أكد أستاذ التاريخ السعودي بجامعة الملك سعود الدكتور حمد بن عبد الله العنقري أن المملكة شهدت نهضة حضارية غير مسبوقة في جميع المجالات منذ توحيد أرجائها على يد الملك المؤسس عبدالعزيز طيب الله ثراه.
جاء ذلك في تصريح صحفي بمناسبة صدور الأمر الملكي الكريم بتخصيص يوم (22 فبراير) ليكون ذكرى تأسيس الدولة السعودية ويصبح إجازة رسمية، حيث قال: يتفق المؤرخون وعلماء الاجتماع أنَّ أعمار الدول تقاس بمنجزاتها الإنسانية ومكتسباتها الحضارية لا بمجرد مرور الأيام وتعاقب السنين على إنشائها، ولهذا شواهدُ لا تُحصر على مدى التاريخ البشري لا يتسع المقام لذكرها، فكم مرَّ في تاريخ البشرية من الأمم والدول والشعوب التي عاشت قرونًا طويلة ولكنها اندثرت فلا يُعرف لها ذِكر اليوم! ودول أخرى كان لها أثرٌ كبيرٌ في تغيير مسار تاريخ البشرية ولم تمض على إنشائها أعوامٌ مديدة.
وأضاف: مع هذا؛ جرت عادةُ المؤرّخين بتدوين تاريخ بدايات الدُّول ونهاياتها، فإمّا أن يُربط بيوم تولي بعض عظمائها وزعمائها مقاليد الحكم أو بوفاتهم، أو يُربط بانتصار الدولة أو إخفاقها في حرب مصيرية ضد أعدائها، أو نحو ذلك من الأيام والحوادث والوقائع التي تؤثر في مجريات الأحداث.
وأردف أن المملكة العربية السعودية شهدت نهضة حضارية غير مسبوقة لم تعهدها الجزيرة العربية، وعَرَفت تطورًا كبيرًا في جميع المجالات منذ توحيد أرجائها على يد المؤسّس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيَّب الله ثراه -، مرورًا بعهود أبنائه الملوك، ووصولاً إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - أيده الله -، ومرَّت المملكة بمحطات تاريخية مهمّة وفاصلة قبل وصولها إلى هذه المكانة العالية والمنزلة الرفيعة التي تتبوّؤها اليوم بين دول العالم في العصر الحديث، بفضل الله أولاً ثم بجهود قادتها من الأسرة السعودية المالكة الذين تمتدّ سلسلة الحكم فيهم إلى ما يقارب 600 عام حينما أسَّس مانع المريدي مدينة الدرعية، وهو الجد الثالث عشر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله.
وتابع العنقري: يعود التأسيس الفعلي للدولة السعودية من مفهوم "دولة المدينة" إلى الدولة الواسعة إلى عهد الإمام محمد بن سعود الذي تولى الإمارة عام 1139هـ/ 1727م، فأسَّس دولة وبدأ باتخاذ عددٍ من المواقف ورسم جُملة من السياسات الدالة على بدء قيام الدولة وتأسيسها، ومن ذلك أنه وحَّد شطري الدرعية - عاصمة الدولة آنذاك - وجعلها تحت حكمٍ واحدٍ بعد أن كان متفرّقًا في مركزين، بل إنه وحَّد معظم منطقة نجد، إضافةً إلى استقلاله السياسي وعدم ولائه لأي قوى إقليمية، كما عمَدَ إلى تنظيم الأمور الاقتصادية للدولة، ونشرَ الاستقرار وبسط الأمن في أرجاء الدولة التي عرفت في زمنه ازدهارًا في مجالات متنوعة، وأمنت طرُق الحجّ والتجارة في زمنه.
وأبان أن تولي الإمام محمد بن سعود الحكم في الدرعية في منتصف عام 1139هـ/ فبراير 1727م، واستمرَّ في القيادة أربعين عامًا حافلة بالإنجازات؛ فقد امتدّت حدود الدولة في زمنه وتهيَّأت لتشمل معظم أرجاء الجزيرة العربية، فيُعدّ الإمام محمد بن سعود المؤسّس الأول للدولة السعودية ورمزًا للوحدة فيها، ولهذا كان تاريخ توليه الحكم ذا رمزية خاصَّة يذكّر بأمجاد الدولة السعودية وعُمقها التاريخي، وهو مناسبة وطنية لاستذكار تاريخ إنشاء الدولة السعودية الذي قارب الخمسة قرون.