أكد المحلل السياسي الدكتور خالد باطرفي خطأ مَن يراهن على أن العلاقة السعودية بالولايات المتحدة ستتأثر جذريًّا بمن يحكم البيت الأبيض، وأوضح أن العلاقات الراسخة بين الحلفاء لا تتحول بين يوم وليلة.
وأضاف باطرفي: مع الأخذ بالاعتبار السياسات العامة للأحزاب، والرؤية الشخصية للزعامات، فإن الدول التي تحكمها مؤسسات الدولة العميقة الثابتة في رؤيتها الاستراتيجية الدولية، ولعلاقاتها ومصالحها وتحالفاتها الخارجية، لا تدار بالمزاج الشخصي للقيادات. والرئيس المنتخب جوزيف بايدن ككل من جاء قبله، بمجرد أن يجلس على كرسيه في المكتب البيضاوي سيطوي صفحة الحملة الانتخابية، ويجتمع مع رؤساء الإدارات السياسية والأمنية والاقتصادية، ويطلع على ما يُرفع إليه من تقارير يومية، تعدها أجهزة الدولة ووكالاتها الوطنية، وبناء على ذلك سيرسم سياسته الخارجية المحققة لمصالح بلاده، والمتوافقة مع التزاماتها واتفاقياتها الدولية.
وتابع باطرفي: مع وجود مساحة للاجتهادات والقناعات الشخصية إلا أن الخطوط العريضة لعلاقة عمرها ثمانية عقود ستبقى على ما هي عليه. وبحال أراد أي طرف القيام بأي تعديلات ظرفية ضمن الأطر العامة سيتم -بطبيعة الحال- التفاوض عليها بتكافؤ وندية.
أما المحلل السياسي الدكتور عبد الله الشمري فيقول: "العلاقات السعودية - الأمريكية تتميز برسوخ، وهي تشبه شركة كبيرة وناجحة، رأس مالها ثابت، وما يتغير فقط هو نسبة الأرباح والخسائر حسب ظروف طارئة، ما تلبث أن تعود لوضعها الطبيعي.
وتابع: منذ بدء العلاقات الثنائية كانت الرياض بحاجة إلى واشنطن، التي هي بحاجة ماسة إلى حليف إقليمي مثل السعودية بطبيعة مركزيتها الإسلامية والعربية في منطقة الشرق الأوسط. وبالنسبة للحديث الذي يتمناه ويردده أعداء وخصوم السعودية بعد الإعلان شبه الرسمي عن فوز بايدن بالانتخابات الأمريكية فإن الرابح الأكبر من فوز بايدن بالانتخابات الأمريكية هي إيران؛ إذ ستعود واشنطن إلى الاتفاق النووي، ويتم رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران. وفي هذه المعادلة ستتضرر مصالح السعودية وحلفائها بالمنطقة العربية. وهذا الاستشراف يدخل في باب الحرب النفسية.
وأضاف الشمري: بالنسبة للاتفاق النووي الذي تحدث بايدن عن العودة إليه خلال مهرجانات انتخابية هو لا يشبه إلى حد بعيد الاتفاق النووي الذي تحدده إيران. وفي الواقع يسعى بايدن إلى اتفاق يشبه اتفاق ترامب، ولكن سيتم طرحه بطريقة مختلفة. ومن المهم معرفة أن أي إدارة أمريكية تصل إلى السلطة في البيت الأبيض تتعامل مع إيران باستراتيجية ثابتة. وقد يستغرب البعض أن رؤية السعودية للقضية الفلسطينية هي أقرب بكثير إلى رؤية إدارة بايدن من رؤية إدارة ترامب.
وأضاف الشمري: فيما يتعلق بفرضية الانسحاب الأمريكي التدريجي من المنطقة فهو لا يتفق مع حقيقة أن بايدن ينتمي إلى جيل من السياسيين الأمريكيين الذين قبلوا الدور المركزي للمملكة في استراتيجية أمريكا الإقليمية، حتى لو اختلفوا في بعض الأحيان مع سياساتها.