كود بناء المساجد .. هل ينجح في تطوير الشكل الجمالي والوظيفي لمساجد المملكة؟

يرتكز على اعتبارات التصميم والتخطيط والتشريع .. ومختصّو العمارة يتوقّعون نجاحه
كود بناء المساجد .. هل ينجح في تطوير الشكل الجمالي والوظيفي لمساجد المملكة؟

شهد مسجد الظويهرة التاريخي بحي البجيري في الدرعية، مساء الإثنين الماضي، الخامس من رمضان، تدشين وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد وجائزة عبداللطيف الفوزان لعمارة المساجد مشروع كود بناء المساجد، وذلك برعاية الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز؛ رئيس أمناء الجائزة والشيخ الدكتور صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ؛ وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد.

تأتي هذه الخطوة في إطار حرص الوزارة على تطوير بيوت الله، وتهيئتها بالشكل الأمثل لتقوم بوظيفتها في خدمة روادها من المصلين.

والسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان، ما كود بناء المساجد؟ ولماذا تسعى المملكة إلى تطبيقه؟.. الكود هو عبارة عن مجموعة من الاشتراطات والأنظمة التي تهدف إلى ضمان جودة المسجد اجتماعياً وهندسياً واقتصادياً مع مراعاة الارتقاء به معمارياً وإنشائياً، وبرزت فكرة إنشائه كنتيجة للممارسات غير الإيجابية التي ينتهجها البعض خلال بنائهم العشوائي للمساجد من دون كود منظم؛ ما يجعل من المسجد مبنى غير ملائم وغير مجهز لخدمة رواده، وعليه جاءت فكرة الكود لتلافي سلبيات نظام البناء الحالي، وتطوير الشكل الجمالي والوظيفي للمساجد كي تظهر في صورة تليق بقدسيتها وتتناسب مع طموح المملكة غير المحدود في التطوير والتحسين وخدمة بيوت الله.

ولعل أبرز المشكلات التي قد تواجه هذه التجربة الوليدة، هي التخوف من أن يؤدي الكود الموحد إلى تضييق مساحات الابتكار والإبداع التي تؤدي إلى بناء مساجد متفردة، الأمر الذي ينفيه خبراء عمارة مساجد تحدثوا لـ "سبق"، فأكّدوا أن كود البناء يشجع على الابتكار في حقيقة الأمر؛ نظراً لأنه ناتج عمل مشترك بين المشرع والمستفيد، الأمر الذي يقضي بأن يكون هذا الكود مشروعاً للقضاء على العشوائية لا الابتكار.

ويسهم المشروع، بحسب خبراء في تعزيز قيم الجمال المرتبطة بالمساجد، إضافة إلى تقنين وتحسين العمل المعماري ووضعه في إطار أفضل، وتحقيق الاستدامة على ثلاثة محاور هي الاجتماعية والوظيفية والاقتصادية.

اعتبارات تخطيطية

علمت "سبق" أن كود بناء المساجد الذي أعلن بدء مشروعه الإثنين الماضي، سيضع في اعتباره ثلاثة اعتبارات رئيسة؛ هي: الاعتبارات التخطيطية، الاعتبارات التصميمية، واعتبارات التشريع والصياغة، حيث يضم الاعتبار التخطيطي دراسة الطاقة الاستيعابية للمسجد قبل بنائه من خلال دراسة ثلاثة عناصر؛ هي: حجم المسجد، الكثافة السكانية وحجم التغطية، وستراعي الاعتبارات التخطيطية إلى جانب الطاقة الاستيعابية عناصر النسيج العمراني وعلاقة المسجد بالحي الذي يُوجد به، إضافة إلى مراعاة توافر الخدمات العامة من خدمات وصيانة دائمة للمسجد.

اعتبارات تصميمية

أما على مستوى الاعتبارات التصميمية فسيراعي الكود تعزيز قيم الاستدامة، بأنواعها المختلفة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، من خلال وضع ضوابط تجعل من المساجد معتمدة اقتصاديًا على ذاتها دون حاجة إلى دعم خارجي، وتعيدها إلى أداء دورها كعنصر جذب وتجميع للسكان، إضافة إلى جعل مبانيها صديقة للبيئة موفرة للطاقة.

وإلى جانب تعزيز قيم الاستدامة يهتم الكود بمسألة تحديد العناصر الرئيسة والفرعية لكل نوع من أنواع المساجد حيث تتناسب مع احتياجاتها، كما يهتم أيضاً بوضع اشتراطات للأمن والسلامة التي يجب توافرها في المساجد.

ولا تتوقف الاعتبارات التصميمية على عناصر الاستدامة، تحديد العناصر، واشتراطات الأمن بل تمتد لتشمل اعتبارات تصميمية أخرى من أهمها تصميم مبنى المسجد حيث تكون هناك سهولة في الوصول إليه من قبل ذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى وضع مقترحات الشكل لأفضل النظم الإنشائية المناسبة والمواصفات والمقاسات الأساسية والمعمارية التي يجب توافرها عند بناء المسجد.

توقعات النجاح

توقع مراقبون مختصّون في عمارة المساجد نجاح المشروع في تحسين واقع المساجد بالمملكة، وعزوا توقعهم إلى التعاون بين وزارة الشؤون الإسلامية وجائزة عبداللطيف الفوزان لعمارة المساجد؛ نظراً لما يملكه الطرفان من خبرة واسعة في هذا المجال.

جديرٌ بالذكر أن اللجان المسؤولة عن تطوير كود بناء المساجد تشكّلت من فريق عمل هندسي محترف عاونه ممثلون عن وزارة الشؤون الإسلامية، وزارة الشؤون البلدية، وجائزة عبداللطيف الفوزان، إضافة إلى المساهمات التي قدمتها جمعيات ذات علاقة، وأكاديميون ومفكرون إلى جانب ممارسين للمهنة ومختصّين في عمارة المساجد.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org