أموال قطر.. العامل المشترك في فضائح الفيفا
مرّ الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" خلال السنوات الماضية بأزمات ومشكلات، هزت عرشه وأطاحت بالعديد من رموزه، ليس لسبب سوى أن هذه الأزمات كانت بمثابة "فضائح"، تلامس الشرف والأمانة لدى بعض مسؤولي الفيفا، الأمر الذي يؤكد أن هناك فساداً مستفحلاً في أروقة الاتحاد الذي أنشئ عام 1904، وإذا بحثنا عن العامل المشترك في تلك الأزمات والمشكلات مجتمعة، نجد أنه "المال القطري".
بدأت أخطر أزمات الفيفا، عند التصويت على شرف استضافة مونديال 2022، حيث ذهبت معظم الأصوات صوب ملف قطر، التي تغلبت على ملفات دول أخرى لها تاريخ طويل ومشرف في كرة القدم، ليتبين بعد ذلك أن الدوحة حصلت على شرف الاستضافة عبر توزيع الرشى والهدايا على أعضاء الاتحاد الدولي، ورغم نفي قطر من جانب، وتملص الاتحاد الدولي من جانب آخر، إلا أن الفضيحة انتشرت، وأدلة الرشى فاحت رائحتها في كل مكان، وأدرك العالم أن أعضاء الاتحاد الدولي، كانوا ضحية الإغراءات المالية الضخمة من قطر، وهو ما ألحق السمعة السيئة بهذا الاتحاد وأعضائه، ومازالت ذيول هذه الأزمة موجودة وباقية، بعدما طالب مسؤولون بالتحقيق في خبايا تلك الأزمة، ومعرفة من المتورطين فيها، ومعاقبة الدوحة إذا ثبت أنها قدمت هدايا ورشى لأعضاء الاتحاد، للفوز بأصواتهم لاستضافة مونديال 2022، ويرجح الكثيرون أن يسحب الفيفا ملف الترشيح من قطر في وقت لاحق من هذا العام.
أزمة أخرى، يعيش "الفيفا" فصولها بالتزامن مع إقامة منافسات مونديال 2018 في روسيا حالياً، وتتلخص الأزمة في سيطرة قناة الجزيرة الإخبارية القطرية، من خلال قناتها "بي إن سبورتس"، على حقوق البث المباشر لمنافسات كأس العالم، وغض البصر عن سياستها الإعلامية، التي تمزج بين الرياضة والسياسة، في مخالفة صريحة وخطيرة للمبادئ التي قام عليها الاتحاد الدولي، الذي يؤكد في كل مناسبة أنه بعيد كل البعد عن العنصرية والطائفية والسياسة والدين، في إشارة إلى أنه ينبغي أن تصلح الرياضة ما أفسدته السياسة، ولكن على العكس من ذلك، رأت "بي إن سبورتس" أن تستغل الملايين الذين يشاهدون شاشاتها في المنافسات، وتسيء إلى المملكة العربية السعودية ورموزها، وتسمح للمحللين الرياضيين أن يتحدثوا في السياسة، لتصفية حسابات سياسة قديمة، بعدما أوقفت السلطات السعودية بث قنوات الجزيرة، ومنها بي إن سبورت من على أراضيها، لأنها تدعم الإرهاب وتساند أعداء الأمة.
وبدلاً من أن يقف الاتحاد الدولي (الفيفا) في وجه "بي إن سبورتس"، ويلزمها باتباع مبادئه وقوانينه، ترك لها الحبل على الغارب، وتغافل عن أخطائها وتجاوز عن سيئاتها، وتجسد ذلك في الاتهامات التي وجهتها "بي إن سبورتس" إلى السعودية، واتهمتها بالقرصنة على حقوق البث المباشر لمباريات كأس العالم، عبر شبكة "بي أوت كيو"، ورغم الأدلة والبراهين التي ساقتها المملكة، للتأكيد على أنها في مقدمة الدول التي تكافح القرصنة، ولا ترضى بها، إلا أن الاتحاد الدولي يعزز مساندته لقناة "بي إن سبورتس"، ويصطف في صفها، حتى لا يفقد سيل الأموال القطرية عليه، وحتى لا يحرم من هدايا مسؤولي القناة.
ويتغافل الاتحاد الدولي، تحت سكرة المال القطري، عن التاريخ الأسود لمجموعة قنوات الجزيرة الرياضية، وكأنه لا يدرك السبب الحقيقي وراء تغيير مسمى قناة الجزيرة الرياضية، إلى "بي إن سبورتس"، وذلك باعتراف المسؤولين القطريين أنفسهم، الذين أقروا بأن التغيير سببه أن اسم الجزيرة يرمز عالمياً للإرهاب، وسبق أن صرحوا بهذا الشيء وأن قناتهم غير محبوبة بسبب علاقتها الوطيدة بالإرهاب، لذلك تم التغيير، كون القناة اسمها السابق مسيء لها، فاضطروا للتغيير.
وكان من الأجدى من الاتحاد الدولي أن يراعي هذا التاريخ، وألا يورط نفسه في أزمات هو في غنى عنها، ويمنح حقوق بث مباريات كأس العالم إلى "بي إن سبورتس"، تلك القناة سيئة السمعة، وكان عليه أن يصلح الصورة السيئة التي ظهر بها عندما منح شرف استضافة كأس العالم إلى قطر دون وجه حق.
ويؤمن الكثيرون أن هدف القطريين من قناة "بي إن سبورتس"، هو السيطرة على الوطن العربي في مجال الرياضة، لأنها الوسيلة الوحيدة للسيطرة على الشباب العربي كونها وسيلة الترفيه الأولى، ملامح هذه السيطرة ظهرت فقد اشترت الدوحة الحقوق من ART بمبالغ خيالية، تصل إلى تسعة مليارات ريال، وكان هذا المبلغ الضخم لحقوق وليست أصولاً، أي أنهم لم يشتروا مباني وعربات وغيره، إنما دفعوا هذه المبالغ لشراء حقوق كأس العالم 2010 وكأس أمم إفريقيا وغيرها من البطولات التي كانت تملكها ART.
فضائح المال القطري ستواصل زعزعة الاتحاد الدولي، وتشوه صورته بشكل أكبر، مما يتطلب من مسؤولي الفيفا العمل اليوم قبل الغد على البعد عن كل ما يشوه السمعة، ويلطخ الجبين، مع الوضع في الاعتبار أن جميع الأسرار والخبايا ستنكشف حتماً لا محالة.