجرة بقضية القدس وفلسطين، وكتب: "الأهم من الدعم المؤقت فتح معبر رفح بشكل دائم". تلك التغريدة المتاجرة بأوجاع الفلسطينيين لم تجد إلا كل استنكار واستهجان أيضًا من المتابعين، فكتب أحدهم معلقًا عليه: "والله لا يهمك مصر ولا غيرها. كل ما في الأمر أن قلبك مليء بالسواد من مصر، ولم تشكر بكلمة، وتريد تأليب الناس على مصر. قبح الله وجهك". وكتب آخر: "أنت مالك؟ لا دي أرضك ولا دي بلدك.. أنت بتزايد وعارف أنك بتزايد لأن ده أكل عيشك. الجهاد عندكم على صفحات السوشال ميديا بس". فبدلاً من أن يثمن الداعية الإخواني تلك الخطوة التي جاءت في الوقت المناسب لدعم أهل غزة، وأسهمت في عبور العالقين من الفلسطينيين والعرب والأجانب من الجانبين، إلى جانب إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، ونقل المصابين والجرحى والأطقم الطبية إلى المستشفيات المصرية، كرر "السويدان" أن يتاجر بشكل رخيص بقضية المعبر، الذي يعد شأنًا مصريًّا خالصًا، ويخضع لاعتبارات أمنية في فتحه وغلقه.