يولد الإنسان بلا سمعة. والسمعة هي الصيت أو الانطباع الذي نتركه للناس، يحملونه عنا، حُسنًا أو سوءًا.. كما أنها تقييم عام تحت معايير القيم والأخلاق التي يحتكم إليها المجتمع، سواء كانت قيمًا تشترك فيها الإنسانية أو قيم الإسلام.
والسمعة رأس المال الحقيقي، والعمر لكل إنسان؛ يبنيها في عمر مديد ووقت طويل، وقد يبارك الله في عمل المسلم فتكون سمعته وأثر عمله كمن عاش طويلاً.
وكما أن للسمعة بناء فإن لها معاول هدم، إذا اختلت، وأُشيع حولها الشائعات.. ولها إعادة تأهيل وترميم في حال تصدعها.
يكتب الإنسان سمعته بقلم سلوكياته وأخلاقه ونمط علاقاته مع الآخرين.. وفي الحديث النبوي "أنتم شهود الله في الأرض". وقد يُظلم الإنسانفي سمعته بسوء حين يعتدي عليه أهل الظلم والشرور بالنميمة والوشاية والتشكيك وبث الشائعات عنه، ومن يتلقف ويسمع لكل خبر ليذيعه، ويشفي نفسه المريضة.. حينها قد تحتاجإلى ترميم وإصلاح للسمعة.
لكن المتفق عليه أن السمعة التي ينشدها كل إنسان أن تكون طيبة ومدبجة بأفضل الأفعال والأخلاق التي تركها للناس، حينها يبقى عمره حيًّا مديدًا وإن مات أو غاب عن الآخرين؛ وهو ما نفسره من بقاء سمعة من مات من الصالحين في دينهم وأخلاقهم وأعمالهم وإحسانهم لأنفسهم وللناس..فالتدين بالاعتقاد الصحيح والعمل الصالح المخلص والمتَّبع فيه لسُنة النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي يترك – بالتأكيد - سمعة شاهقة المبنى، وقوية المعنى عن صاحبها؛ ليرضى الله عنه، ثم يُرضي عنه الناس.
وقد ابتُلي نبينا عليه الصلاة والسلام بتشويه سمعته وسمعة زوجته السيدة عائشة - رضي الله عنها - في حادثة الإفك المشهورة حتى دفعها الله في كتابه. وكذا حمى النبي - صلى الله عليه وسلم - سمعته وسمعة الإسلام كما في حديث جابر بن عبدالله قال: لما قسّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غنائم هوازن بين الناس بالجعرانة قام رجل من بني تميم فقال: اعدل يا محمد! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ويلك! ومن يعدل إذا لم أعدل؟! لقد خبت وخسرت إن لم أعدل». فقال عمر بن الخطاب:يا رسول الله ألا أقوم فأقتل هذا المنافق؟ قال: «معاذ الله أن تتسامع الأمم أن محمدًا يقتل أصحابه»؛ولذلك دافع الله عن نبيه - عليه الصلاة والسلام -. وكما في قصة يوسف - عليه السلام - من درس في المحافظة على السمعة الطيبة، والدفاع عنها بكل مقاومة وقوة؛ حتى لا تدنس بسوء. وكذا لأهلالإيمان أيضًا.. قال جل شأنه: {إنَّ اللهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا}.
ويقول حافظ إبراهيم:
إني لتطربني الخلال كريمة ** طرب الغريب بأوبة وتلاق
ويهزني ذكر المروءة والندى ** بين الشمائل هزة المشتاق
فإذا رزقت خليقة محمودة ** فقد اصطفاك مقسِّم الأرزاق
والناس هذا حظه مال وذا علم ** وذاك مكارم الأخلاق