سرقة البث أم سرقة الحكم من الوالد؟!

سرقة البث أم سرقة الحكم من الوالد؟!
تم النشر في

لم يمهلني صقور "الأخضر" قليلاً لأستوحي فكرة عن المونديال ومنتخبنا، حتى اختاروا الخروج مكرهين، فلا شك لديّ أن جميع من انتسب لمنتخبنا الوطني، كان يملك طموحاً وأملاً في أن يحفر اسمه في سماء المونديال، وأن يرفع اسم وطننا عالياً، كما فعل أسلافهم، والذين لا تزال نتائجهم في مونديال ١٩٩٤م تردد لتُسمع من به صمم، ولتصفع كل من يحقد على هذه البلاد وحكومتها وشعبها، كحال إنجازاتنا في جميع المجالات ولله الحمد.

لن أكتب لماذا لم يتم اختيار "أ" أو "ب"، فأنا مؤمن بأن ليس هناك فرد يرغب بعدم النجاح، ومؤمن بأنه لم يتم التعاقد مع المدير الفني للمنتخب الوطني السيد "بيتزي" إلا بعد مراجعة دقيقة لسيرته الذاتية، ومدى ملاءمتها للآمال والطموحات السعودية، لذا فعلينا احترام وجهة نظره، فهناك في المعسكرات والتمارين من تفاصيل كبيرة وصغيرة ما يخفانا جميعاً، ولم يأتِ الأرجنتيني الخمسيني ليفشل بعد ١٣ عاماً قضاها كمدير فني، وليس هناك إنسان يبحث عن ألا ينجح، الأمر ببساطة أن الحظ لم يحالف منتخبنا، وأغلب متابعي الرياضة يتذكر أن الانتقادات لم تتوقف عن أي مدرب قاد منتخبنا، حتى في اللقاءات التي كسبناها، حتى في فترة المدير الفني الذي نجح مع صقورنا في التأهل لنهائيات كأس العالم الحالي فان مارفيك، كان أغلب الرياضيين ينتقدونه خلال العامين اللذين تولى فيهما المهمة، رغم أن نسبة خسارته اللقاءات التي خاضها المنتخب كانت لا تتجاوز ١٥٪ فقط.

معالي المستشار تركي آل الشيخ كان الأكثر حزناً من الخروج السريع، ومن عدم إظهار صورة تعكس العمل الكبير الذي قام به خلال فترة عمله القصيرة بمركزه، خاصة وقد وضعت كل الصلاحيات والأموال الطائلة تحت تصرفه؛ لتقديم صورة مشرفة تعكس واقع بلادنا المتقدمة، ولكن هي الرياح تأبى إلا أن تعارض مسيرته نحو النجاح.

ولعله يسمح لي بأن أشير له بالالتفات نحو الفئات السِّنية، ففي بلادنا موهوبون لا مبالغة إن قلت إن موهبتهم تفوق مواهب العالم، فهنا في بلدي كنوز مدفونة في شتى المجالات، فيؤلمني كمتابع رياضي وإداري درجة ناشئين سابق، أن أعايش بدء فترة تجاهل الفئات السِّنية، فإدارات الأندية تبحث عن إنجاز وقتي فقط، وبعد رحيلها ليس مهماً حال النادي أو وضعه، وجميعنا رأينا حال أنديتنا التي أغرقها رؤساؤها بالديون المليونية قبل رحيلهم، من باب مقولة "أنا ومن بعدي الطوفان"، بينما لا أحد ينظر للفئات السِّنية، بعكس ما كان عليه حال بعض أنديتنا.

ولن ينسى أحد اهتمام رئيس الشباب السابق الأمير خالد بن سعد بالفئات السِّنية، حتى نجح وخرج جيلاً لا ينسى، احتكر جميع البطولات التي شارك بها في مطلع التسعينيات الميلادية، وأيضاً اهتمام رئيس الهلال السابق الأمير بندر بن محمد بها، حتى استمر بعد ابتعاده عن رئاسة الهلال مشرفاً على الفئات السِّنية، ليكون الهلال بطلاً، والأمير خالد بن عبدالله عضو شرف الأهلي، والذي تكفل بإنشاء مركز للفئات السِّنية، حتى أصبح الأهلي رقماً صعباً في ساحة كرة القدم المحلية، وغيرهم من محبي الأندية والمخلصين لرياضتنا المحلية.

الحديث يطول، ولعل الأستاذ تركي اختصرها في حديثه مع الجماهير، عبر "تويتر"، بنيّته ابتعاث عدد من نجوم الفئات السِّنية للخارج، وتشاركنا ذات الفكر تجعلني أطلب منه تخصيص جوائز لمسابقات الفئات السِّنية تفوق جوائز الفريق الأول، فمن الفئات السِّنية سنذهل العالم بموهبة أبناء الصحراء الرياضية، وسنرعاهم من جميع النواحي ليشارك منتخبنا الوطني في مونديال ٢٠٢٦م بلاعبين يحملون مؤهلات علمية كبيرة، كما رأينا منتخبات تشارك بلاعبين أطباء ومهندسين، ولن نكتفي بالمشاركة، بل لا معنى للمشاركة من أجل المشاركة، فطموحنا يجب أن يكون المنافسة، ونحن أهل لذلك، فهذه البلاد وهذه القيادة وهذا الشعب، لا يليق بهم سوى القمة.

لعل خروجنا من كأس العالم، والنتائج المتواضعة، قد أشعرت مذيعي ومحللي إحدى القنوات الرياضية بالنصر، فخلط الحابل بالنابل، واقتحمت الخلافات السياسية باب الرياضة، لتتحول مباريات المونديال إلى طاولة للإساءة للمملكة قيادةً وشعباً، ولأن مشاهدي تلك القناة بالمملكة لا يذكرون، خاصة مع وجود قنوات عالمية تنقل لقاءات كأس العالم بشكل مهني واحترافي، وعبر الإنترنت، وبأصوات معلقين خليجيين وعرب ومن قطر أيضاً، فلم يأبه أحد، إلا أن العالم صغير جداً، وشاهدت كسواي مقاطع من الإساءات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لن أعلق؛ فلا صوت يعلو على صوت القانون الذي تبنّته القيادة بالشكوى التي قدّمت، فقط سأرثي حال من خسر قيمة اشتراك مكلف ليشاهد ويسمع الهجوم ضد سارقي بث لقاءات كأس العالم، رفضاً لاحتكار لعبة عُرفت بأنها لعبة الفقراء والبسطاء، ولعل أهل الفتوى من منتجي ومعلقي قناة "شرق سلوى" يفتون بمسألة حساسة: أيهما أشد بالتحريم؛ سرقة البث أم سرقة الحكم من الوالد؟!

تويتر: @SALEEH10

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org