أضحت الأشجار المعمرة في متنزهات "الشمس" و"البسيتين" في محافظة مرات تصارع من أجل البقاء؛ وذلك بسبب تهديد الثالوث المميت (لصوص الاحتطاب والرعي الجائر والإهمال)؛ ما ينذر بكارثة تنخر في جسد الغطاء النباتي والبيئة على حد سواء.
"سبق" حضرت في متنزهات محافظة مرات التي تمتد على مساحات شاسعة في وادي الشمس ووادي البسيتين بطول تجاوز ٣٠ كلم، والتقت عددًا من الأهالي المهتمين بالبيئة، واستمعت لمطالبهم، ووثقت ما تتعرض له الأشجار من الرعي الجائر والاحتطاب والإهمال.
الرعي الجائر يهدد "المعمرة"
في بداية الجولة قال المهتم بالطقس والمناخ والبيئة موسى بن عبدالله المغيري أثناء جولته بنا في المتنزه: "انظروا للإبل كيف تقضي على الأشجار المعمرة، وتهدد الغطاء النباتي في متنزهات الشمس والبسيتين وأوديتهما".
وأضاف: نناشد وزارة البيئة والمياه والزراعة الاهتمام بمتنزهات الشمس والبسيتين، ومنع الرعي فيها نظرًا لتضرر الأشجار من الرعي الجائر والمستمر.
وتابع: في هذه الأيام لم يقتصر الرعي الجائر على الإبل الموجودة في المحافظة فحسب؛ إذ توافدت جموع كبيرة من الإبل على المتنزه من خارج المنطقة، واستقرت في متنزهات المحافظة لعدم وجود من يحمي المتنزهات والغطاء النباتي فيها.
أعمال خجولة.. وشبك متهالك
ويقول عضو رابطة مرات الخضراء ريان بن عبدالعزيز الدايل لـ"سبق": قبل ٢٧ عامًا قامت وزارة الزراعة آنذاك بعمل شبك على مساحة صغيرة، لا تتجاوز ١ % من مساحة المتنزه بجانب وادي الشمس من الجهة الغربية، كما قامت ببناء غرفة للحارس، ولكن –للأسف- الآن لا توجد حراسة في متنزهات الشمس والبسيتين، كما أن شبك المحمية الصغيرة لا يستفاد منه الآن لإهمال صيانته؛ إذ أصبح متهالكًا، ويوجد فيه العديد من الفتحات الكبيرة في جميع جهاته الأربع، كما أنه لا يحمي الأشجار الكبيرة من العابثين والرعي الجائر بسبب صغر المساحة التي يغطيها.
وتابع: بلغ الاستهتار مبلغًا، جعل أصحاب الإبل لم يجدوا مقرًّا لـ"كرفاناتهم" المتنقلة ومكانًا لتجمع إبلهم غير المحمية الصغيرة ذات الشبك المتهالك؟!
لصوص الاحتطاب بلا عقاب
ومن الأخطار التي تواجه الأشجار المعمرة في وادي الشمس الاحتطاب الجائر. وقد أوقفنا المواطن عبدالعزيز عبدالرحمن الزامل على عدد كبير من الأشجار، دُمرت بالكامل؛ إذ تم قصها من أصولها! وقال: لم تسلم الأشجار من لصوص الاحتطاب؛ إذ يعمد أولئك اللصوص لاستخدام "المناشير الآلية" في القضاء على الأشجار المعمرة في الوادي مستغلين عدم وجود حارس للمتنزه، وغياب الجهات الرقابية عن متابعتهم ومحاسبتهم على جرائمهم.
استزراع الأشجار.. حملة لم تكتمل
ويقول المواطن صالح عبدالله المجلي: قبل ٣ سنوات دشن المدير العام للزراعة بمنطقة الرياض المهندس علي بن عبدالرحمن التميمي حملة تنمية الغطاء النباتي لمتنزه البسيتين (المرحلة الأولى)، مستهدفة زراعة 20 ألف شتلة من الأشجار البرية، وذلك ضمن دور وزارة الزراعة في تنمية الغطاء النباتي بحكم مسؤوليتها عن الموارد الطبيعية، وحمايتها بموجب نظام الغابات والمراعي.
وتابع: فرحة الأهالي لم تكتمل؛ فقد توقفت تلك الحملة، ووُئدت في مرحلتها الأولى دون معرفة الأسباب.
المهتمون: هذه بعض الحلول
وأكد عدد من المهتمين بالبيئة وجوب تضافر الجهود من الجهات ذات العلاقة ومن الأهالي للحفاظ على البيئة والغطاء النباتي والأشجار المعمرة.. وقالوا: نناشد وزارعة البيئة والمياه والزراعة اعتماد متنزهات الشمس والبسيتين بمحافظة مرات ضمن المناطق المحمية، وتكثيف الحراسات عليها؛ كونها تعتبر متنفسًا طبيعيًّا لأهالي منطقة الرياض لمواقعها المتميزة، ولقربها من العاصمة بمسافة تقدر بـ١٢٠ كلم.
وأضافوا: من الحاجات الملحة للحفاظ على المتنزه توفير حراس بشكل مستمر للمتنزه من أجل الحد من الرعي الجائر والاحتطاب الممنوع، والتبليغ عن المخالفين.
وتابعوا: ينبغي عقد اجتماعات وندوات وأنشطة إرشادية لمربِّي الماشية والمهتمين بالبيئة ورؤساء المراكز وشيوخ القبائل حول خطورة الاحتطاب الممنوع والرعي الجائر، وآثارهما السلبية على بيئة المراعي والغابات، ونشر وتوزيع الرسائل الإرشادية البيئية على أصحاب المواشي ومربِّي الإبل تجنبًا للرعي الجائر.
وأردفوا: مع تقديرنا لجهود بلدية محافظة مرات في نظافة المتنزهات نتمنى من البلدية تمهيد الطريق الرابط بين مصنع الأسمنت والمتنزه، ووضع الأسفلت المبشور على الطريق نظرًا لصعوبة السير على الطريق بعد الأمطار؛ وذلك لطبيعة التربة الجيرية التي تتسبب في تكوُّن الوحل الذي يؤدي إلى احتجاز السيارات على الطريق الموصل للمتنزه.
وأكد عدد من الأهالي ضرورة قيام المؤسسات والشركات القريبة من متنزهات الشمس والشميسة بالمسؤولية الاجتماعية، والمشاركة الفاعلة في تطوير وتنمية المتنزهات عن طريق دعم زراعة الأشجار والسقيا، وسفلتة الطريق المؤدي إلى تلك المتنزهات، والمحافظة على البيئة، والحد من تلوث الهواء؛ كونها تقع بجوار تلك المتنزهات.
يُذكر أن متنزهات الشمس والبسيتين تمتد على وادٍ ضخم لمسافة ٣٠ كلم، وتتخلله الغدران الكبيرة، وتحفه الأشجار الخضراء المعمرة. ويغذي الوادي الجميل أكثر من 14 رافدًا، هي من الشمال إلى الجنوب: "أبو سدر"، و"أبو طلح"، و"أبو صفا"، و"الأوسط"، و"الحاج"، و"صرير"، و"حميد"، و"بدها"، و"عجلان"، و"لوذان"، و"شعيب عبدالله"، و"شعيب فهيد"، و"الصعوب" و"تلعة السدرة" و"تلعة الذيب".