أكدت المملكة العربية السعودية دعمها جهود الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص لدى سوريا جير بيدرسون، وكل الجهود الرامية إلى وقف المأساة في سوريا، واستئناف أعمال اللجنة الدستورية، مفيدة بأنها أسهمت في تسهيل التوصل لحل سياسي من خلال استضافتها مؤتمرَي الرياض1 والرياض 2، اللذين أفضيا إلى تأسيس هيئة المفاوضات السورية، وبذلت كل جهد ممكن، وستستمر في توحيد المعارضة السورية وجمع كلمتها.
وتفصيلاً، جاء ذلك في كلمة المملكة العربية السعودية أمام اللجنة الثالثة في اجتماعها المنعقد حول البند (72 جـ) لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها: حالات حقوق الإنسان والتقارير المقدمة من المقررين والممثلين الخاصين، ومشروع قرار حالة حقوق الإنسان في الجمهورية العربية السورية، التي ألقاها نائب المندوب الدائم للمملكة العربية السعودية لدى الأمم المتحدة الدكتور خالد بن محمد منزلاوي.
وأشار الدكتور منزلاوي إلى مرور عشرة أعوام ولا تزال معاناة الشعب السوري مستمرة في اعتصار الضمائر والأفئدة في أنحاء العالم. ولئن تغيرت المواقع والأماكن وأساليب القهر إلا أن المعاناة ما زالت نفسها.
وقال: إن الظروف التي أدانتها القرارات السابقة حول حالة حقوق الإنسان في الجمهورية العربية السورية ما زالت قائمة، بما فيها تشريد الملايين في الخارج، ونزوح الملايين أيضًا في الداخل، واستخدام الأسلحة المحرمة دوليًّا؛ ولذلك يأتي هذا القرار ليدين انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا أيًّا كان مصدرها. علمًا بأن تقارير الأمم المتحدة الأخيرة حمّلت النظام السوري مسؤولية الغالبية العظمى من هذه الانتهاكات.
وأردف: يدين هذا القرار بشدة تدهور الأوضاع الإنسانية في سوريا، والقتل العشوائي، والاستهداف المتعمد للمدنيين، واستمرار الاستخدام العشوائي للأسلحة الثقيلة وعمليات القصف الجوي؛ ما تسبب في مصرع أكثر من خمسمئة ألف شخص، بما في ذلك مقتل ما يقارب 17 ألف طفل، واستمرار انتهاكات القانون الدولي الإنساني التي تتم بشكل ممنهج، وعلى نطاق واسع، من خلال تجويع المدنيين كوسيلة من وسائل الحرب، واستخدام الأسلحة الكيميائية المحظورة بموجب القانون الدولي.
وأفاد بأن هذا القرار يؤكد أن الحل السياسي هو الحل الوحيد والمستدام للأزمة في سوريا، ويتم ذلك من خلال عملية سياسية شاملة، تلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري، وتتماشى مع قرار مجلس الأمن 2254 (2015) ومسار جنيف (1).
ورحب الدكتور منزلاوي -باسم وفد السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة- بإنشاء اللجنة الدستورية في سوريا، والبدء في أعمالها، مبينًا أن ذلك يؤكد على أن هذه الخطوة تعد بارقة أمل نحو المضي قُدمًا إلى حل سياسي، يُنهي معاناة الشعب السوري الشقيق، ويضمن العودة الآمنة الطوعية الكريمة للاجئين من أبنائه وفقًا للمعايير الدولية.
وأعرب عن بالغ قلقه إزاء تأثير جائحة كوفيد-19 على الشعب السوري الشقيق؛ إذ إن تقارير الأمم المتحدة الأخيرة تفيد بارتفاع أعداد الوفيات وعمليات الدفن داخل سوريا، وهو الأمر الذي يشير إلى أن حالات الإصابة الفعلية بكوفيد-19 في سوريا تتجاوز بكثير الأرقام الرسمية. مشيرًا إلى أن هذه الجائحة تمثل تحديًا هائلاً للنظام الصحي المنهار من الأساس، إضافة إلى زيادة تدهور الأوضاع الاجتماعية الاقتصادية الإنسانية في سوريا.
وشدَّد على أنه ما زالت هناك قوى إقليمية تشكل خطرًا كبيرًا على مستقبل سوريا وهويته، من خلال مشاريع الهيمنة، واستخدام الميليشيات الطائفية، واستثارة الحروب الأهلية المدمرة للشعوب والأوطان. لافتًا النظر إلى أن الميليشيات الطائفية والجماعات الإرهابية وجهان لعملة واحدة، وكلاهما يصنع الدمار والخراب، ويطيل أمد الأزمات.. وأن المملكة العربية السعودية من هذا المنبر تؤكد أهمية محاربة جميع التنظيمات الإرهابية بأشكالها كافة.
وتابع الدكتور منزلاوي القول: إن هذا القرار يعبّر عن القلق إزاء استمرار انعدام حالة الأمن في شمال شرق سوريا، التي من شأنها تقويض التقدم المحرز في مجال محاربة الإرهاب، أو عودة التنظيمات الإرهابية لممارسة نشاطها في المنطقة؛ ويطلب من المجتمع الدولي اتخاذ كل ما يلزم من تدابير بشكل فوري لضمان عدم السماح بتسلل المقاتلين الإرهابيين الأجانب إلى خـارج سـوريا، أو إعادة بنـاء قدراتهـم داخلها.
وجدد الدكتور منزلاوي في ختام الكلمة التشديد على أن مشاركة المملكة العربية السعودية مع أكثر من أربعين دولة في تبني هذا القرار يأتي استشعارًا منها لمعاناة الشعب السوري الشقيق الذي طال أمد معاناته، أملاً منها بأن يؤدي هذا القرار ومختلف جهود الأمم المتحدة إلى مساعدة الشعب السوري على تحقيق آماله وطموحاته وتطلعاته المشروعة نحو العدالة والحرية والرخاء والاستقرار.