الزلازل التاريخية بـ"حرّة خيبر" ..تفاصيل بدايتها قبل 1500سنة

فريق متخصص من هيئة المساحة الجيولوجية السعودية رصد الدلائل
الزلازل التاريخية بـ"حرّة خيبر" ..تفاصيل بدايتها قبل 1500سنة

أكد رئيس هيئة المساحة الجيولوجية السعودية الدكتور زهير نواب أن فريقاً متخصصاً من الهيئة زار حرّة خيبر للوقوف على المظاهر والدلائل التي تشير إلى حدوث زلازل قوية بمنطقة حرّة خيبر وما حولها.

وقال: النشاط الزلزالي المُوثّق في المملكة بدأ في الثمانينات واستمر حتى تاريخه حيث تأسست الشبكة الوطنية للرصد الزلزالي والتي وصل عدد محطاتها إلى 230 محطة رصد زلزالي منتشرة في جميع أنحاء المملكة، وهي تعكس فترة زمنية صغيرة كسجل زلزالي، ولا تعكس أي سجلات عن الزلازل التاريخية.

وأضاف: تشير السجلات الزلزالية إلى حدوث زلازل مؤثرة بهذه المنطقة والتي يرجع تاريخها حوالي 1500 سنة، ولم يتم توثيق أي سجلات زلزالية تاريخية قبل هذه الفترة الزمنية، لذا قام فريق متخصص من هيئة المساحة الجيولوجية السعودية بالتوجه إلى هذه المنطقة للوقوف على تأثيرات الزلازل على المواقع الأثرية الموجودة بهذه المنطقة.

وأردف: كانت نتائج هذه المحاولة مفيدة لتوضيح ودراسة زلزالية منطقة حرّة خيبر وما حولها إلى فترة زمنية قد تصل إلى ما قبل خمسة آلاف عام، حيث يوجد معبد هيكلي قديم تنتشر منه آلاف القبور القديمة متراصة على طول خط وتؤدي إلى منطقة مصايد الحيوانات.

وقال "نواب": الشواهد التي لاحظها فريق هيئة المساحة الجيولوجية السعودية في الرحلة الحقلية التي انطلقت قبل شهر تشير إلى وقوع زلازل مؤثرة منذ آلاف السنين "قبل الإسلام" تسببت في حدوث أضرار في هذه المعابد والقبور القديمة، وقد تم توثيق هذه الشواهد سابقاً أثناء زيارة الموقع في أوائل عام 1980م عندما قام الجيولوجيون بإعداد خريطة جيولوجية لحرّة خيبر، حيث تم العثور على تدفقات من الحمم البركانية فوق الآثار القديمة مما يدل على أنها أصغر عمراً، وتم تضمين وصف موجز لهذه الشواهد في تقرير عام 1991 (الخريطة الجيولوجية جي إم -131).

من جهته، قال الدكتور هاني زهران مدير عام المركز الوطني للزلازل والبراكين: الفريق وقف على خمسة مواقع حول أطراف حرّة خيبر .

ويوجد معبد أثري مربع الأضلاع قد يرجع عمره إلى حوالي 6000 عام، له مساحة مكشوفة تتوسطها غرف مبنية فوق تلة من الرمال يتم الوصول إليها بواسطة درج سلمي يُعتقد أنها كانت تستخدم لعبادة الشمس والقمر قبل الإسلام، وتوجد مثل هذه النوعية من المعابد الهيكلية في العراق والأردن.

وترجع أهميتها للمركز الوطني للزلازل والبراكين في أنها أهم المصادر لتوثيق الزلازل التاريخية لأنها تعكس الأضرار التي حدثت في الماضي منذ عدة آلاف من السنين قبل الإسلام.

أشار الدكتور هاني زهران إلى أن دراسة تاريخ المباني الأثرية التي تأثرت بهذه الزلازل يمكن من خلالها تحديد زمن حدوث هذه الزلازل، حيث تُوضح سجلات الزلازل لبضعة عقود من السنين، وهي هامة لإعداد خرائط الخطورة الزلزالية والبركانية وتقديمها لمتخذي القرار لوضعها في الاعتبار في خطط التوسع العمراني.

وقد تهدمت جدران المعبد القديم الواقع جنوب خيبر بسبب حدوث زلزال مؤثر، كما أن بعضاً مما تبقى منها يميل إلى الخارج.

وتأخذ المقابر الهيكلية التي تنتشر على طول خط قبور شكل ثقب المفتاح، كما يوجد خط آخر من القبور يقع باتجاه الغرب من المعبد.

وتكتسب قرية العين أهمية خاصة لوجود معبدين بها، الأقدم منهما يقع على الجانب الشمالي من الوادي وقد تضرر كلياً وتحول إلى كومة من الأنقاض بسبب حدوث زلزال.

وانتقل قاطنو القرية إلى الجانب الجنوبي من الوادي وبنوا المعبد الثاني بحجم أكبر، وتضرر هذا المعبد جزئياً بسبب حدوث زلزال لاحق قوته كانت أقل من السابق، ولاتزال جدران هذا المعبد التي تأخذ اتجاه شمال جنوب بحالة جيدة حتى تاريخه، بينما تهدمت الجدران التي تأخذ اتجاه شرق-غرب.

وفي سياق متصل، أفاد الدكتور هاني زهران بأن سبب سقوط الجدران التي تتجه شرق غرب يرجع إلى أن حركة الموجات الأولية (التضاغطية–التخلخلية) للزلزال تأخذ اتجاه من الشمال إلى الجنوب أي أنها عامودية على هذه الجدران، ويمتد جنوب المعبد خط طويل من القبور الحجرية التي تأخذ شكل ثقب المفتاح في قرية العين.

بدوره، قال "نواب": موقع خيبر يعتبر هو الأكبر من حيث المساحة بأبعاد "5كم × 5كم"، وقد يكون هو الأكبر في العالم، ويشير موقع خيبر الأثري إلى حضارة قديمة ترجع إلى العصر الحجري بالمملكة، وهو ثروة أثرية يمكن الاستفادة منها كمتحف يعكس حضارة المملكة.

وأضاف: توجد مشاهد ومظاهر ودلائل مختلفة الأشكال بعضها لا يزال بحالة جيدة والبعض الآخر قد تضرر جزئياً من الزلزال، كما توجد واحات في خيبر محاطة بجدران دفاعية سميكة مبنية من كتل بازلتية، وهذه الجدران قد تضررت أيضاً من الزلزال.

وتم العثورفي الجانب الشرقي من حرّة خيبر على مركزين أثريين في مدينة الحائط ومدينة الحويط، وتوجد بمدينة الحائط واحات قديمة محاطة بكتل بازلتية سمكها متران.

وقد تم إصلاح الأسوار القديمة المحيطة بالواحة حديثاً، من خلال بناء الجدران من الطوب اللبن فوق ما تبقى من الجدران البازلتية القديمة مع إضافة حِصْنَينِ من الطوب اللبن "الطيني"، حِصْن في الجهة الشمالية والآخر في الجهة الجنوبية.

وتنتشر خطوط من المقابر الحجرية ذات الأشكال المختلفة في عدة اتجاهات، شمالاً وجنوباً وشرقاً من قرية الحائط القديمة.

ولوحظ تدمير كامل لبناء بارز على بُعد حوالي سبعة كيلومترات إلى الجنوب الغربي من الحائط، وقد تحول إلى كومة من كُتل من البازلت.

ويعتبر مركز الحويط القديم أحد أهم المواقع التي تم الحفاظ عليها جيداً، حيث توجد مدينةالحويط الحديثة على بُعد مسافة كيلومترات بعيداً عنها، كما أن السور الموجود حول الواحة مازال موجوداً وبحالة جيدة، ولكن تظهر عليه آثار أضرار بسبب الزلزال.

وعلى الجانب الشمالي من الجدار الحدودي يوجد برج مراقبة خارج الجدار، ومتصلاً به بواسطة جدار، وقد تهدم تماماً بسبب النشاط الزلزالي.

وقد توجه فريق هيئة المساحة الجيولوجية السعودية جنوب شرق حرّة خيبر باستخدام طائرة هليكوبتر للوقوف على ستة مواقع جبلية بها رسومات أثرية منقوشة على صخور الحجر الرملي تقع داخل حقل خيبر البركاني.

ويرجع أحد هذه المواقع إلى العصر الحجري وتظهر لوحة قياسها "30م × 4م" منقوشة عليها رسومات لقاطنيها آنذاك من الرجال والنساء والأقواس والسهام، ويتضح سقوط كتلة من الحجر الرملي أسفل اللوحة.

وهناك رسم لحيوان بري منقوش على الحجر الرملي التي كانت تعيش في هذه الفترة الزمنية.

وتوجه الفريق إلى السدود الثلاثة التي بنيت في خلال الفترة ما بين أعوام 660م و680م الموافق41هـ إلى 60هـ، وكان اثنان من هذه السدود يقعان عل ىبعد كيلومترين شرق المدينةالمنورة، فيما يقع السد الثالث على بعد 110 كم شمال المدينة المنورة.

ويتضح أن هذه السدود الثلاثة قد تهدمت في وقت واحد بسبب الزلزال التكتوني الذي وقع في مارس 1068 والذي يقع مركزه بين حرّة خيبر وتيماء.

وقد لاحظ الدكتور زهير نواب أن المواقع الأثرية التي يصاحبها وجود معابد ومقابر حجرية، بها فراغات عديدة بما في ذلك"ثقب المفاتيح"، ومُحاطة بمصائد أثرية للحيوانات على هيئة طائرات ورقية قدتعتبر ذات أهمية أثرية، وقد تضيف الكثير إلى تراث المملكة العربية السعودية الغني.

وقال: قد يكون موقع خيبر أكبر مساحة موجودة من بقايا "العصر" الحجري البرونزي الحديث في العالم، وهذه المواقع جديرة بأن تكون مركزاً للتراث العالمي كما يمكن أن تكون وجهة سياحية رئيسة.

وأضاف: المواقع القديمة تحوي الكثير من المعلومات الهامة لتقييم المخاطر المستقبلية بالنسبة للتوسع العمراني والبنية التحتية الحديثة في المملكة العربية السعودية.

وأردف: التعاون المشترك المستقبلي بين علماء الآثار وعلماء الزلزالية القديمة، سيساعد في تحديد زمن الزلازل الكبيرة التي دمرت هذه المباني القديمة والجدران والقبور.

وتابع: هذه المعلومات ستكون عونا للمخططين للبنية التحتية المستقبلية للمملكة العربية السعودية على المدى البعيد.

وقد قام فريق هيئة المساحة الجيولوجية السعودية في الرحلة الحقلية التي انطلقت قبل شهر باستطلاع حقلي لدراسة الزلزالية القديمة باستخدام الطائرة المروحية.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org