أعلن سفير جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة العربية السعودية لي هواشين، أن بلاده تنظر إلى رؤية المملكة 2030 باعتبارها فرصة للتكامل بين البلدين في المجالات التجارية والسياسية والثقافية وغيرها، خصوصاً وأن لدى الصين مبادرة "الحزام والطريق"، التي تتلاقى مع الرؤية السعودية في كثير من العناصر والأهداف.
وأكد السفير الصيني، في هذا السياق، أن بلاده استقبلت زيارة وزير العدل الدكتور وليد الصمعاني بكثير من الاهتمام والنظر إلى أفق أوسع للعلاقات المشتركة بين المملكة والصين.
وقال "هواشين": "هذه الزيارة ذات أهمية كبرى، بوصفها حلقة جديدة في العلاقات، وعقدت خلالها محادثات مثمرة، فهي على رغم قِصر مدتها إلا أنها كانت مفيدة وغنية للتعارف والتفاهم بين الجانبين، وستتلوها زيارة مماثلة لوزارة العدل الصينية إلى المملكة قريباً".
وعن الإجراءات القانونية التي اتخذتها حكومة المملكة عبر أجهزتها القضائية ضد الفساد، مؤخراً، قال السفير الصيني: "إنها مبادرة طموحة لتنظيف البيئة الاستثمارية بما يعود بالنفع على الشركاء كافة بما فيهم الشركات الصينية، التي تتلقى من الحكومة الصينية دائماً تعليمات مشددة بالعمل وفق القانون واحترام خصائص البيئة والمجتمع السعودي".
وأشار "هواشين" إلى أن زيارة وزير العدل السعودي تأتي في سياق رؤية 2030 السعودية، الرامية إلى توثيق العلاقات التجارية والاقتصادية مع العالم أجمع؛ إذ تعكف كل الجهات في الصين على التخطيط لبرامج السنوات الخمس القادمة؛ وذلك أكسب الزيارة أهمية بالغة.
وأضاف السفير الصيني: "الزيارة كانت فرصة لعقد عدد من المحادثات حول خطط العمل في الصين، تعرّف من خلالها الوزير السعودي على القضاء الصيني عن قرب، وقدّم هو الآخر للصينيين معلومات أكثر عن نظام القضاء في السعودية، وجرى تبادل الخبرات والأفكار والتجارب لفائدة الطرفين، وهي تجربة عملنا على تسهيلها، ونرحّب بالمزيد من الزيارات للمسؤولين السعوديين باستمرار؛ من أجل تطوير علاقاتنا التي أصبحت شاملة ومتنوعة".
وشدد "هواشين" على أن الجانبين العدليين الصيني والسعودي تناقشا حول ما يمكن عمله بين البلدين؛ لتفعيل وتطوير علاقاتهما أكثر، فجرى طرح فكرة مشروع اتفاقية تعاون قضائي مدني وتجاري، وهي فكرة قوبلت بالترحيب والاهتمام؛ لكون الصين تنظر إلى رؤية 2030 والبرامج المنبثقة عنها على أنها فرصة كبيرة لتعميق الشراكة والتبادل التجاري وتنمية العلاقات الإنسانية والثقافية، مفصحاً في الوقت ذاته عن أن بلاده قامت فور صدور الرؤية بترجمتها إلى اللغة الصينية بالكامل.
وأردف السفير الصيني قائلاً: "عقب ترجمة رؤية المملكة 2030 قامت الجهات المختلفة في الصين بإجراء دراسات مستفيضة بشأن الرؤية لتخلص إلى أنها فرصة واعدة للبلدين، فهي تتلاقى مع مبادرة "الحزام والطريق" (طريق الحرير) المبنية على أسس: المشاركة في المناقشة، والبناء، والاستفادة، وتغطي مثل الرؤية السعودية الجوانب السياسية والبنية التحتية والمالية والتجارة والجوانب الإنسانية الثقافية، وهو ما دفع الصينيين لقول: "حان الوقت لالتقاء المبادرتين، والتركيز على كيفية الربط بينهما، وبالفعل هنالك مشروعات حول هذا الأمر، بعضها بدأت والبعض الآخر نخطط لإطلاقه، وتعهدنا بأننا سنكون الشريك القوي الموثوق به للسعودية".
وأكد السفير أن الخطوات الجديدة التي قامت بها وزارة العدل في السعودية بتدشينها المحاكم التجارية في مناطق مختلفة، يعطي دليلاً ملموساً على أن السعودية دولة قانون، وتبعث رسالة إلى العالم أجمع بأنها تعمل على إرساء الحق والعدل لدعم البيئة الاستثمارية في المملكة، مضيفاً: "وهذا ما قلته صراحة في مناسبة تدشين المحاكم التجارية التي دعيت إليها".
وبيّن السفير الصيني أن التطورات السعودية في الجوانب كافة تهمنا في الصين بشكل خاص بوصف التبادل التجاري بين المملكة والصين مهم جداً وصل إلى 70 مليار دولار في سنوات ما قبل تراجع أسعار النفط، ولا يزال الآن يشكل رقماً كبيراً بنحو 43 مليار دولار، حسب إحصاءات 2016.
واعتبر "هواشين" أن أهمية علاقات بلاده مع السعودية تكمن في رغبة حكومتي البلدين إلى إعطائها آفاقاً أوسع، لهذا كان الترحيب عالياً بأول زيارة من نوعها لوزير عدل سعودي إلى بكين، مضيفاً: "وفي السياق الثقافي اتفقنا مع الجانب السعودي على ترجمة 50 كتاباً سعودياً إلى الصينية، ومثلها بالصينية إلى العربية، بحيث تنتخب الجهات المعنية في البلدين ما تراه مناسباً من كنوزها للترجمة المتبادلة، وهذا لا شك سيضفي مزيداً من التقارب الثقافي بين الحضارتين والشعبين".
وثمّن السفير الصيني، في هذا الصدد، مبادرة مركز الملك فيصل للبحوث بإطلاقه نسخة لموقعه الإلكتروني باللغة الصينية إلى جانب العربية والإنجليزية، في مناسبة إقامة فعاليات الحوار الثقافي السعودي-الصيني، والذي بدأ بحلقة نقاش بعنوان: "الأمن في منطقة الخليج والعلاقات الخليجية-الصينية".