السعودية وحصاد 2020م

السعودية وحصاد 2020م

لا شك أن عام 2020م كان عامًا استثنائیًّا بكل المقاییس. ولعل جائحة كورونا هي أبرز أحداث العام المنقضي، بآثارها ونتائجها السلبیة العالمیة غیر المسبوقة، بل إن هذه الجائحة قد حجزت لنفسها مكانًا بارزًا في ذاكرة البشریة وتاریخها، وذلك بما أحدثته من عواقب وخیمة وخسائر اقتصادیة فادحة، فضلاً عن الآثار الصحیة المتفاقمة، والأوضاع الاجتماعیة بالغة السوء التي تم تسجیلها في عدد كبیر من دول العالم.

ورغم الآثار السلبیة التي أحدثتها جائحة كورونا في جمیع أنحاء العالم إلا أن هناك وجهًا إیجابیًّا لهذه الأزمة، هو أن الدول التي تأخذ بالأسالیب العلمیة الحدیثة في التخطیط والتنفیذ یمكنها التخفیف من الآثار السلبیة لها. ومن فضل الله تعالى أن مملكتنا الحبیبة كانت ضمن عدد قلیل من الدول التي استطاعت التعامل مع هذه الجائحة بالمستوى المطلوب من الجاهزیة والاستعداد؛ لذا فقد كانت النتائج السلبیة محدودة -ولله الحمد-.

ورغم جائحة كورونا تمكنت السعودية من عقد قمة مجموعة العشرین بنجاح، كما تمكنت من خلال رئاستها المجموعة من التأثیر بشكل إیجابي في قراراتها المختلفة؛ إذ ضخت المجموعة نحو 11 تريلیون دولار في الاقتصاد العالمي لإنعاشه ومساعدته على مواجهة الآثار الاقتصادیة السلبیة لجائحة كورونا التي طالت العالم بأسره.

ومن أبرز ما یُذكر في حصاد عام 2020م بالنسبة للمملكة هو النجاح الذي حققته بفضل الله تعالى في التعلیم الرقمي، وتوفیر التعلیم عن بُعد لنحو 5.6 ملیون طالب وطالبة، وقرابة 700 ألف معلم ومعلمة في التعلیم العام، فضلاً عن الملایین من أولیاء الأمور الذین یتابعون مسیرة أبنائهم التعلیمیة عبر شبكة الإنترنت. وبفضل الله تعالى وفَّر ولاة الأمر في هذه البلاد المباركة بنیة تحتیة قویة، تمكنت من استیعاب هذه الأعداد الهائلة، فضلاً عن طلاب الجامعات وأعضاء هیئة التدریس. فمن خلال منصات التعلیم عن بُعد تمكنت السعودية من إنهاء الفصل الدراسي الثاني من العام الماضي، كما أنهت كذلك الفصل الأول من العام الدراسي الحالي بمستوى عالٍ من النجاح.

ومن الأحداث اللافتة في عام 2020م تدني أسعار النفط إلى مستویات قیاسیة. وبالتأكید أثر ذلك على إجمالي الناتج المحلي للمملكة؛ إذ أدى انخفاض عائدات النفط إلى وجود عجز في المیزانیة، لكن بالرغم من ذلك كان هناك بعض المؤشرات الإیجابیة؛ فقد ارتفعت عائدات القطاع غیر النفطي، وأسهمت بنسبة أكبر في الناتج المحلي. وكما نعلم، فإن أحد أبرز أهداف رؤیة السعودية 2030 زیادة مساهمة القطاع غیر النفطي في الدخل القومي للاقتصاد السعودي. وهذا النمو الذي حصل في شركات ومؤسسات هذا القطاع رغم الآثار السلبیة لجائحة كورونا يبشّر بأننا نسیر في الاتجاه الصحیح لنمو الاقتصاد غیر النفطي في السعودية.

وقد شهد عام 2020م زیادة نِسَب تمكین المرأة، ودخولها سوق العمل بأعداد أكبر من ذي قبل؛ إذ بدأت السعودیات في خوض مجالات جدیدة؛ وهو ما أضاف إلى سوق العمل قوى بشریة مدربة ومؤهلة تأهیلاً علمیًّا حدیثًا وجیدًا. ومن المنتظر أن یسهم ذلك في نمو الاقتصاد بشكل جید خلال السنوات القلیلة المقبلة.

ومن أبرز النجاحات السعودیة في عام 2020م ما تحقق من إنجازات في المجال الثقافي؛ فقد تم إنشاء مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربیة، وتم كذلك اختیار السعودية لعضویة لجنة التراث الثقافي غیر المادي في الیونسكو؛ وبذلك تمتلك السعودية في وقت واحد عضویة ثلاث لجان أساسیة في الیونسكو، هي عضویة: المجلس التنفیذي، والتراث العالمي، والتراث الثقافي غیر المادي.

وهكذا تكون السعودية قد حققت أسبقیة عالمیة في هذا المجال، لا یشاركها فیها سوى عدد قلیل من الدول.

أخیرًا، نسأل الله تعالى أن یكون 2021م عام خیر وبركة على مملكتنا الحبیبة، وأن یعین حكومتنا الرشیدة تحت قیادة مولاي خادم الحرمین الشریفین الملك سلمان بن عبدالعزیز - حفظه الله - وولي عهده الأمین سیدي صاحب السمو الملكي الأمیر محمد بن سلمان - أیده الله -، وأن یكلل جهودهما بالنجاح، وأن یحفظ بلادنا ووطننا من كل مكروه وسوء، ویدیم علیه المجد والعزة، ویدیم علینا نعمه ظاهرة وباطنة، وأن یحفظنا وإخواننا العرب والمسلمین، وأن یعم السلام والأمن العالم بأسره.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org