ما زالت وزارة الإسكان تلهث وتسابق الخطى؛ لتلحق الركب، وتواكب متطلبات العصر واحتياجات المجتمع، وأهمها إيجاد سكن لكل أسرة. وأزمتنا ليست في السكن؛ فنحن ــــ ولله الحمد ــــ مع التوطين منذ أن وحَّد المغفور له الملك عبدالعزيز هذه البلاد، وجاء بالبادية، وسكنوا في بيوت، ولا نجد من يقطن اليوم في عشش ولا خيام.. قضيتنا (التملك)، وهذا ما تسعى إليه وزارة الإسكان، وهمها الأول والأخير إيجاد حلول لأزمنة أرّقت الوطن منذ عشرات السنين، ولا تزال الوزارة تقدم الحلول والبرامج، وتتعاقد مع البنوك ومطوري العقار والتجار والشركات العالمية لإشراكها في الحلول، والاستفادة من خبراتها في هذا المجال. ولا تزال في البداية ـــــ حتى وإن قطعت أشواطًا في ذلك ــــ فالأزمة ليست وليدة اليوم، والحلول تحتاج إلى عشرات السنين، ونحن بحاجة إلى أكثر من مليون وحدة سكنية خلال السنوات العشر القادمة، وهذه تتطلب أكثر من مليارَيْ ريال.
وهناك مبادرات تطلقها الوزارة بين الحين والآخر، ولا نلوم الإخوة الذين تقدموا بشكاوى للقضاء ضد الصندوق العقاري، ولا نريد أن نتطرق للمشكلة والحلول؛ فقد كتبنا عنها مرات عدة، وتجاوبت الوزارة مع ما طُرح، وهناك من تواصلت الوزارة معه، وتم طي قضيته وحلها بالطريقة المُرضية. وإذا كانت الوزارة قد أعلنت مبادرات وبرامج عدة في بداية تأسيسها قبل نحو سبع سنوات مضت، ولم يحالفها الحظ في النجاح المأمول، فهي اليوم نجحت في ابتكار العديد من البرامج والمبادرات الجادة، التي تمتدراستها بعناية فائقة لتقديم خدمات نوعية لجميع المتعاملين مع القطاع العقاري، فضلاً عن تسهيل الإجراءات والمعاملات، سواء لإنشاء المشاريع العقارية، أو تملك المساكن.. ويظهر هذا في أكثر من 13 مبادرة وبرنامجًا إلكترونيًّا.
ومن أبرز البرامج التي أطلقها صندوق التنمية العقاري في الفترة الأخيرة: التمويل السكني المدعوم. وهو برنامج يتوافق مع الشريعة الإسلامية، يستهدف قوائم انتظار صندوق التنمية العقاري الذين سيتم التخصيص لهم، وإصدار أرقامهم بشكل شهري. وفي هذا التمويل يحصل المستفيد الذي يتم التخصيص له على التمويل من أحد الممولين العقاريين حسب اختياره، ويقوم الصندوق بسداد تكاليف التمويل عنه بشكل كلي أو جزئي، ويتم تحديد ذلك من خلال عدد أفراد أسرة المستفيد ومستوى دخله.ويتم التمويل عن طريق البنوك وشركات التمويل التي وقّعت معها وزارة الإسكان. وقد عالج القرض المدعوم سلبيات القروض العقارية القديمة، التي كان يمنحها الصندوق للمستفيدين في وقت سابق، دون النظر إلى قدراتهم المالية على السداد؛ وهو ما جعله أحد البرامج الناجحة في القطاع العقاري حاليًا.
ولعل آخر البرامج التي أعلنها الصندوق، ولاقت استحسان الأغلبية، إقرار برنامجَي "البناء الذاتي" و"ضمانات التمويل المدعوم" مع القطاع المصرفي. ويعد برنامج البناء الذاتي أحد الخيارات التمويلية الجديدة لمستفيدي "التمويل المدعوم"، في حين يخدم برنامج "ضمانات التمويل العقاري" عددًا كبيرًا من المواطنين، ممن هم على قوائم الصندوق العقاري وغيرهم؛ وذلك لتقليل المخاطر الناتجة من عدم انتظام سداد أمول الجهات الممولة.
ومن وجهة نظري الشخصية، فإن برنامج البناء الذاتي من شأنه أن يعدد خيارات السكن أمام المستفيدين من الدعم السكني؛ إذ يستطيع المستفيد أن يختار بين شراء منزل جاهز، أو منزل تحت الإنشاء، أو يبادر ببناء منزله بنفسه.. وهذا البرنامج يتوافق مع رغبة عدد كبير من المواطنين الذين يفضلون أن يشرفوا على بناء منازلهم بأنفسهم.
كما أطلق الصندوق خدمتين جديتين، هما "اعرف دورك، وتعجيل إصدار الرقم". وتختص الخدمة الأولى بإمكانية معرفة المستفيد بتاريخ إصدار الرقم الخاص عن طريق إدخال رقم الهوية، في حين تمكِّن الخدمة الثانية المستفيد بعد معرفة تاريخإصدار رقمه من طلب تعجيل وإصدار موافقة فورية مدتها 90 يومًا؛ لإنهاء إجراءات التمويل، وفي حال انتهاء المدة المعطاة يعود دور المستفيد للتاريخ الأساسي.
جميع المبادرات والبرامج التي تعلنها وزارة الإسكان ضمن المنظومة المتكاملة والنموذجية للقطاع العقاري، التي تسعى الوزارة إلى ترسيخها خلال الفترة المقبلة، وهو ما يتماشى مع متطلبات رؤية السعودية 2030، التي قررت رفع نسبة التملك للمواطن السعودي من 47 في المائة إلى 52 في المائة بحلول 2020.