رسائل من "بوجبا" و53 مليون مسلم إلى المشككين: هذه هي السعودية

في 10 سنوات.. 52.8 مليون معتمر أجنبي زاروا الحرمين
رسائل من "بوجبا" و53 مليون مسلم إلى المشككين: هذه هي السعودية

تناقلت وسائل الإعلام المحلية والعالمية باهتمام بالغ مقطع الفيديو الذي نشره لاعب كرة القدم الفرنسي الشهير "بول بوجبا" على صفحته الشخصية عبر "انستجرام"، وهو يحكي عن تجربته مع العمرة بسعادة بالغة، ويشكر المملكة والقائمين على شؤون الحرم على التنظيم الرائع، وعلى مساعدته ومساعدة غيره من المسلمين على تأدية الطاعة في راحة وأمان، متمنياً أن يكرر زيارته مرة أخرى لأرض الحرمين.

وفي أكتوبر الماضي (2017م) صدر عن وزارة الحج والعمرة تقريراً إحصائياً أشار إلى أن المعتمرين الذين زاروا الحرمين من خارج المملكة في خلال 10 سنوات بلغ عددهم أكثر من 52.8 مليون من مختلف الجنسيات، وسائر الأمم الإسلامية، هذا بخلاف المعتمرين من داخل المملكة سواء المواطنين أو المقيمين.

كما أعلنت إمارة منطقة مكة المكرمة أن لجنة تنظيم ومتابعة نقل الحجاج والمعتمرين والمصلين من وإلى المسجد الحرام أشرفت على نقل أكثر من ٤ ملايين و٤٣٩ ألف زائر ومعتمر من وإلى ‫المسجد الحرام خلال الأيام الخمسة الأولى من شهر رمضان الحالي عبر النقل الترددي.

وفي هذه الأثناء، وفي خضم هذه التغطية الإعلامية حول الحرمين، كان الرئيس التركي يخطب إحدى خطبه الرنانة يستدر بها عواطف مريديه وأنصاره قائلاً نصاً: "القدس ليست مجرد مدينة، بل رمز وامتحان وقبلة، فإذا لم نستطع حماية قبلتنا الأولى فلا يمكننا النظر بثقة إلى مستقبل قبلتنا الأخيرة مكة"!

المملكة وخدمة الحرمين

لا شك بأن المملكة جديرة بخدمة الحرمين، وضيوف الرحمن، وهي التي حباها الله مكانة دينية عظيمة لدى جموع المسلمين، واصطفى أهلها ليكونوا في خدمة الحجاج والمعتمرين، وهو أشرف وأنبل عمل يمكن أن يقوم به الإنسان.

وسخرت البلاد إمكانياتها ومواردها من أجل هذا العمل الشريف، وطوال تاريخها لم تسمح المملكة بتسييس الحج والعمرة والشعائر الدينية، بل كانت دائماً تتجاوز هذه الأمور للتفرغ لمهمتها الكبرى في خدمة الحجاج والمعتمرين، فلم يثنها مثلاً خلافها مع إيران عن استقبال الحجاج الإيرانيين وخدمتهم، وتسهيل أدائهم للفرائض والطاعات، برغم ما تعانيه وشعبها من جرائم نظام الملالي، وأطماعه التوسعية.

رسائل هامة

مقطع الفيديو الذي ظهر فيه النجم العالمي "بوجبا"، والذي تتعدى شهرته شهرة بعض قادة الدول، وتهتم وسائل الإعلام العالمية بكل كلمة يقولها، وكل خطوة يخطوها، ولديه من المعجبين في جميع أنحاء العالم بالملايين، هي شهادة مهمة وعفوية بأن المملكة تنعم بالأمن والأمان، وأنها قادرة بلا شك على حماية الحرمين، وعلى تسهيل طاعات ضيوف الرحمن، وتلبية احتياجاتهم كافة.

وعلى ما يبدو فإن هذا المقطع المرئي، والإحصائيات التي تمدنا بها الجهات المسؤولة طوال الوقت عن أعداد المعتمرين والحجاج، وعن حجم التسهيلات التي تقدم لهم لإتمام عبادتهم وشعائر دينهم على أكمل وجه، ما هي إلا رسائل واضحة إلى كل المشككين، ومحترفي الهمز واللمز بأن المملكة بخير، ولديها جيشها وأمنها القادران على حماية أمن شعبها وضيوف الرحمن.. للبيت جيش قيضه الله من أبناء هذه البقاع الطاهرة ليحميه، ويسهر على راحة زائريه.

المتاجرة بالقضايا الإسلامية

ليست هذه هي المرة الأولى التي يخرج فيها الرئيس التركي أمام أتباعه وأنصاره ليلقي كلماته غير المسؤولة حول الحرمين، ويلعب على أوتار الحماسة الدينية، فقد سبق أن قال قبل نحو 6 أشهر: "إذا فقدنا القُدس فلن نَتمكّن من حِماية المدينة المُنوّرة، وإذا فقدنا المدينة، فلن نَستطيع حِماية مكّة، وإذا سقطت مكّة، فسنفقد الكعبة المُشرّفة"، وللمرة الثانية يستثير غضب الكثير من العرب والمسلمين بتصريحات جانبها الصواب.

وفي كل مرة يحاول "أردوجان" الهروب من الأزمات في بلاده، والمتاجرة بقضية "القدس" على حساب الحرمين، فضلاً عن كسب "نقطة" ضد خصومه السياسيين في موسم الانتخابات التركية؛ ليأخذ مواطنيه بعيداً عن أزماتهم الحقيقية، ومن أجل استجداء مشاعر الأتراك المسلمين، والحصول على أصواتهم الانتخابية، وتنصيب نفسه "شرطي الإسلام"، وكأنه الوحيد الذي يعنيه الإسلام ومقدساته.

موقف تلفزيوني

ولكن ماذا فعل "أردوجان" حقاً للقدس حتى يفعل للحرمين؟ هذا هو السؤال، وإجابته يكشفها رفض البرلمان التركي بغالبية أصوات حزب "أردوجان"، مقترح المناقشة الذي تقدم به حزب الشعوب الديمقراطي إلى الجمعية العمومية لإنهاء كل الاتفاقيات السياسية والاقتصادية والعسكرية المبرمة مع إسرائيل في عام 2016، وفرض عقوبات اقتصادية عليها.

الرد على السؤال كذلك يجيب عليه تقرير موسع لصحيفة "زمان" التركية، بعنوان "هل تركيا على خلاف مع إسرائيل حقًا"، ومن خلال سطور التقرير يكتشف القارئ أن النظام التركي على وفاق تام مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وأن العداوة فقط في العلن، بينما هي صداقة دافئة في الخفاء، وعلاقات تجارية واقتصادية متينة؛ إذ يكشف التقرير تسجيل الصادرات التركية إلى إسرائيل زيادة بلغت 27% في الأشهر الأربعة الأولى من سنة 2018م، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي لتصل إلى مليار و332 مليون دولار، وخلال الفترة نفسها من العام الماضي بلغت عائدات الصادرات مليار و48 مليون دولار.

كما أشارت بيانات هيئة تنظيم سوق الطاقة إلى تصدير تركيا إلى إسرائيل خلال عام 2017 نحو 20 ألف و202 طن من منتجات الوقود من بينها 8 آلاف و269 طنا من وقود الطائرات، و11 ألف و637 طناً من وقود النقل البحري، و296 طناً من زيت الوقود. وفي المقابل استوردت تركيا من إسرائيل ألف و76 طناً من الديزل، و5 آلاف و614 طناً من زيت الوقود، وفقاً لما أوردته الصحيفة التركية في التقرير المشار إليه.

وفي مقابلته مع صحيفة شالوم، التي تعد الصحيفة الرسمية للجماعة اليهودية، في الثامن عشر من أبريل أفاد القنصل الإسرائيلي في إسطنبول "يوسف لفي سفاري" أن العلاقات التجارية بين البلدين تقدمت بصورة مثمرة وأن الصادرات التركية إلى إسرائيل تزايدت عقب أزمة مافي مرمرة.

وأضاف القنصل أنه خلال السنوات الخمس الأخيرة ارتفعت الصادرات التركية إلى إسرائيل بنسبة 22 في المئة، مفيدا أنه يمكن القول إن الدولتين تدعمان العلاقات التجارية وتستثمر لمواصلتها. وفي المقابلة نفسها أشار القنصل إلى ارتفاع عدد السياح الإسرائيليين المتوجهين إلى تركيا.


وهو ما يعني أن موقف الرئيس التركي من قضية القدس والاحتلال الإسرائيلي لا يرتقي لأكثر من موقف تلفزيوني لا يتعدى الخطب والكلمات الرنانة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org