جولة اليومين تنتهي فجراً بالحرم .. بصمات ولى العهد تلتقى نهج الملوك الستة

من تدشين "رؤية العلا المستقبلية" وميناء مدينة الملك عبدالله إلى "ملكية مكة"
جولة اليومين تنتهي فجراً بالحرم .. بصمات ولى العهد تلتقى نهج الملوك الستة

تصوير - بندر الجلعود

واصل سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان جولته المكوكية، التي انطلقت منذ يومين في العلا ودشّن خلالها "رؤية العلا المستقبلية"، ثم اتجه إلى مدينة الملك عبدالله الاقتصادية لتدشين مينائها الجديد قبل أن يختم زيارته بتفقد الحرم المكي فجر اليوم؛ حيث ترأس اجتماع مجلس إدارة الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرّمة والمشاعر المقدّسة، المسؤولة عن تحقيق رؤية خادم الحرمين الشريفين، التي تهدف إلى الارتقاء بالخدمات كافة، وإنشاء منظومة مستدامة تشمل في مخططاتها العنصر البشري والبنية التحتية والنسيج الاجتماعي بشكل عام ويكون الحرم المكي والمشاعر المقدّسة في قلبه.

ومع انتهاء الاجتماع، انتقل ولي العهد إلى الحرم المكي؛ حيث اطلع على سير المشاريع العملاقة التي انطلقت منذ سنوات ومازالت تواصل المسير لتطوير الحرم المكي وزيادة سعته الاستيعابية بما يواكب الرؤية المستقبلية التي تستهدف ضعفَي عدد المعتمرين حالياً.

اهتمام الملوك

هذا الاهتمام الكبير بالحرم المكي من قِبل الأمير محمد بن سلمان يأتي امتداداً للأعمال الضخمة والاهتمام منقطع النظير الذي أولاه قادة المملكة منذ عهد الملك المؤسِّس عبدالعزيز ومروراً بأبنائه الملوك كافة حتى عهد الملك سلمان؛ حيث كان واضحاً اهتمام قادة المملكة بتوسعة الحرمين الشريفين وخدمتهما، بالبذل السخي على مشاريعهما وتقديم كل ما من شأنه راحة ضيوف الرحمن.

تاريخ من التطوير

وبالعودة للتاريخ، فقد بدا اهتمام ملوك الدولة السعودية منذ عهد الملك المؤسّس، إذ بدأها الملك عبدالعزيز عام 1344هـ (1925م) بتوطين مصنع كسوة الكعبة المشرّفة في مكة المكرّمة، وبدأت مشاريع التوسعة السعودية للحرمين الشريفين بعد تأسيس المملكة مباشرة، ففي عام 1354هـ (1935م) أمر الملك عبدالعزيز، طيّب الله ثراه، بعمل ترميمات وتحسينات شاملة بالمسجد الحرام.

ثم تواصلت جهود ملوك هذه البلاد الطاهرة في العناية بالحرمين الشريفين، فأضيفت للحرم المكي ساحة أخرى في عهد الملك سعود، وأمر -رحمه الله- بتركيب مضخة لرفع مياه زمزم في سنة 1373هـ، وأنشأ بناية لسقيا زمزم أمام بئر زمزم واستبدال الشمعدانات الست بحجر إسماعيل عليه السلام بخمس نحاسية تضاء بالكهرباء وتبليط أرض المسعى بالأسمنت، وفي الخامس من ربيع الأول سنة 1375هـ ألقى الملك سعود، رحمه الله، خطابه التاريخي بالشروع في توسعة المسجد الحرام التي أمر بها والده الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، وبُدئ العمل في 4 ربيع الآخر عام 1375هـ، وشملت التوسعة إزالة مبانٍ كانت تضيق على المصلين والطائفين في صحن المطاف.

الثمانينيات الهجرية

وعندما تولى الملك فيصل الحكم عام 1384هـ واصل، رحمه الله، إنجاز توسعة المسجد الحرام التي بدأت في عهد الملك سعود، رحمه الله، التي أمر بها أبوهما الملك عبدالعزيز، رحمه الله، حيث تمت إزالة البناء القائم على مقام إبراهيم توسعة للطائفين، ووضع المقام في غطاء بلوري وبناء مبنى لمكتبة الحرم المكي الشريف، ووجّه ببناء مصنع كسوة الكعبة المشرّفة في موقعه الجديد في أم الجود.

وقام الملك خالد، رحمه الله، بإتمام ما تبقى من عمارة وتوسعة المسجد الحرام، حيث تم في عهده افتتاح مصنع الكسوة بعد تمام البناء والتأثيث، وتوسيع المطاف وفرش أرضيته برخام مقاوم للحرارة جُلب من اليونان مما زاد من راحة المصلين والطائفين في الظهيرة ونقل المنبر والمكبرية، وتوسيع قبو زمزم، وجعل مدخله قريباً من حافة المسجد القديم في جهة المسعى، وجعل فيه قسمين: قسم للرجال وقسم للنساء، ورُكبت صنابير لشرب الماء البارد، وجعل للبئر حاجزاً زجاجياً، ووجه -رحمه الله- بصنع باب الكعبة المشرّفة، كما تم صنع باب للسلم الداخلي للكعبة الموصل إلى سطحها.

التوسعة السعودية الثانية

وكانت التوسعة السعودية الثانية عام 1389هـ وقد بلغت الإضافات التي تمت خلال هذه المشروعات نحو (171.000) متر مربع وهو ما يعادل ستة أضعاف مساحة الرواق العثماني تقريباً، وخلال فترة تولي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، مهام الحكم في البلاد، شهد المسجد الحرام مشروعات تجاوزت الحرمين إلى المناطق المحيطة بهما؛ حيث اهتم، رحمه الله، بالمدينتين المقدّستين وكان يوجه بالبذل السخي والإنفاق بكرم على مشاريع الحرمين، وفي شهر صفر من عام 1409هـ، تم وضع حجر الأساس لتوسعة وعمارة المسجد الحرام وبدأت أعمال التوسعة في شهر جُمادى الآخرة من العام نفسه، وقد تابع الملك فهد هذا المشروع من خلال وجوده بمكة المكرّمة فترات عدة من كل عام خلال تنفيذه.

التطوير يتواصل

ثم جاءت توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، التي تُعد أكبرها من حيث المساحة وسعتها لأعداد كبيرة من المصلين، وتُعد هذه التوسعة الثالثة للدولة السعودية بعد توسعة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن والملك فهد بن عبدالعزيز، وجاءت على مدى العصور التاريخية بعد توسعة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، عندما قام بتحديد المسجد الحرام ببناء سور قدر القامة في السنة 17 للهجرة.

التوسعة الثالثة

وقبل عامين، دشّن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، التوسعة الثالثة للمسجد الحرام بطاقة استيعابية تقدر بنحو مليونَي مصلٍ وبتكلفة بلغت مليارات الدولارات، والتي تتألف من 5 مشروعات تشمل مبنى التوسعة والساحات والأنفاق ومبنى الخدمات، والطريق الدائري الأول، ويتضمن المشروع إنشاء 78 باباً أوتوماتيكياً يتم إغلاقها بالتحكم عن بُعد وتحيط بالحرم في الدور الأرضي فقط، ويضيف ثالث مشروع لتوسعة المسجد الحرام والعناصر المرتبطة به مساحة مقدارها الثلثين مقارنة بالمساحة السابقة للمسجد الحرام، ليؤكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بذلك مواصلة ملوك هذه البلاد الاهتمام بالحرمين الشريفين ويضع بصمته بعد مسيرة ستة ملوك خلدت بصماتهم في عمارة وتوسعة وتطوير الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org