نوّهت عضو مجلس الشورى عضو لجنة حقوق الإنسان والهيئات الرقابية الدكتورة إقبال درندري لـ"سبق" بأهمية موافقة المجلس اليوم على ضوابط الزواج المبكر ووضع توصيتين، وقائمة ضوابط لضمان الحقوق لمن يتزوج مبكراً في السن المسموح به. التوصية الأولى: قصر عقد النكاح لمن دون ١٨ عاماً -ذكراً كان أم أنثى- على المحكمة المختصة أو من يقوم مقامها وفق الضوابط المرفقة. والتوصية الثانية: منع عقد النكاح لمن لم يتم ١٥ عاماً، ذكراً كان أم أنثى.
وأكدت الدكتورة "إقبال" أن المجلس اشترط مجموعة ضوابط لعقد زواج من هم دون ١٨ عاماً وأتموا ١٥ عاماً أي من هم بين ١٦ و١٧ عاماً؛ لحفظ حقوقهم، وأن يكون عقد نكاحهم بالمحاكم المختصة فقط.
وبينت أن هذه الضوابط خاصة بالمحكمة، وبعضها بوزارة العدل والآخر بوزارة الصحة وغيرها. ومن ضمن تلك الضوابط التحقق من موافقة الشاب أو الفتاة على الزواج والتناسب العمري بين طالبي الزواج؛ والتحقق من الاكتمال الجسمي والعقلي لهما وأن الزواج لا يشكل خطراً على أي منهما بموجب تقرير طبي من مستشفى معتمد من وزارة الصحة، وتقرير من الأخصائي الاجتماعي أو النفسي بالمستشفى يثبت الأهلية للزواج من الناحية النفسية والاجتماعية والجسدية.
وتضيف: "الشورى" في قراره منع عقد نكاح من هم ١٥ عاماً فما دون لعدة اعتبارات شرعية وصحية واعتبارية. ووضع حد أدنى للزواج قد يعارضه البعض؛ بحجة أن ذلك منع لمباح وليس تقييداً له. ولكن يرد على ذلك بأن المرجعية هنا "المصلحة"، وقد أفتى بالمنع مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في المدينة المنورة ١٩-٢٣ صفر ١٤٤٠هـ، بشأن زواج الصغيرات، حيث أكد أن المعول عليه في تحديد سن الزواج، هو البلوغ بالسن من الخامسة عشرة إلى السادسة عشرة.
وتضيف: "فزواج الصغيرات دون هذه السن قد ثبتت أضراره الصحية والنفسية والاجتماعية؛ وبالذات على الفتاة، وقد يجعل حياتها في خطر حسب ما أوضح الأطباء والمختصون. ومن الواجب منعه.. ولكن ما هو سن المنع المناسب؟ وفي هذا الإطار تشير إلى أنه "ينبغي أن ننظر للتنظيمات والقوانين في ظل السياقين العالمي والمحلي.. فكما أن هناك توجهات واتفاقات عالمية أصبحت المملكة جزءاً منها؛ فإن هناك خصوصية مجتمعية في بعض الجوانب ينبغي مراعاتها. فحماية مصلحة الفرد ليس فقط في منع تزويج صغار السن لمنع الإضرار بهم، بل أيضاً في إعطاء الإنسان حقه في العلاقة بطريقة شرعية عند بلوغه ١٥ عاماً.
وتابعت بقولها: "نحن بالمملكة نطبق أحكام الشريعة الإسلامية والعلاقة الحميمة بين الجنسين يجب أن تكون في إطار شرعي وهو الزواج. ومنع الشخص من هذا الحق بعد بلوغه واستعداده الجسدي والنفسي وتحمل مسؤولية الزواج، فيه تعدّ على حقوقه.. ودفع له للوقوع في المحرم. لذا فإن قرار المجلس قد وفق بين الآراء المختلفة وراعى الشريعة وحقوق الفرد والمجتمع والمتبع دولياً في نفس الوقت.
من جانبها، قالت الدكتورة لطيفة الشعلان عبر حسابها: وافق المجلس، قبل قليل، بالأغلبية على الضوابط المنظمة لزواج القصر، وفيه قصر عقد النكاح لمن هو دون 18 من العمر ذكراً كان أو أنثى على المحكمة المختصة. ومنع عقد النكاح تماماً لمن لم يتم 15 عاماً ذكراً كان أو أنثى، مؤكدة أن قرار المجلس اليوم خطوة مرحلية جيدة، ولم يكن الوصول لها "أمراً سهلاً". ورأيي الشخصي أننا نقترب في المملكة من وضع نظام "قانون" يمنع زواج من هم دون 18. سيحدث هذا ذات يوم.
بدوره، وفي هذا السياق أفاد المحامي والمستشار القانوني يعقوب المطير في تصريح سابق لـ"سبق" بأن لائحة مأذوني عقود الأنكحة بالمملكة العربية السعودية قد شملت الضوابط الواجب اتباعها لإجراء عقد النكاح. ومن تلك الضوابط: عقود نكاح السعوديين فقط تتم بواسطة مأذون (مأذون أنكحة) مرخص له، وغير السعودي يعقد النكاح بالمحكمة المختصة، وهي محكمة الأحوال الشخصية أو دوائر الأحوال الشخصية أيضاً، وأن يباشر المأذون عمله في النطاق المكاني المحدد له، وأن يتم الاعتماد على السجل المدني في شأن إثبات الشخصية للمتعاقدين والشهود، وأن يتم التحقق من توافر أركان وشروط عقد النكاح، وكذلك انتفاء الموانع، واتباع الأنظمة المرعية. وإذا كان الولي غير الأب فعلى المأذون التحقق من الولي الأقرب حسب صك حصر الورثة أو صك الولاية، وحال عدم وجود الولي الشرعي يجوز للمرأة إجراء عقد النكاح في المحكمة المختصة.
وأضاف "المطير": فيما يختص بشأن ارتكاب المأذون مخالفة شرعية أو نظامية فإن المحكمة المختصة ترفع المخالفة إلى الإدارة المختصة بوزارة العدل، وتتولى اللجنة التأديبية توقيع الجزاء المناسب على المأذون المخالف، وذلك بعد التحقق من المخالفة. وخلت لائحة مأذون عقود الأنكحة من نصوص تمنع زواج الفتيات دون سن الـ(15 عاماً)، وكذلك لا وجود لضوابط بشأن زواج الفتيات دون سن الـ(18 عاماً). وبطبيعة الحال فإن مجلس الشورى في سبيل محاربة الظواهر المجتمعية السالبة له الحق في مناقشة أي ضوابط تتعلق بزواج الفتيات القاصرات بما لا يخالف الشريعة الإسلامية وكتاب الله وسنة رسوله، وكذلك التوصية بسَنّ تنظيم وتشريع؛ لضمان المحافظة على أفراد المجتمع السعودي.
مخاطر طبية
وحول الآثار النفسية والطبية للزواج المبكر تقول الدكتورة ديمة فتينة لـ"سبق": تتعرض الفتاة أثناء الزواج المبكر لمشاكل صحية عند الولادة، حيث تواجه الفتيات القاصرات مخاطر في الحمل والولادة، فأظهرت الإحصائيات أنه يوجد 70 ألف حالة وفاة سنوياً؛ بسبب الزواج المبكر في عمر 15 إلى 19 عاماً. كما يلاحظ نقص الوزن بعد الولادة بشكل ملحوظ، سوء التغذية والمعاناة من النحافة، وتأخر النمو البدني عن أقرانهن. ولا بد من أخذ تقرير طبي من المشفى يؤكد سلامة الفتاة للزواج، وعدم تعرضها للخطر وصحتها البدنية تسمح للزواج مهما كان عمرهاً.
وتضيف: إن الزواج المبكر للذكر والأنثى له ضرر نفسي، ومن الآثار النفسية التي تصيب الفتاة القاصرة منها الحرمان العاطفي من حنان الوالدين والحرمان من عيش مرحلة الطفولة التي إن مرت بسلام كبرت الطفلة لتصبح إنسانة سوية، لذا فإن حرمانها من الاستمتاع بهذه السن يؤدي عند تعرضها لضغوط إلى ارتداد لهذه المرحلة في صورة أمراض نفسية مثل الهستيريا والفصام والاكتئاب والقلق واضطرابات الشخصية.
مكة تتصدر
إلى هذا كشفت إحصائية صادرة عن الهيئة العامة للإحصاء في السعودية أن متوسط العمر في الزواج الأول للسعوديات هو 21.8 عاماً، فيما بلغ عدد الفتيات ممن تزوجن في عمر 15 عاماً أكثر من 200 ألف فتاة في مختلف مناطق المملكة خلال الفترة الماضية، حسب ما جاء بالموقع.
وسجلت منطقة مكة المكرمة أكثر حالات زواج الفتيات في سن 15 عاماً بـ58188 فتاة، تليها منطقة الرياض بـ54083 فتاة، في حين جاءت المنطقة الشرقية في المرتبة الثالثة في الزواج بـ46881 فتاة، وبعدها منطقة عسير بـ20495 فتاة، فيما احتلت المدينة المنورة المرتبة الخامسة بـ15896 فتاة. وجاءت بقية المناطق الأخرى بنسب متفاوتة، حيث كانت الحدود الشمالية الأقل نسبة بـ2666 حالة زواج، تليها منطقة الجوف، والباحة، ونجران، وغيرها من المناطق الذي شملتها دراسة مسحية خلال العامين الماضيين.