لعنة الدم تضرب إيران.. السكين وصل للعظم "عزل خامنئي أو تدخل عسكري"

"الجارديان" تروي وتوثق: الشعب لا يريد ديمقراطية.. خبز وماء وحرب سريعة
لعنة الدم تضرب إيران.. السكين وصل للعظم "عزل خامنئي أو تدخل عسكري"

هل ما يحدث في إيران انتقام إلهي لدماء السوريين المسكوبة على أيدي مليشيات الملالي؟ هذا ما تلمح له صحيفة "الجارديان" البريطانية في تقريرها الدقيق والذي كشفت فيه عن عمق الأزمة التي تمر بها إيران، ووصفت ما يحدث في إيران بأنها لحظات حرجة وكارثة اقتصادية ومالية وبيئية لم يشهدها تاريخ إيران، حتى وصل الحال بالإيرانيين إلى أنهم ينشدون تدخلاً عسكرياً سريعاً يُسقط النظام أو يعزل "خامنئي".

وتفصيلاً، تروي الصحيفة من عمق إيران بالقول: على حد تعبير "محمد" المصمم الجرافيكي الذي توقف عن العمل منذ أربعة أشهر يصف الحياة في إيران بالقول: "مثل سمكة في بركة مياه تتقلص بسرعة تحت الشمس الحارقة في وسط الصحراء".

الأزمة كبيرة

وتضيف: على السطح، تكشف تعليقات الشاب البالغ من العمر 28 عاماً عن التحديات البيئية الخطيرة في البلاد: فهي تعاني من أسوأ جفاف في التاريخ الحديث، مع نقص المياه، وتكرار انقطاع الكهرباء الذي تسبب بقطع الإنترنت، وتوقف المصاعد، وتعطل تكييف الهواء، وسط درجة حرارة تقارب 40 درجة مئوية حتى إن السلطات في طهران تفكر في تقديم يوم العمل من الساعة 6 صباحاً وحتى الساعة 2 مساءً، لمساعدة العاملين على التأقلم.

لكن "محمد" الذي يعتمد على معاش والده من أجل البقاء يقول بأنه لا يتحدث عن البيئة. بل إنه يشير إلى أزمة أوسع خلقت شعوراً باليأس الذي دب في المجتمع الإيراني الذي لم يشهد له مثيلاً منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979.

وتصف الصحيفة ما يحدث في إيران بأنها مجموعة من العوامل تتراوح بين المظالم الاقتصادية وانعدام الحريات الاجتماعية والسياسية رافقتها ضغوط دولية وعقوبات وضعت البلاد تحت ضغط غير مسبوق. الآن يتفق العديد من الإيرانيين مع محمد على أن البلاد تواجه لحظة مفصلية.

تدخل عسكري بشرط

ويتابع "محمد": "الناس يائسون ويبحثون عن مخرج... إذا كانت الحرب فلتكن ولكن بسرعة إذا تم التوصل إلى اتفاق، فيجب أن يكون الأمر سريعاً، إذا تغير النظام فليكن الأمر كذلك ولكن سريعاً".

وتضيف الصحيفة: لقد اندلعت احتجاجات متفرقة منذ أسابيع في أنحاء البلاد بسبب ندرة المياه، والرواتب غير المدفوعة وانخفاض قيمة العملة، إلى جانب الضغوط المتصاعدة من إدارة "ترامب"، والتي تريد أن تتوقف جميع الدول عن شراء النفط الإيراني بحلول 4 نوفمبر، الضغوط أيضاً تتزايد على الرئيس الإيراني حسن روحاني، وينظر إليه بشكل متزايد على أنه بطة عرجاء؛ لأنه يثبت أنه غير قادر على محاربة المتشددين ومتابعة أجندته. أحد التعهدات التي أعلنها -الصفقة النووية لعام 2015- الآن تتفكك بعد أن سحب دونالد ترامب الولايات المتحدة من الصفقة في مايو.

العملة انهارت

وتضرب الصحيفة مثالاً على انهيار العملة بالقول: لقد تم تسعير قلم تفاعلي اشتراه "محمد" العام الماضي بمبلغ 5 ملايين ريال، بسعر 25 مليون ريال وهو ما يعني (440 جنيهاً إسترلينياً) بزيادة قدرها خمسة أضعاف. وقد أثرت الزيادات المماثلة في الأسعار على بنود أخرى لا سيما تلك المستوردة، والتي تعتمد على سعر الدولار. وقد بلغ الريال أدنى مستوى له على الإطلاق، وبدأت الشركات الأجنبية في الانسحاب من إيران على نحو متزايد؛ لأنها تخشى الإجراءات الأمريكية التي ستجعل من الصعب على أشخاص مثل "محمد" العثور على وظائف.

الحلم "تأشيرة"

ويقول: "كل الناس من حولي يفكرون في الهجرة. طريقي الوحيد للفرار هو تأشيرة طالب، لكن التكاليف مرتفعة، كما لا يمكنك العثور على مواعيد التأشيرة بسهولة".

وتتابع الصحيفة: لقد دق جرس الإنذار حول البلاد، وهي إشارة إلى أن إيران متجهة نحو الهاوية السياسية والاقتصادية وحتى البيئية، ويخشى المحللون من تجاهل التحذيرات.

نفق بلا ضوء

ويقول صادق زيباكلام أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران إن الوضع أصبح سيئاً للغاية لدرجة أن "الناس لا يرون أي ضوء في نهاية النفق".

في وقت من الأوقات وقبل هذا الوقت كان لدينا الكثير من الألم، والكثير من القلق، والكثير من اليأس بشأن مستقبل البلاد -كما يقول- لكن مستوى اليأس حالياً لم يكن موجوداً خلال سنوات الحرب العراقية الإيرانية.

على الرغم من جميع المشاكل التي حدثت خلال الحرب، والتقنين، كان هناك أمل؛ لأن الناس كانوا يعتقدون أن الحرب ستنتهي في يوم من الأيام، لكن المشكلة الآن هي أن يكون هناك مرض لا يشفى.

النفط مقابل الغذاء

وتتابع الصحيفة: قد نصل لما حدث في العراق "مقايضة الطعام بالنفط".

ويتابع: "يقترب روحاني من المتشدّدين. أصبح مثل فريق كرة القدم الذي خسر المباراة الأولى 3-0 والآن لا أمل في المباراة القادمة. لقد أصبح بطة عرجاء".

ويضيف "زيباكلام": إن المجتمع الإيراني أدار ظهره ضد كل من المحافظين والإصلاحيين، حيث لا يرى الناس أي احتمال للمصالحة مع الولايات المتحدة.

وهو يعتقد أنه بالأحرى عندما يزداد الوضع سوءاً فسيتعزز المتشددون، وهذا يعني أن "الجزء غير المنتقى من المؤسسة سيحصل على مزيد من السلطة".

الماء والخبز

من جهته، يقول علي أنصاري أستاذ التاريخ الإيراني في جامعة سانت أندروز، إن نتيجة الوضع الحالي "ستكون شيئاً أقرب إلى الحكومة العسكرية".

ويضيف "أنصاري": "إن ما يحدث في إيران ليس شيئاً من أجل الديمقراطية، فالناس لا يهتفون للديمقراطية، بل إن الناس يرددون الماء والخبز".

ويتابع: "في عام 2009 وأثناء الاضطرابات بعد الانتخابات كان الناس يقولون: "أين هو تصويتنا؟ "لقد انتهى الأمر، ما يحدث الآن هو حديث أكثر جوهرية للجسم السياسي للبلاد، والذي هو أكثر وجودية".

ويضيف: إن التفاؤل الذي ساد في مرحلة ما بعد الثورة، والذي ساعد الناس على خوض الحرب العراقية الإيرانية، قد أفسح المجال لحالة من اليأس، حيث أصبحت الموارد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية مستنزفة.

كانت العملة الإيرانية تفقد بثبات قيمتها مقابل الدولار منذ الثورة الإسلامية عام 1979، عندما كان دولار واحد يساوي 70 ريالاً. في هذا الأسبوع تم شراء دولار واحد مقابل ما يصل إلى 75.000 ريال في وسط طهران.

لقد أثار "روحاني" التوقعات عندما أصبح رئيساً في 2013، لكنه لم يستطع تقديمها -كما يقول "أنصاري"- الجميع يركز على ترامب، ولكن في الواقع الفيل الموجود في الغرفة هو الزعيم الإيراني الأعلى علي خامنئي.

السكين وصل للعظم

وتتمثل الأولوية الرئيسية لـ"خامنئي" في الثورة الإسلامية، وليس الجمهورية الإسلامية. لطالما كان "خامنئي" يقول إنه يجب عليك إظهار القوة! لكن هناك وقت يجب عليك أن تسأل فيه نفسك ماذا يعني هذا؟ أظهر الرئيس الأسد قوة في سوريا، لكن ما الذي يعنيه بالنسبة له على المدى الطويل؟ في إشارة إلى تقسيم سوريا!

وتجمل الصحيفة: بالنسبة للإيرانيين العاديين، فإن شعور اليأس واضح. ويصف "سامي" محنة إيران العصيبة بالقول، وهو محاضر جامعي عمره 26 عاماً من شيراز بأنها "السكين التي وصلت إلى العظم"، وهو مثال فارسي يعني القشة الأخيرة.

لكن "ماتين" 25 عاماً من أصفهان، والذي يكسب 115 دولاراً في الشهر في جراحة الأسنان ويعيش مع والديه أكثر تشاؤماً، ويصف الوضع بالقول: "نحن نذهب إلى أسفل الطريق مثل فنزويلا"، كما يقول.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org