"ق.ق.ج" مات بتخمة.. "البريدي": بات الفعل الثقافي مقذوفًا خارج الدنيا والآخرة!

ندوة لـ"أدبي أبها" أكدت حدوث هزال لغياب الثقافة
"ق.ق.ج" مات بتخمة.. "البريدي": بات الفعل الثقافي مقذوفًا خارج الدنيا والآخرة!
تم النشر في

انتقد أكاديمون مختصون عدم وجود أقسام للفلسفة في جميع الجامعات السعودية، مما سبب هزالاً ثقافياً وغياباً للمناظرات والتجديد والإبداع، مع ضعف إيمان المجتمع بالتفلسف وهو ضرورة لتجويد الصناعة الثقافية، بزعم أنها مناهضة للدين مما أقصى بشكل أو بآخر حقلاً مهماً في تعميق النتاج الثقافي.

جاء ذلك في ندوة نضمها نادي أبها الأدبي بالتعاون مع الهيئة العامة للثقافة بعنوان: "المجتمع السعودي والتنمية الثقافية" شارك فيها كل من عضو مجلس الشورى الدكتور محمد آل عباس والأستاذ في جامعة القصيم الدكتور عبدالله البريدي وأدارها الدكتور خالد أبو حكمة.

وبدأ الدكتور عبدالله البريدي ورقته، قائلاُ: ق.ق.ج. (قصة قصيرة جداً): فاز كتابه، لم يحتفل به، ترقت وظيفته، فمات بتخمة! ثم عدد أسباباً لضعف المكون الثقافي في المجتمع، ومن ضمنها: ضمور التفلسف وضعف الإيمان المجتمعي به، وتخلي الجامعات عن وظيفة النقد الثقافي، وتحولها للأعمال البحثية ذات النزعة الوضعية المعتمدة على "الوصف الإذعاني".

ووصف الاهتمام بالثقافة بأنه يأتي على هامش البرامج والخطط لمؤسساتنا التنموية، مشيرًا غياب نخبة رجال الأعمال عن دعم الفعل الثقافي لعدم تحقيق الربحية، ويستوي هذا الإحجام لدى الأثرياء المتدينين حيث لا يرونه عملاً خيراً، و"لهذا فقد بات الفعل الثقافي مقذوفاً خارج الدنيا والآخرة"، مضيفاً أن هذا يأتي متزامناً مع تراجع دعم ميزانية المؤسسات الثقافية، حاثاً وزراة الثقافة على سرعة تسليم الأندية الأدبية مستحقاتها إنفاذاً للأمر الملكي الكريم، لئلا تغلب الأقدام الأقلام، في إشارة لاستلام الأندية الرياضية مستحقاتها .

وأكد "البريدي" تعرض الثقافة للاختطاف في المجتمع باسم الدين أو الليبرالية لينتج تراشقاً أيدلوجياً واستعداءً لسلطة الدين والدولة والتاريخ. وختم "البريدي" ورقته قائلاً: "ق.ط.ج (قصة طويلة جداً): أخفقوا في إخصاب ثقافتهم، فأفلحوا في إجداب مستقبلهم!".

من جانبه، أوضح عضو مجلس الشورى الدكتور محمد آل عباس، أن هناك مشكلة عميقة في البنية الثقافية لدينا، وهذا أثر بشكل كبير في منتجاتنا الثقافية وخياراتنا الاقتصادية والاجتماعية، وضعف مخرجاتنا التعليمية، والسبب في كل ذلك هو التوقف عن بناء نموذجنا الفلسفي في رويتنا للوجود واختياراتنا في مجال المعرفة وتطوير مناهجنا في البحث عن الحقيقة والخير والجمال، وباختصار توقفنا عن التفلسف مما أوقف التنمية الثقافية، وطالب باستصلاح التربة الثقافية بالعودة للحوارات والمناظرات العلنية بين تيارات الفكر الناضجة مع حرية النشر والتعبير المسؤولة، وجعل المجتمع مسؤولاً عن خياراته الثقافية ويتحمل تبعات اختياراته، مضيفاً أن على الجامعات الاشتغال بالثقافة وبناء أقسام الفلسفة من جديد والمساهمة مع الأندية الأدبية في بناء مدارس فكرية تسهم في نشر المعرفة وإصلاح التعليم.

وفي المداخلات التي تلت الندوة طالب أستاذ الشريعة في جامعة نجران الدكتور محمد بن سرار اليامي، بتفعيل الثقافة في الميدان مع الحفاظ على الهوية الخاصة بالوطن، وتساءل الشاب إبراهيم عسيري عن مدى تعرض الثقافة للأدلجة، وقال الإعلامي عوض القحطاني إن مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني مسؤول في هذا الجانب، والملاحظ أن الحوار في هذه المؤسسة يدار كمدرسة يبحث فيها مدير الحوار عن فكرته ثم ينتقل لغيرها، وأشارت الإعلامية نورة عسيري إلى فوقية المثقف السعودي على المجتمع وعدم تعايشه مع المحيطين.

وأوضح رئيس نادي أبها الأدبي الدكتور أحمد آل مريع، أن الثقافة تتداخل مع الترفية والاقتصاد وكل منها مؤثر في الآخر وموجه له، ولكن تبقى قيمة الثقافة في أنها الركيزة الأساسية للوعي وتنمية الإنسان ليكون في مستوى الحضارة التي يعيشها وفي مستوى التطلعات والمسؤوليات.

وقال إن هناك مشكلة حقيقيةً وقديمة، فالمجتمع العربي يفهم العقل بمعنى بعيد عن معناه في القرآن الكريم، ففي القرآن العقل يدل على البحث والتفكر والسؤال، ولكنه في المجتمع العربي ظل رديفًا للمحاكاة والاتباع والسائد، وتساءل عن مسؤولية صراع التيارات في الحد من التنمية الثقافة، فالملاحظ أن التيارات ورموزها يتصارعون على اقتطاع أكبر حصة من الواقع وليس على تقديم الحقيقة والمعرفة وإتاحتهما بشروطها الإنسانية لكنها تطرح كخطابات ناجزة للحقيقة!

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org