فرصة تاريخية لإنقاذ يمن العروبة

فرصة تاريخية لإنقاذ يمن العروبة

مرة أخرى تُسارع السعودية لمساعدة أشقائها اليمنيين، وتنجح في جمع صفوفهم، وتوحيد كلمتهم لمواجهة عدوهم المشترك المتمثل في جماعة الحوثيين الانقلابية الإرهابية التي استولت على السلطة، وصادرت الشرعية، وأقدمت على رهن البلاد للنظام الإيراني، بعد أن ارتضت القيام بدور العمالة والخيانة؛ فعاثت في الأرض فسادًا، واعتدت على حرمات الناس، ولم يسلم من أذاها البشر والشجر والحجر، ووجّهت بنادقها صوب صدور أبناء الشعب الأعزل.

يتفق معظم الخبراء والمحللين السياسيين على أن الخلافات الجانبية التي ظهرت وسط الأطراف المؤيدة للشرعية هي السبب في تأخير الانتصار الكامل والشامل على الجماعة المتمردة؛ فقد تسببت في تشتيت الجهود، وإضعاف القوة، وصرفت الانتباه عن المهمة الأساسية؛ لذلك سعى التحالف العربي لاستعادة الشرعية في مرات كثيرة إلى توحيد صفوف أبناء الوطن الواحد، ومساعدتهم على تجاوز خلافاتهم الصغيرة.

أبرز تلك المحاولات كانت اتفاق الرياض الذي توسطت فيه المملكة العربية السعودية بعد أن جمعت أطراف الأزمة كافة، وأقنعتهم بالجلوس إلى طاولة المفاوضات، وتركتهم يناقشون وحدهم مشاكل بلادهم.

لم تتدخل السعودية في سير المفاوضات، واكتفت بدور الوسيط الإيجابي الذي يعمل على تقريب المواقف كلما استعر الخلاف.

ونتيجة لتلك الرؤية الصائبة، والموقف الحكيم، فقد توصل الفرقاء إلى اتفاق كامل لحل جذور الأزمة.

تأخُّر الطرفان في تنفيذ ما اتفقوا عليه نتيجة لتدخلات خارجية سالبة عدة من أطراف لم يسرّها حل الأزمة، ولم ترضَ باختيار اليمنيين ما يتوافق مع مصلحة بلادهم. ورغم ذلك لم يتوقف الدور السعودي؛ فشهدت الرياض مفاوضات ماراثونية بين أطراف الأزمة، وجرت الكثير من الاتصالات للتغلب على الصعاب، حتى تم التوصل مؤخرًا إلى توافق حول تشكيل حكومة يمنية موحدة، تضم 24 وزيرًا.

بالأمس أعلن تحالف دعم الشرعية استيفاء كل الترتيبات اللازمة لتسريع تنفيذ اتفاق الرياض، واستعداد التحالف لإنجاز الشق العسكري والأمني المتمثل في الفصل بين القوات، وتوجيهها نحو مناطق العمليات، ومساعدة القوات الأمنية المختلفة للقيام بمهامها على الوجه الذي تم الاتفاق عليه، على أن يتم إعلان الحكومة المشتركة في غضون أسبوع.

الآن تتجلى الحكمة اليمنية في أجلى معانيها.. ويتسامى أبناء مهد العروبة على خلافاتهم، ويقدمون مصالح بلادهم على ما سواها. وهو موقف ليس غريبًا على القوة المؤيدة للرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته، التي يعترف العالم أجمع بشرعيتها، وبأنها الممثل الحقيقي الوحيد للشعب اليمني، وتدعمها الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.

المطلوب من جميع الأطراف اليمنية اغتنام الفرصة الحالية، وعدم تضييع الوقت في قضايا انصرافية؛ لأن بلادهم أمام محك حقيقي، وفي مفترق طرق تاريخي؛ فالعدو يتربص بها من كل الجوانب، والأزمة الإنسانية ضربت أوجه الحياة كافة.

والشعب العربي العزيز ينتظر أبناءه ليأخذوا بيده نحو الحياة الكريمة التي يستحقها.

لا ضير من تأجيل الخلافات الداخلية، والتفرغ لإنجاز المهمة الكبرى المتمثلة في القضاء على مجاميع الشر الحوثية، وطرد عملاء إيران.

بعد ذلك بإمكان الأطياف السياسية والمجتمعية كافة الجلوس إلى طاولة الحوار للتوصل إلى حلول مُرضية للجميع. وكلي ثقة بأن ذلك ليس بعيد المنال ما دام يجمع بينهم حب اليمن، وتغليب مصلحتها، وتقديمها على ما سواها.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org