يبدو أن نهاية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اقتربت كثيرًا، وأن العد التنازلي لأيامه الأخيرة في السلطة قد بدأ، خاصة عندما اعتقد الرجل أن بإمكانه تقليد رؤساء الدول الكبرى، بالتحكم "عسكريًّا" في الدول القريبة والبعيدة؛ ليجلس بعدها في برجه العاجي، وتناشده الدول ويرجوه الأفراد الرحمة والشفقة بالدول التي يقتحمها عسكريًّا. أردوغان الذي لطالما تغنى بالإسلام والصحوة الإسلامية، ويناطح إسرائيل في العلن بداعي أنها تقتل أطفال فلسطين، أرسل بالأمس البعيد قواته الغازية إلى سوريا بحجة ضرب الأكراد الإرهابيين، فكانت النتيجة تشريد مئات الأُسر السورية، وقتل العشرات الذين ليس لهم ذنب سوى أنهم كانوا يسكنون الشمال السوري، متناسيًا أن من شُرد وقُتل هم مسلمون، وكأن أردوغان يحل لنفسه فقط أن يفعل كل ما يريد في المسلمين، أما إسرائيل فلا يحل لها ذلك!!
اليوم يغامر أردوغان مرة أخرى بمستقبله السياسي، ويتلاعب بمصير جيش بلاده، ويستعد لإرسال قواته إلى ليبيا "البعيدة". والمضحك المبكي أن الرجل صدق نفسه، وظن أن العالم يصدقه أيضًا، عندما ادعى أن إرسال قوات تركية إلى ليبيا لحماية الشعب الليبي وحفظ ممتلكاته ومقدراته. ولعلي أهمس في أذن أردوغان بأن غزة التي تعاني البطش الإسرائيلي أولى ببطولات أردوغان من ليبيا، خاصة أن المسافة بين تركيا وغزة لا تزيد على 830كم، بينما المسافة بين تركيا وليبيا تزيد على 2200 كيلومتر مربع. يضاف إلى ذلك أن التوجه إلى غزة سيحظى بدعم وتأييد جميع المسلمين وغالبية دول العالم، أما التوجه إلى ليبيا فهو محفوف بالمخاطر، ويصطدم بالرفض الدولي.
أؤمن بأن أردوغان لا يهمه شعب ليبيا من قريب أو بعيد، ولا يعنيه مقدراته أو مكتسباته كما يدعي، بقدر ما يعنيه التضييق على مصر، والتحرش بها عسكريًّا، خاصة بعدما نجحت القاهرة في عقد شراكات تجارية مع اليونان وقبرص عقب ترسيم الحدود البحرية بينها في منأى عن تركيا. ومثل هذا التصرف سيدفع ثمنه أردوغان غاليًا، ويومًا ما سيستفيق أردوغان من أحلامه، ولكن بعد فوات الأوان، وبعد خسائر فادحة، ستلحق بجيشه.
عبث الرئيس التركي زاد على الحد، ولكل حد نهاية.. فالعالم لم يعد يقبل التصرفات الرعناء والحمقاء لهذا الرجل، ولم يعد يصدقه فيما يقول ويدعي. أردوغان اليوم سبب رئيسي من أسباب إزعاج الدول بمشكلات وأزمات لا تنتهي، تفوح منها رائحة المصالح الشخصية للرجل الباحث عن سلطات مفتوحة، تجعل منه سلطانًا عثمانيًّا جديدًا. ولم يخبره أحد بأن زمن السلاطين انتهى ولن يعود.
ولننتظر ما ستسفر عنه مغامرة أردوغان في ليبيا، وننتظر معها قصة النهاية التي لن تكون بعيدة.. فبقدر تهور الرجل ستكون سرعة النهاية المفجعة له.