لم تكن مبادرة السعودية الجديدة لحلحلة الأزمة اليمنية، وإيجاد أرضية مشتركة بين الحكومة اليمنية والميليشيا الحوثية، سعيًا لوقف نزيف الدماء، وإنهاء معاناة الشعب اليمني، إلا حلقة جديدة من حلقات المبادرات والمواقف السعودية الهادفة إلى تحقيق السلام، وإعلاء المصالح اليمنية العليا؛ ليعود اليمن سعيدًا كما كان.
وتأتي المبادرة الجديدة متسقة مع الجهود الدولية السابقة لإنهاء الأزمة، واستكمالاً لها، ووفق مقتضيات مشاورات بييل وجنيف والكويت واستكهولم، وفي إطار الدعم المستمر لجهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن السيد مارتن غريفيث، والمبعوث الأمريكي لليمن السيد تيموثي ليندركينغ، والدور الإيجابي لسلطنة عمان، ودفع جهود التوصل لحل سياسي للأزمة برعاية الأمم المتحدة، وبناء على مرجعيات قرار مجلس الأمن الدولي ٢٢١٦، والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل.
ولا شك أن المبادرة تمنح الحوثيين فرصة ذهبية لتحكيم العقل، ووقف نزيف الدم اليمني، وفرصة لمعالجة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية التي يعاني منها الشعب اليمني، وأن يكونوا شركاء في تحقيق السلام في البلاد التي مزقها الصراع والانقلاب.
فقد بلغت الأزمة اليمنية مبلغًا عظيمًا، ولا مستفيد من الصراع الحالي غير القوى الإقليمية التخريبية، التي تجد في إطالة أمد صراعات المنطقة فرصة لفرض أجندتها التخريبية، وظرفًا مهيِّئًا لتحقيق خططها التوسعية على حساب بلد عربي شقيق.
لا بديل عن الحل السياسي
وقد ارتأت السعودية الخروج بهذه المبادرة الجديدة في سبيل سعيها الدائم منذ الوهلة الأولى لحل أزمة اليمن، وإعادة الاستقرار لأرضه وشعبه، وذلك في الوقت الذي تعيش فيه مأرب على وقع تصعيد عسكري، قد يؤخذ بالأزمة إلى حرب لا نهاية لها، وصراع قد يُنهي على كل الآمال المتبقية لإحلال السلام.
كما تأتي المبادرة في الوقت الذي فشلت فيه الميليشيا الحوثية في تحقيق أي انتصار عسكري في محاولاتهم اليائسة للسيطرة على محافظة مأرب، بعد أن تكبدوا خسائر فادحة، تقدّم إثرها الجيش الوطني اليمني في عدد من الجبهات.
وبعثت الخسائر الحوثية الأخيرة، والتقدم الذي أحرزه الجيش الوطني اليمني على عدد من الجبهات في الفترة الأخيرة، برسالة واضحة إلى قادة الميليشيا باستحالة تحقيق انتصار عسكري يفرض إرادتهم الكاملة على مكونات الشعب اليمني بمختلف اتجاهاته وطوائفه، وأنه لا بديل عن الحل السياسي، وفك الارتباط مع إيران ومشروعها التوسعي التخريبي، والتجاوب مع المبادرة السعودية بالشكل الذي يجنب البلاد ويلات الحرب المستمرة بلا توقف.
تفاصيل المبادرة
أما بشأن تفاصيل المبادرة السعودية فقد تتضمن وقف إطلاق نار شامل تحت مراقبة الأمم المتحدة، وإيداع الضرائب والإيرادات الجمركية لسفن المشتقات النفطية من ميناء الحديدة في الحساب المشترك بالبنك المركزي اليمني بالحديدة وفق اتفاق استوكهولم بشأن الحديدة.
كما تشمل المبادرة فتح مطار صنعاء الدولي لعدد من الرحلات المباشرة الإقليمية والدولية، وبدء المشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية برعاية الأمم المتحدة بناء على مرجعيات قرار مجلس الأمن الدولي ٢٢١٦، والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل.