ترتيب الأولويات عنوان للمرحلة المقبلة

ترتيب الأولويات عنوان للمرحلة المقبلة

بواقعية شديدة، دعا صاحب السمو الأمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد، أمير منطقة نجران رئيس مجلس المنطقة، خلال اجتماع المجلس الذي عُقد افتراضيًّا خلال الأيام الماضية بمحافظة بدر الجنوب، إلى إعادة ترتيب الأولويات على خلفية جائحة كورونا، وتحديد أهم المشاريع التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بحياة المواطنين، ولاسيما المرتبطة بمجالات المياه والكهرباء والبلديات والصحة؛ كونها تمس عصب حياتهم، وترتبط ببقية المشاريع التنموية التي ترمي إلى تطوير واقعهم، ورفع مستوى معيشتهم.

بدءًا، فإنه تتوجب الإشادة بالنهج الذي اختطه مجلس منطقة نجران بعقد اجتماعاته في محافظات المنطقة كافة بالتناوب، وعدم اقتصارها على محافظة دون غيرها؛ إذ يعقد كل مرة في محافظة مختلفة. وفي ذلك فوائد لا تُحصى، ولا تعد، في مقدمتها أن المجلس يكون أكثر اطلاعًا على أوضاع المحافظة التي يُعقد فيها الاجتماع، ويوليها أهمية خاصة؛ وهو ما يحقق مبدأ العدالة في توزيع الفرص، وتحقيق التنمية. وقد ظل سمو الأمير جلوي حريصًا على هذا النهج خلال الدورات السابقة للمجلس؛ وهو ما أدى إلى أن تشمل التنمية والتطور كل محافظات المنطقة.

ولا بد من التسليم بأن العالم أجمع بعد جائحة كورونا لم يعد كما كان قبلها بسبب الآثار العميقة التي تركها الوباء على الأصعدة كافة، ولاسيما الاقتصادية منها، نتيجة لإغلاق النشاط الاقتصادي لفترة ثلاثة أشهر، وما أنفقته الدولة من أموال طائلة، بلغت مئات المليارات لمواجهة الوباء، ومنع انتشاره، إضافة إلى حِزَم الدعم الضخمة التي تم تقديمها للقطاع الخاص لمساعدته على تجاوز الآثار السالبة للأزمة.

كل تلك المنصرفات تؤثر بكل تأكيد في الاقتصاد الوطني، وتترك آثارًا تحتاج إلى وقت حتى يتم التعافي منها، وتتطلب إجراءات مدروسة لمواجهتها، في مقدمتها تأجيل تنفيذ بعض المشاريع التي تم اعتمادها في السابق، والتركيز على إكمال المشاريع ذات الأهمية البالغة، التي لا يمكن تأجيلها؛ كونها تؤثر بصورة مباشرة في المجتمع. لذلك فإن الحكمة تتطلب من مجالس المناطق في السعودية التركيز بشدة على تحديد تلك المشاريع، وترتيبها حسب الأولوية.

ومع أن السعودية – بحمد الله – من أكثر الدول التي لم تتأثر بصورة مباشرة بالأزمة، حسب تأكيد المؤسسات الدولية المتخصصة، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي؛ بسبب قوة اقتصادها، وما تمتلكه من موارد متنوعة، إلا أنه على الرغم من ذلك فإن ترشيد الإنفاق الحكومي الذي أقرته القيادة يبقى هدفًا موضوعيًّا لتجنب دخول الاقتصاد في مرحلة انكماش، وفي الوقت ذاته مواصلة الوتيرة التي يتم بها تنفيذ مشاريع التنمية التي تنتظم معظم المناطق.

كما لا ينبغي تجاهل حقيقة أن المشاريع التنموية العملاقة التي يجري العمل فيها تنفيذًا لما جاء في رؤية السعودية 2030، مثل "نيوم" و"أمالا" و"القدية" وغيرها، هي مشاريع ترتبط بشركات عالمية، قد لا يكون من المتاح تأجيلها أو تعطيلها لأسباب عديدة، إضافة إلى ما سوف تترتب على تلك المشاريع من آثار إيجابية هائلة على الاقتصاد الوطني، وما توفره من فرص وظيفية للشباب السعودي؛ لذلك فإن استمرار العمل فيها يبقى هو الخيار الأنسب، ولاسيما إذا علمنا أن معظم بيوت الخبرة المالية والمحللين الاقتصاديين يؤكدون أن متانة وقوة الاقتصاد السعودي سوف يكون لهما دور كبير في عودة الأمور إلى ما كانت عليه في وقت وجيز.

وكما استطاعت بلادنا -بحمد الله- مواجهة وباء كورونا بمنتهى القوة، ولم تتوانَ في بذل كل الأموال اللازمة لذلك، بفضل حكمة القيادة، وبُعد نظرها، وإصرارها على وضع صحة الإنسان وسلامته هدفًا أول، فسوف نستطيع -بإذن الله- عبور مرحلة ما بعد كورونا، ومواصلة رحلة النماء والتطور التي ظلت سمة ملازمة لبلادنا. فقط يلزمنا ترتيب احتياجاتنا، والنظر إلى الأمور بعين متفائلة؛ فكل المؤشرات تدل على أن المستقبل المشرق ينتظر هذه البلاد.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org