أكد إمام وخطيب مسجد قباء الشيخ صالح بن عوّاد المغامسي، أن إشاعة التسامح بين الشعوب مهما كانت صغرت أو كبرت يحتاج إلى ثلاثة أمور هي اختفاء الاستعلاء والتكبر، كبت جماع العدوانية الإنسانية، واللين في القول والعمل.
وتفصيلاً، قال "المغامسي" خلال مجلس مسك الثاني الذي تنظمه مبادرات مؤسسة الأمير محمد بن سلمان الخيرية: إن العبء يقع على كل صاحب تأثير سواء كان شيخًا أو صحفيًا أو عالمًا أو أيًا كان فعليه أن يراعي الله في مريديه ومن يسمعون له، مؤكدًا أن النفس البشرية لا تقبل التكبر والاستعلاء على الآخرين، وأن ما يولد مع الإنسان من ترسبات ينشأ عليها خدمته فيها ظروف معينة تجعله أفضل من الناس تجعل منه غير متسامح.
وأضاف أن السبب الثاني لغياب ثقافة التسامح هو العدوانية، والتي من أعظم أسبابها فراغ الإنسان، مؤكدًا أهمية انشغال الشباب بأعمال يعملونها تقلل لديهم هذه العدوانية، مستشهدًا بقول أحد المؤرخين "لن تستطيع أن تكون هادئًا إذا لم يكن لديك عمل تعمل"، مستطردًا أن من لديه منزل أو عمل أو مسؤوليات يتحاشى العدوانية، وأن المسلمين لم يلغوا الحضارات قبلهم التي ما زالت آثارهم موجودة لوجود ثقافة التسامح لدينا.
وبيّن "المغامسي" أهمية اللين في القول والعمل، مستشهدًا بوجود قوتين عظيمتين لديهما من العدة والعتاد والقوة العسكرية لاستخدامها ضد الشعوب المعادية لها في إشارة إلى الصين واليابان، ومع ذلك لم تحاول استخدامها ضد أعدائها من الشعوب الأخرى بل قابلتها بنشر ثقافتها وموروثها للتأثير في هذه الشعوب، ما يدل أن الصراع الحالي صراع ثقافات.
وعن الشخصية المزدوجة التي تتصرف بحسب الموقف والمقام، قال إن هناك فرقًا بين التسامح وبين التسلط على الناس، قد يكون بعض البشر غير متسامح لكنه غير متسلط، والأدهى أن يكون غير متسامح ومتسلط، وعليه يجب أن نعرف أن الصبر يزيد في أمور وينقص في أمور.
وافتتح الشيخ "المغامسي" خلال حوار "التسامح.. زينة الفضائل" مجلس مسك بتعريف لمفهوم التسامح مستشهدًا بقول النبي ﷺ: "رحم الله امرأً سَمْحًا إذا باع، سَمْحًا إذا اشترى، سَمْحًا إذا اقتضى"، مؤكدًا "كل من يغلب عليه التيسير والسهولة تغلب عليه السماحة، ولا تعني السماحة أن تتنازل عن حقك".
وبيّن أن التعايش مبني على التسامح، وأي نفس عدوانية لا يمكن أن يتعايش معها أحد، ومن يحب للناس ما يحبه لنفسه عرف البوابة الكبرى للتسامح، قال ﷺ: "لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ"، مضيفًا أنه "لا تقبل إلا أن تكون عفيف اللسان، وإن استطعت أن تنتصر على نفسك لن يغلبك أحد".
وأشار إلى أن التسامح ثقافة تُبنى من خلال الفرد والمجتمع والقنوات الإعلامية في الناس.. وهي ثقافة حياة مطمئنة يكون صاحبها شخصًا متسامحًا إذا عرف طبيعة خلقة الناس واختلافهم"، ملخصًا التسامح بقوله: "التسامح ليس قضية رقة قلب.. بل وفرة عقل".