تغيُّر جذري عاشه نزلاء سجن المباحث العامة بذهبان في جدة، الذي قدمت فيه السعودية - وفي غيره من السجون - مثالاً على الاحتواء لأصحاب الفكر الضال، والمنتسبين للجماعات التكفيرية، والعائدين من مناطق الصراع؛ إذ نجح برنامج "إدارة الوقت" في سجن ذهبان في إخراج نماذج من النزلاء، الذين استثمروا وقتهم في تقديم صورة معبرة في حب الوطن والولاء والانتماء له، وحكت لوحاتهم الفنية عن فكر جديد، ينتشر بينهم، ملؤه التسامح والانفتاح، وعنوانه السعة والتفقه في الشريعة.
وفي التفاصيل، اعترف عبدالحكيم عامر، أحد نزلاء سجن ذهبان، خلال حديثه اليوم لبرنامج "mbc في أسبوع"، بأنهم شوهوا الإسلام بتطرفهم الفكري الذي كانوا متسممين به من بعد فكر الحركة الجهيمانية، ومنها تحريم الصور.
وقال: كنا نقوم بتكسير ألبومات الصور إذا ذهبنا إلى استديوهات التصوير، حتى وصلنا لمرحلة تشدد بتحريم كل شيء، حتى العملات لحملها الصور، وأصبحنا لا نتعامل بالنقود، وكنا نتبادل بالتمر وأشياء أخرى لا تحمل صورًا.
وقال عبدالله السلمي أحد النزلاء: كانت تلك الأفكار فكرة وراء أخرى، حتى أودت بنا إلى هذه السجون، بينما الأمور الظنية للمسلمين فيها سعة، واليوم في هذا المكان ينتشر بين النزلاء جواز سماع الموسيقى والمعازف والتصوير والأخذ من اللحية، والناس بدأت تعود إلى طبيعتها وسجيتها.
بدوره، قال سعيد الفقعسي، أحد نزلاء السجن: كان حلمنا الوصول لعضوية جمعية الثقافة والفنون؛ لتصل من خلالها لوحاتنا للعالمية. والآن تغير الوضع في السجن تمامًا من الفكر المتطرف والحرب الدموية إلى الحب والسلام، وحملت لوحاتنا رسائل الود والمحبة والشوق.
ووجَّه ماجد الزهراني، أحد نزلاء السجن، رسالة للمغرضين، يذكرهم فيها بالعهد الذي قطعه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- عندما قال: "لن نضيع 30 سنة من أعمارنا في معالجة فكرة متطرفة.. سندمرهم الآن".
وتابع: الأمير محمد بن سلمان أخذ حقنا من المتطرفين الذين ضيعوا أعمارنا، وزجوا بنا في السجون، وحقق لنا جميع أحلامنا.
الجدير بالذكر أن إدارة سجن ذهبان هيَّأت معرضًا فنيًّا دعمًا للفنانين بالسجن، وأسهمت بدعوة كبار الفنانين التشكيليين لزيارة المعرض، وسعت لمنح مجموعة من نزلاء السجن عضوية جمعية الثقافة والفنون بجدة في الفن التشكيلي والموسيقي.
وقال رئيس الجمعية محمد الصبيح: سعدنا بما شاهدناه من أعمال فنية راقية في السجن، وبدورنا منحناهم عضويات بالجمعية؛ ليكونوا فاعلين في المجتمع.
كما عبَّر الفنان التشكيلي هشام بنجابي عن انبهاره بما شاهده من أعمال ولوحات فنية، وقال الفنان حسن إسكندراني: لم أتوقع ما شاهدته من فنون؛ وهو ما يؤكد وجود دعم إنساني من المسؤول لهؤلاء النزلاء. بينما أكد ضياء عزيز - وهو رسام ونحات - أن أعمال النزلاء تدل على خيال واسع، وحس فني رفيع.