بعد إعلانها بـ10 أشهر .. ماذا قال "المؤسس" لعباس العقاد عن الجامعة العربية؟

وصفها بـ"المنار" وحذر من المساس بها
بعد إعلانها بـ10 أشهر .. ماذا قال "المؤسس" لعباس العقاد عن الجامعة العربية؟

في استعداداتها لزيارة الملك عبدالعزيز لها في يناير 1946م، استنفرت مصر كل أجهزتها لاستقبال ضيفها الكبير رسميًا في أبهى صورة تليق بمكانته كزعيم عربي، وكان من ضمن الترتيبات وصول ثلاث سفن مصرية إلى ميناء جدة مزدانة بالأعلام والشارات، تحمل إحداها بعثة شرف لمرافقة الملك عبدالعزيز من جدة إلى السويس، وكان من ضمن أعضائها الأديب عباس محمود العقاد، الذي كان عضوًا في مجلس النواب المصري في ذلك الوقت.

نزلت بعثة الشرف في جدة واصطحبت الملك عبدالعزيز إلى اليخت "المحروسة"، الذي تحرك في اتجاه السويس عصر الاثنين 6 يناير، وخلال الرحلة ذكر "العقاد" أن الملك عبدالعزيز تحدث في مجلسه على اليخت عن جامعة الدول العربية، التي كانت قد تأسست قبل نحو 10 أشهر في مارس عام 1945م، وقال: "إنها منار لنا؛ لأنها تصدر في أعمالها عن بحوث مشتركة، بين ذوي الرأي والبصيرة، يرون في جملتهم ما لا يراه أهل كل بلد، وإنها دريئة (ما يستتر به الصائد) للدول العربية، لأن حجة الدولة، التي تحتج بقرار الجامعة قائمة، وعذرها فيما ترضاه أو تأباه مقبول".

وروى "العقاد" وبحسب ما نقلت عنه موسوعة "مقاتل من الصحراء"، أن الملك عبدالعزيز شفع كلامه عن الجامعة العربية ووصفه لها بـ"المنار" بقصة معبّرة، قائلاً: "كان في مملكة من الممالك منار مغناطيس يكشف البحار من حولها، وينتزع الحديد من السفينة التي تُغير عليها، فلا يقدر أحد على غزوها، واشتدت شوكة هذه المملكة فحسدها جيرانها، وأخذوا في تدبير المكائد لهدم منارها، فدسوا عليها جاسوسًا من جواسيسهم يتزيا بزي النساك الصالحين، ثم تركوه يقيم فيهم ردحًا من الزمن، حتى يستجمع الثقة والمودة من أبنائها.

وطفق هذا الجاسوس يصنع لهم الكرامات ويدلهم على مخابئ الكنوز، ويأتيهم بالعجائب حتى أنسوا به واطمأنوا إليه، فلما عرف مكانته عندهم، جاءهم في بعض الأيام برؤيا يزعم أنه رآها، ويزعم أنه يخاف عقباها، وسألوه عما يخاف فأحجم ثم أحجم، وهو يغريهم بالإلحاح عليه، فلما شوقهم غاية التشويق إلى الخبر، قال لهم: إني مطلعكم عليه والعهدة عليكم، إن تحت هذا المنار كنزًا من الذهب والجوهر يُغنيكم عما في الأرض وما رحبت من النفائس والخيرات، ولا تنالونه إلا بهدم المنار، ولكن حذارِ من الإقدام على هدم المنار.

وكان الرجل كاذبًا في نية التحذير صادقًا في نية الإغراء، فما هو إلا أن سمعوا منه إغراءه بالنفائس والخيرات حتى دكوا المنار دكًا، فعرفوا غفلتهم واستبيحت حوزتهم، وفقدوا الدريئة وفقدوا النور، فتمكن منهم من كان يتقيهم من الجيران والأعداء، وكل عربي يمس هذا المنار (الجامعة العربية) طمعًا في المال والحطام إنما يصيب قومه بمثل ما أصاب أولئك الغافلين".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org