ساعات محدودة تفصل 80 مليون شخص، على أقلّ تقدير، في مختلف أرجاء العالم، عن متابعة انطلاق الفعاليات المثيرة لسباق "الفورمولا إي- الدرعية 2018"، الذي تحتضنه السعودية بدءًا من غد (الخميس) ولمدة ثلاثة أيام؛ في أول ظهور لبطولة "فورمولا إي" في الشرق الأوسط، التي نُظمت من قبل في شوارع أكثر المدن شهرةً في العالم مثل باريس ولندن وبكين وروما وهونغ كونغ ونيويورك، لكن ما يميز سباق "الفورمولا إي- الدرعية 2018" عن البطولات السابقة؛ أنه يعد أكبر سباق "للفورمولا إي" يقام على مستوى العالم؛ وفقًا لما أعلنه الرئيس التنفيذي للشركة المنظمة للسباق "سي بي إكس" كارلو بوتاجي.
أنشطة ثرية
وسباق "الفورمولا إي- الدرعية 2018" هو فعالية رياضية وموسيقية وثقافية كبرى، تجمع عشاق الرياضة ومحبي فنون الغناء والموسيقى والمهتمين بالتراث الثقافي للسعودية في مناسبة واحدة، ستتيح للمهتمين في كل مجال من المجالات الثلاثة معايشة أجواء مختلفة عن تلك التي اعتادوا عليها، ومتابعة أنشطة ستثري تجاربهم الشخصية والحياتية، وستترك أثرًا إيجابيًّا من الصعب محوه عن السعودية، الرقعة التي انطلق منها الإسلام إلى البشرية جمعاء في كل الأزمنة والعصور، والأرض الذي تحتضن موروث الثقافة العربية الأدبي، والدولة التي تضم بيئات متنوعة الأجواء بين صحراوية وساحلية وجزر وواحات ومدن حديثة، تستهوي محبّي السياحة والسفر والترحال في كل بقاع العالم.
ورغم أن الملايين عبر العالم سيستمتعون بفعاليات سباق "الفورمولا إي- الدرعية 2018"، فإن السعودية هي المستفيد الأول من نتائجه العديدة؛ لأنه سيتحول إلى واجهة عالمية تتيح للسعودية فرصة التعريف بنفسها لشعوب العالم، وعرض الإمكانات الروحية والتاريخية والثقافية والسياحية والرياضية التي تزخر بها؛ ما سيسهم في تغيير الصورة النمطية التي ترسّبت لدى البعض عنها كمصدر للنفط فحسب، والتعريف بالصورة الحقيقية للسعودية كبلد متطور ومنفتح يقبل بتنوع الثقافات؛ إذ يعيش فيه الملايين من مختلف الجنسيات، يعد مكسبًا كبيرًا عادة تنفق الدول في سبيل تحقيقه الكثير من الأموال والجهود، ولكنه سيتاح للسعودية ضمن نتائج "الفورمولا إي- الدرعية 2018".
توظيف الترتيبات
وتكشف الترتيبات التنظيمية لسباق "الفورمولا إي- الدرعية 2018"، عن توظيف السعودية لمتطلباته التنظيمية بالكامل في التعريف بوجهها الحقيقي؛ ففي الوقت الذي أنشأت فيه مضمار السباق طبقًا لأعلى المعايير التصميمية؛ إذ تتجاوز مساحته أكثر من 180 ألف متر مربع لإيجاد بيئة تنافسيّة بين سائقي "فورمولا إي" الموزعين على 11 فريقًا، فيما يبلغ امتداده مسافة 2495 كيلومترًا؛ فإن المضمار صُمم بطريقة جعلتْه يضم 21 لفة ومنعطفًا، سيطوف السائقون من خلالها حول جدران مدينة الدرعية التاريخية قبل العودة إلى خط البداية - النهاية في قلب المنطقة.
وتطويع تصميم المضمار لإبراز التكوينات الأثرية والتراثية لمدينة الدرعية، سيسمح بالتعريف بهذه المدينة التاريخية للعالم من خلال عرض كاميرات التصوير لآثارها خلال متابعة حركة سيارات المتسابقين عبر مضمار السباق، وعرض الدرعية كنموذج تاريخي سعودي من المرجح أن يُثير اهتمام محبي التراث والمواقع التاريخية والسياحة بمدن سعودية أخرى، والتعرف بشكل أشمل على حقيقتها المختزلة في إنتاج النفط فقط.
ولن تقتصر فوائد سباق "الفورمولا إي- الدرعية 2018" على السعودية الدولة فحسب؛ بل ستشمل مواطنيها؛ فالتسهيلات التي منحتها المملكة لآلاف الزائرين الذين سيتابعون السباق ستسمح لهم بالتجول في مدن ومناطق المملكة والتعرف على شعبها، وهذا من شأنه التعريف بالسعوديين كشعب يمتهن وظائف عديدة ما بين مجالات الزراعة والصناعة والتجارة، ولديه خبرات متراكمة في زراعة النخيل والبن والفواكه والقمح والخضراوات، ويُعلم أولاده في جامعات ومعاهد علمية متقدمة، ويمتلك تنوعًا بيئيًّا وإنسانيًّا فريدًا، كغيره من شعوب العالم التي تعتز بموروثها وتشارك في بناء الحضارة الإنسانية، وهذا سيعزز من حضور الشخصية السعودية عالميًّا ويبرز عطاءاتها.