أكد وزير التجارة الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي، أهمية الدور الذي يقوم به القطاع الخاص، فهو شريك محوري وكل الجهود والإجراءات التي تتخذها كافة الجهات الحكومية هو لدعم هذا الدور، دون الإخلال بمبدأ المنافسة والالتزام بما تشهده الاقتصادات العالمية، مشيراً إلى أن مشاركة صندوق الاستثمارات في بعض المشروعات هو بمثابة الرافعة لدعم الاستثمار، وليس لمنافسة القطاع الخاص.
ووصف "القصبي" خلال لقاء استضافته "غرفة الشرقية" اليوم وحضره جمع من رجال وسيدات الأعمال، المنطقة الشرقية بمنطقة العطاء والوفاء والإبداع، فهي أكبر منطقة جغرافية، وبها أكبر حقول النفط، وأكبر احتياطي نفطي عالمي، والأهم من كل ذلك بها الكثير من الفنيين والتقنيين والمهندسين ما لا يتوافر في أي منطقة أخرى في المملكة، كما أن بها 60% من المنافذ الخارجية، وتقع على 70 كيلومترا على الخليج العربي، فيها البحر والبحر والسهل والواحة والقرب من الخليج ومن الرياض، ما يجعلها تتصدر في المجالات الصناعية والسياحية واللوجيتسك، كما أن التجارة في المنطقة قديمة العهد.
وأوضح أن المملكة تتحرك بالكامل، ولكن توجد تحديات هذه التحديات هي من صنع البشر، ومن لا يعمل لا يخطئ، والحلول يصنعها البشر أيضا، ملمحا إلى أن نظام الشركات الجديد في الطريق للصدور، فهو قيد الدراسة لدى هيئة الخبراء، والعملية تستغرق بضعة أسابيع، ويحتوى النظام على الكثير من النقاط التي تخدم القطاع الخاص الذي هو شريك محوري وأساسي في الحاضر والمستقبل، فهو المحرك والموظف الأول.
وشدد على مسألة الرقابة؛ لأننا في مرحلة تصحيح، والتصحيح من معالمه دعم التنافسية، ومكافحة الأخطاء السابقة مثل التستر الذي يخالف التنافسية، فتم إيجاد فترة تصحيحية بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية، وقد شهدنا -ولله الحمد- نتائج إيجابية.
وأكد أن "الوزارة تدعم المستثمر المحلي والمنتج المحلي، ولكن هذا الدعم لا يتناقض مع فتح السوق، وفي حال وصلنا إلى اكتفاء ذاتي في منتج معين حينها يمكن ان نغلق السوق، فلا تطور ولا نمو دون منافسة، والاستيراد لا يناقض الدعم والتوطين أبداً".
وأعرب عن استعداده للتواصل مع كل الجهات الحكومية الأخرى، مثل النقل، والزراعة والمياه والبيئة، والمرور؛ لمعالجة مشكلة أي شركة أو منشأة، خاصة المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تمثل عصب الاقتصاد التي عشنا 50 عاماً لم نولها اهتماما، ولكننا لا نرى من الداعي البقاء على الإهمال لذلك قمنا بالدعم والتطوير والمتابعة
وتطرق إلى دخول صندوق الاستثمارات في العديد من المشروعات مبينا أنه لتعزيز الثقة في الاستثمار الذي يتم بالشراكة مع القطاع الخاص، وربما تم تحويل العبء الكامل في المستقبل والشواهد على ذلك كثيرة.
وضمن برنامج اللقاء تم تقديم عرض مرئي قدمه وكيل الوزارة لخدمة العملاء والفروع المهندس عايض الغوينم، ونائب رئيس المركز الوطني للتنافسية وليد الرضيان، وتم خلاله عرض العديد من خدمات الوزارة الرامية لتسهيل الإجراءات وتطوير قطاع التجارة، والذي يشمل تطوير وتحديث اللوائح والاشتراطات، وتسهيل إجراءات التجارة، وتطوير الأنظمة المختلفة.
وقال "الغوينم": إن قطاع الأعمال في المملكة قد شهد نمواً ملحوظاً خلال الفترة من 2015 إلى 2020 إذ ارتفع عدد المؤسسات من (650,462 مؤسسة) إلى (1,107,071 مؤسسة)، أي بنسبة 70%، في حين شهدت الشركات ذات المسؤولية المحدودة ارتفاعا بنسبة 1.3% خلال الفترة نفسها من (78,415 شركة) إلى (159,520 شركة)، وأما الشركات المساهمة المقفلة فقد شهدت نموا بنسبة 43% إلى ارتفع عددها من (1,200 شركة) إلى (1,725 شركة). وبالنسبة لنمو قطاع الأعمال في المنطقة الشرقية فقد سجل نسبة نمو قدرها 11.3% خلال الفترة من 2018 وحتى العام الماضي 2020 إذ يعمل بها حوالي (201,492 سجلا تجاريا) لعدد (166,420 مؤسسة)، و(35,072 شركة).
وتطرق إلى جملة من الإصلاحات التي أجرتها الوزارة والهادفة إلى تعزيز منظومة التشريعات التجارية، والتي منها إعداد وتطوير 62 تشريعا خلال خمس السنوات الماضية، والتي منها عدة أنظمة ولوائحها التنفيذية ومنها أنظمة (التجارة الالكترونية، الامتياز التجاري، الشركات المهنية، الإفلاس، مكافحة التستر، ضمان الحقوق بالأموال المنقولة، مهنة المحاسبة والمراجعة، الغرف التجارية).
ولفت إلى أن نتائج الإصلاحات التشريعية ظهرت على اختصار المدد الزمنية اللازمة للعمل التجاري، الذي لا يتطلب سوى خطوة واحدة بعد اختصار 5 إجراءات، وإصدار الرخص البلدية وتأشيرات العمل يتم فوريا عند إصدار السجل التجاري، كما أن سداد رسوم تأسيس الكيانات وتراخيص المحلات التجارية إلكترونيا بفاتورة موحدة، فضلا عن أن تأسيس الشركات يتم خلال 30 دقيقة بدلا من 15 يوما لأن التدقيق على عقود تأسيسها يتم آليا.
وذكر أن من معالم النمو في التجارة المحلية هو "التجارة الالكترونية" التي تشهد نموا عالميا قدر بأكثر من 16% بتعاملات تصل إلى 4.28 تريليون دولار، إذ بلغ عدد المتسوقين عبر الشبكة العنكبوتية خلال العام الماضي حوالي 2.05 مليار متسوق، ذلك حسب إحصاءات البنك الدولي، ولم يكن السوق السعودية بمنأى عن هذا النمو في هذا النوع من النشاط التجاري، فقد شهد نموا بنسبة 28.3% بتعاملات تجارية إلكترونية بلغت 6,328 مليار دولار، وعدد المتسوقين بلغوا 25.6 مليون متسوق، كما ورد في معلومات الهيئة العامة للإحصاء.
وتطرق العرض إلى البرنامج الوطني لمكافحة التسوق الذي تم إطلاقه لتوحيد الجهود بين الجهات ذات العلاقة للقضاء على أسباب التستر التجاري وتحقيق نمو مستدام، إذ يعمل البرنامج مع 15 جهة حكومية على 47 مبادرة تحت أربعة محاور استراتيجية هي (المال، العمال، الرقابة، الاشتراطات).
من جانبه، تطرق نائب رئيس المركز الوطني للتنافسية وليد الرضيان إلى إطلاق المركز الوطني للتنافسية بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 212 بتاريخ 25/ 4/ 1440 والرامي لتحسين البيئة التنافسية وتطويرها والارتقاء بترتيب المملكة في التقارير والمؤشرات العالمية، واقتراح الخطط الهادفة لرفع تنافسية المملكة في مختلف المجالات، ومناقشتها مع الجهات الحكومية والخاصة المعنية بالعمل على تطويرها، وتحديد المعوقات والتحديات المتعلقة بتطوير البيئة التنافسية وتقديم المرئيات واقتراح الإصلاحات اللازمة في شأنها، ومتابعة التزام الجهات المعنية بتنفيذها، ورصد وتحليل جميع المؤشرات والتقارير التي لها أثر على البيئة التنافسية في المملكة الصادرة من منظمات عالمية معتبرة، والعمل على الارتقاء بترتيب المملكة فيها وذلك بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، واستطلاع ورصد آراء العموم عبر الوسائل المختلفة فيما يتعلق بالبيئة التنافسية في المملكة في مختلف المجالات.
واستعرض "الرضيان" بعض النقاط المتعلقة بالتواصل مع القطاع الخاص، فذكر أنه قد تمت خلال الفترة الماضية زيارة عدد من مناطق المملكة بمشاركة ممثلين لحوالي 14 جهة حكومية، و332 مستثمرا، وتم حصر 100 تحد يواجه النشاط التجاري في هذه المناطق ومنها (عسير، والجوف، وجازان، والقصيم وتبوك)، وصدر بموجبها 70 توصية ومقترح حل، فوق ذلك تم في العام 2019 إطلاق منصة مرئيات القطاع الخاص، التي تم من خلالها حصر التحديات واقتراح التوصيات المعالجة لها وقد تم إنجاز 436 توصية، يضاف لها المنصة الالكترونية الموحدة لاستطلاع آراء العموم (استطلاع) التي تم إطلاقها في وقت سابق من العام الجاري، وتهدف لتمكين الجهات الحكومية والعموم من إبداء المرئيات والملاحظات على مشروعات الأنظمة واللوائح وما في حكمها، فقد شاركت 83 جهة حكومة،
وتم عرض 158 مشروعاً عبر المنصة، و65 تقريرا ملخصا بأهم المرئيات حيال المشروعات التي عرضت عبر المنصة، و93 مشروعا يتوقع عرضه خلال الفترة المقبلة، إذ تم عقد 8 ورش عمل حول أداء المنصة والخدمات التي تقدمها، بحضور عدد كبير من المهتمين وممثلي الدوائر الحكومية.
وتبعا لذلك تطرق إلى المركز السعودي للأعمال الذي تم إنشاؤه بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 456 وتاريخ 11/8/1440 ومن مهامه اقتراح اصدار السياسات والأنظمة والقرارات ذات الصلة بالأعمال الاقتصادية، وإبداء المرئيات في شأنها، وذلك بما يتوافق مع افضل الممارسات العالمية، وإنشاء وإدارة منصات الكترونية موحدة لتقديم الخدمات والأعمال ذات الصلة ببدء الأعمال الاقتصادية ومزاولتها وربطها بجميع الجهات الحكومية ذات العلاقة، وإعادة هندسة الإجراءات وتطوير رحلة المستثمر في عدد من القطاعات الاقتصادية، وإصدار التراخيص الاقتصادية من خلال المراكز المكانية الموحدة والفاتورة الموحدة التي يصدرها المركز لبدء الأعمال الاقتصادية ومزاولتها بحيث تضم جميع المتطلبات المالية ذات الصلة بها، وتطوير وحدة لذكاء الأعمال لإصدار التقارير التجارية والاقتصادية، وإطلاق السجل الموحد للرهون التجارية وتنفيذ الإجراءات المرتبطة به وفقاً لنظام الرهن التجاري. يذكر أن للمركز مراكز رئيسية بالرياض وجدة والدمام، ومراكز تشاركية في القصيم وعسير والدمام.
وفي ختام العرض، تم استعراض الخدمات التي تقدمها الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة التابعة بدورها لوزارة التجارة، والتي تتضمن خدمات تعليمية واستشارية وتمويلية وخدمات لنمو المنشآت، إذ تمت الإشارة إلى أن حوالي 3232 مستثمرا صغيرا يتخذون من المنطقة الشرقية مركزا لنشاطهم استفادوا من خدمة استرداد الرسوم الحكومية بقيمة 399 مليون ريال، و2538 مستثمرا حصلوا على دعم برنامج كفالة التابع للهيئة بقيمة 9 مليارات ريال، و305 منشآت استفادت بقيمة 605 ملايين ريال من بوابة التمويل، و414 مستفيدا من الإقراض المباشر، إذ حصل على 412 مليون ريال، كما تم تقديم 4303 استشارات عبر تطبيق نوافد، و1463 مؤسسة استفادت من اكاديمية منشآت ، و102 مشآتين استفادت من برنامج مزايا. كل ذلك في المنطقة الشرقية فقط.
وكان رئيس مجلس إدارة غرفة الشرقية عبدالحكيم بن حمد العمّار الخالدي، قال خلال اللقاء: "إن حكومتنا الرشيدة قد انطلقت في رؤيتها المستقبلية للقطاع الخاص من مرتكزات تشريعية، وتنظيمية، وتطويرية عدة، هدفها الأول هو الارتقاء بالقطاع الخاص وإعادة صياغته على نحو أفضل، وذلك ضمن توجه استراتيجي يهدف لأن يكون أحد ركائز التنمية الأساسية في البلاد، وهو ما انطوى عليه من سياسات نتلمس نتائجها الإيجابية يومًا بعد الآخر، فأقرت برامج وأطلقت مبادرات وفتحت أبواب الاستثمار له في مختلف المجالات، وأزالت عنه العوائق التي تحدّ من قيامه بدور أكبر في التنمية، وتواصل تطوير ما يخصه من تشريعات وإجراءات مرتبطة بالأسواق والأعمال، كل ذلك وغيره، من أجل تشجيعه على الابتكار والمنافسة".
وأضاف: "ما هذا اللقاء بين ممثلي القطاع الحكومي ورجال أعمال المنطقة تحت مظلة غرفة الشرقية، إلا دليلاً على أننا نمضي قُدمًا في تحقيق بناء يتخذ من التواصل والحوار دعائم استدامته، متطلعين أمام ما تطرحه وزارة التجارة من برامج ومبادرات طموحة بأن يُسفر هذا اللقاء عن توصيات معتبرة تصب ضمن خياراتنا الوطنية نحو تحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة".