المرأة السعودية .. طموحٌ بلا حدود وإنجازاتٌ علمية وعملية على المستويين المحلي والعالمي

مسيرة من تعليم الكتاتيب إلى تولي المناصب القيادية والبروز في جميع المجالات
المرأة السعودية .. طموحٌ بلا حدود وإنجازاتٌ علمية وعملية على المستويين المحلي والعالمي

أولت حكومة المملكة العربية السعودية منذ عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ــ رحمه الله ــ اهتماماً كبيراً بالمرأة السعودية وتعليمها وتمكينها من جميع حقوقها في ضوء ما نصّت عليه تعاليم الشريعة الإسلامية السمحة، وحازت جُل اهتمام الملك المؤسِّس بعد توحيد البلاد، وكان داعماً لكل ما يعزّز مكانتها.

تطرقت أستاذة علم التاريخ عضو مجلس الشورى الدكتورة دلال بنت مخلد الحربي؛ في حديث لـ "واس"، إلى تأثير الملك عبدالعزيز ــ رحمه الله ــ في تطور تعليم المرأة السعودية الذي كان واضحاً من خلال ظهور كتاتيب تعليم البنات في عدد من مدن المملكة وقراها، مستشهدة بوثيقة تاريخية تبرز مساندته - رحمه الله - لمشروع تنموي رُفع إلى مجلس الشورى في 21 صفر 1350هـ الموافق 7 يوليو 1931م, يتعلق بإصلاح كتاتيب البنات في منطقة الحجاز والاستزادة منها, ومعاونتها قدر الإمكان.

وأوضحت الدكتورة دلال الحربي؛ أن أولويات تعليم المرأة في الكتاتيب خلال عهد الملك عبدالعزيز، جاءت على قسمين: أولهما، يشمل تعليم الكبيرات مبادئ القرآن الكريم، وحفظ سوره القصيرة، وبعض الأحاديث النبوية الشريفة التي تشرح أمور دينهن في حياتهن اليومية، والآخر يخصّ الصغيرات اللاتي كانت أولويات تعليمهن دراسة القرآن والسنة، ومبادئ القراءة والكتابة.

ووصل عدد دور كتاتيب تعليم المرأة في بداية عهد الملك عبدالعزيز، إلى أكثر من 180 داراً منتشرة في مختلف مناطق المملكة وكانت تمثل المرحلة الأولى للتعليم في المملكة للذكور والإناث على حدٍ سواء.

وتمثلت المرحلة الثانية في المدارس المنزلية أو شبه النظامية التي كانت بدايتها عام (1360هـ ) الموافق (1941م)، واستمرت إلى تاريخ إنشاء المدارس النظامية لتعليم البنات في عام (1379هـ) الموافق (1959م).

وتشير الإحصائيات إلى وجود خمس عشرة مدرسة شبه نظامية، كان النظام التعليمي القائم فيها شبيهاً بنظام تعليم البنين، ويُضاف إلى مواده التعليمية بعض العلوم الأخرى، مثل: الخياطة والتفصيل والتطريز، وفي بعض تلك المدارس الخمس عشرة يتم تعليم الموسيقى والرياضة البدنية كالسباحة وغيرها، أما المعلمات فغالباً كنّ من بعض الأقطار العربية المجاورة.

والمرحلة الثالثة هي مرحلة مدارس البنات النظامية التي أعلن بدء إنشائها يوم الجمعة 21 ربيع الآخر من عام (1379هـ) عندما صدر مرسوم ملكي بإنشاء الرئاسة العامة لتعليم البنات، لتكون هيئة رسمية تعليمية تتولى التخطيط والإشراف وإدارة تعليم البنات، ومراكز التدريب المهني الخاص بالفتيات.

ووفّرت جامعة الملك سعود التي أُنشئت عام 1957 م، أول فرصة للفتاة السعودية للالتحاق بالتعليم العالي داخل المملكة؛ حيث سمحت للفتاة عام 1961 م بالانتساب للجامعة من خلال كلية الآداب والعلوم الإدارية. وتوالت بعد ذلك الجامعات في فتح المجال للراغبات من البنات في مواصلة تعليمهن بنظام الانتساب.

وفي عام 1970 ـ 1971 م، قامت الرئاسة العامة لتعليم البنات بإنشاء أول كلية خاصّة بالبنات، وهي كلية التربية بالرياض وصولاً إلى افتتاح عديد من أقسام الطالبات في جامعات البنين التابعة لوزارة التعليم.

و في ظل ما يحظى به التعليم عموماً من اهتمامٍ كبيرٍ من قِبل المسؤولين في المملكة استفادت أعدادٌ كبيرة من الطالبات من برامج الابتعاث التي تقدمها الجامعات والكليات للدراسات الجامعية والعليا لمختلف دول العالم، وخصوصا أوروبا وأمريكا الشمالية، وكذلك من برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي.

وفي عام 1429 هـ، تمّ وضع حجر الأساس لجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، التي تعد أول مدينة جامعية حكومية متكاملة خاصة بالمرأة في المملكة العربية السعودية، وعُينت سمو الأميرة الدكتورة الجوهرة بنت فهد بن محمد بن عبدالرحمن، أول مديرة للجامعة؛ ما جعل طموح المرأة السعودية بلا حدود.

ونتيجة لاهتمام ولاة الأمر في المملكة بتعليم المرأة، واعتباره في سلم أولويات الحكومة السعودية فقد تمكنت المرأة السعودية من السير بخطوات واثقة في تحقيق طموحاتها وأهدافها حتى برزت في شتى المجالات العلمية والعملية، كالتعليم والطب، والفيزياء والرياضيات والإدارة وغيرها، على المستويين المحلي والدولي.. وأثبتت قدرتها على تحمل المسؤولية حتى أصبحت شريكة في تحقيق التنمية في المملكة، ونالت مميزات وحقوقاً أسهمت في تسريع الارتقاء بمكانتها وزادتها تقدماً، مع الحفاظ على هويتها وتميزّها.

وصدر أمرٌ ملكي عام 1434 هـ، يقضي بتعيين 30 سيدة أعضاء في مجلس الشورى، وتضمن القرار ألا يقل نسبة تمثيل المرأة عن 20 بالمئة من أعضاء المجلس.

ونتيجة لما حققته المرأة السعودية من تميز فقد تسنمت مراكز قيادية في مجالات متعدّدة، حيث عُينت عام 1430 هـ، أول امرأة بمنصب نائب وزير التربية والتعليم لشؤون البنات.

ونظراً لاهتمام المملكة بدخول المرأة مجال التعليم الفني والتدريب المهني والتقني، فقد تمّ تعيين سيدة في منصب نائب مساعد للتدريب التقني والتطوير للبنات بالمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني والتقني بالرياض، كما استُحدثت أقسام للنساء في السلك العسكري؛ مثل: الجوازات والسجون وكذلك قسم نسائي في الدفاع المدني وأخيراً في المرور.

وأخذت المرأة السعودية في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ــ أيّده الله ــ حقها في الاقتراع والترشح في الانتخابات البلدية، وذلك إيماناً منه بتميزها ودورها الكبير في بناء مجتمع متكامل، كما أصدر ــ حفظه الله ــ أمراً سامياً باعتماد تطبيق أحكام نظام المرور ولائحته التنفيذية بما فيها إصدار رخص القيادة للذكور والإناث على حد سواء.

ويعد عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، داعماً للمسيرة المتنامية للمرأة السعودية لإدراكه أنها صانعة الأجيال، ولذلك كان لابد من فتح المجالات كافة لها لخدمة وطنها، وهو ما جاءت به رؤية المملكة 2030 لتجعل المرأة أحد الأركان المهمة لبناء المستقبل.

وصدر أمرٌ سامٍ بتمكين المرأة السعودية من الخدمات دون اشتراط موافقة ولي أمرها ما لم يكن هناك سند نظامي لهذا الطلب وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، واعتماد قيام وزارة الداخلية بإعداد مشروع نظام لمكافحة التحرُّش، ومواصلة دعم حقوق المرأة والأسرة والطفل.

وتعكس توجيهات وأوامر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - اهتماماً كبيراً بتحقيق كل ما يوفر حياة كريمة للمرأة، وأولت عناية بحقوقها، انطلاقاً من مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية التي أوجبت حفظ حقوقها واحترام كرامتها وحرّمت أيّ ظلمٍ يقع عليها، وعلى هذا الأساس تتضافر أنظمة المملكة، وفي مقدمتها النظام القضائي، لتشكل إطاراً قانونياً يحمي ويعزّز حقوق المرأة، ويحظر التمييز ضدّها، ويوسع دائرة الخدمات المقدمة لها.

ومن أهم المحاور التي وضعتها المملكة في برنامج التحول الوطني 2020 ورؤية المملكة 2030 م، رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى 30 بالمئة، وذلك من خلال تمكينها في جميع المجالات، ومساعدتها على بناء مستقبلها بتوفير فرص متكافئة لتنمية مواهبها واستثمار طاقاتها بالتعليم والتدريب.

كما أُتيح للمرأة السعودية دخول السوق السعودي لتشجيعها على الاستثمار من خلال إقامة المشاريع التجارية والاستثمارية، التي تُسهم في توفير فرص عمل لسيدات سعوديات أخريات.

وبرز عدد من سيدات الأعمال السعوديات في المحافل العالمية ممثلات لبلادهن، وذلك يعد خطوة مشرفة في تاريخ التنمية.

وحقّقت النساء السعوديات تفوقاً ونجاحاً باهراً في المجالات العلمية حيث قدّمن في السنوات الماضية عدداً من الاختراعات والإنجازات التي وضعتهن في مصاف العلماء في العالم، ما دعا عدداً من المؤسسات العلمية الدولية المتميزة إلى دعوتهن إلى الانضمام أو المشاركة المباشرة في أبحاثها وتجاربها.

وخطت المرأة السعودية خطوات متسارعة وإيجابية في مجال الأعمال الخيرية والتطوعية، إضافة إلى دورها البارز في فعاليات الحوار الوطني، وفي المجالين الإعلامي والثقافي، ونجاحها في إدارة بعض المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق المرأة والطفل والعنف الأسري والخدمة الاجتماعية بكل كفاءة واقتدار.

وتتيح المملكة الفرص للمرأة لإثبات قدراتها في مجال الخدمات الصحية والتعليم الصحي والبحث العلمي على مستوى العالم، وتولت مناصب قيادية في المجال الطبي تقديراً لما وصلت إليه من علم وقيادة وجهود متميزة.

وتمنح المملكة للمرأة السعودية فرصة تمثيلها على المستويين الإقليمي والدولي من خلال عملها في سفارات وقنصليات وبعثات المملكة، ومشاركتها ضمن الوفود في المؤتمرات والمحافل والآليات الإقليمية والدولية، وفي هذا الإطار ترأست نائبة وزير العمل والتنمية الاجتماعية الدكتورة تماضر الرماح؛ وفد المملكة في أعمال الدورة الثانية والستين للجنة وضع المرأة في مقر الأمم المتحدة، التي أُقيمت في 14 مارس 2018 م بمدينة نيويورك.

وهناك عديد من الأسماء البارزة من السعوديات اللاتي حقّقن إنجازات علمية وعملية على المستويين المحلي والعالمي، ومنهن - على سبيل المثال لا الحصر -: المهندسة مشاعل بنت ناصر الشميمري؛ التي عُيّنت كأول مهندسة سعودية تعمل في مجال تصميم الصواريخ بوكالة ناسا الأمريكية لدراسات الفضاء، والكيميائية البروفيسورة غادة بنت مطلق المطيري؛ التي تمكنت من تطوير جهاز جديد يستطيع حمل الدواء إلى النقطة المصابة بالالتهاب في داخل جسم الإنسان، ويعمل على اختراق الجسم لعلاج الالتهابات دون الحاجة إلى جراحة، وحصلت على جائزة الإبداع العلمي من أكبر منظمة لدعم البحث العلمي في الولايات المتحدة الأمريكية «H.I.N.»؛ كونها صاحبة أفضل مشروع بحثي يعتمد على النانو تكنولوجي من بين عشرة آلاف بحث، و الدكتورة حياة بنت سليمان سندي؛ التي عملت على اختراع مجس للموجات الصوتية والمغناطيسية، يمكن من خلاله تحديد الدواء المطلوب لجسم الإنسان، كما يساعد رواد الفضاء على مراقبة معدلات السكر ومستوى ضغط الدم في أجسامهم، وتسنمت الدكتورة ثريا عبيد؛ المرشحة الرسمية للمملكة منصب وكيل الأمين العام والمدير التنفيذي لصندوق الأمم المتحدة للسكان، والدكتورة خولة بنت سامي الكريع؛ كبيرة علماء أبحاث السرطان في مستشفى الملك فيصل التخصُّصي ومركز الأبحاث بالرياض وعضو مجلس الشوري الحائزة وسام الملك عبدالعزيز من الطبقة الأولى في 26 المحرم 1431هـ ، والدكتورة سلوى الهزاع؛ التي تشغل منذُ عام 1997م رئيس قسم العيون بمستشفى الملك فيصل التخصُّصي؛ وهي واحدة من النساء البارزات والأكثر تأثيراً في مجال تخصُّصها في المملكة العربية السعودية والعالم العربي، وكانت من ضمن النساء اللواتي تمّ اختيارهن ليمثلن المرأة السعودية في مجلس الشورى في عام 2013م.

ولحرص حكومة خادم الحرمين الشريفين على دعم النشاطات الرياضية المختلفة للمرأة السعودية، فقد تمّ تعيين صاحبة السمو الملكي الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان بن عبدالعزيز؛ وكيلاً للهيئة العامة للرياضة للتخطيط والتطوير رئيساً للاتحاد السعودي للرياضة المجتمعية، في خطوة مهمة لمستقبل المرأة السعودية، وفي إطار حرص الحكومة على الرعاية الصحية والرياضية لها.

كما تمّ أخيراً تمكين المرأة من دخول الملاعب الرياضية لحضور النشاطات الرياضية المختلفة.

وفي إطار اهتمام الحكومة برعاية المرأة الصحية أدخلت برنامج التربية البدنية في المناهج التعليمية لمدارس البنات.

ولا يتوقف اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين، على تمكين المرأة في المجالات المختلفة فحسب؛ بل تكريمها أيضاً في المحافل والمهرجانات، حيث سلّم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في فبراير 2018 م، خلال حفل افتتاح المهرجان الوطني للتراث والثقافة وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى للدكتورة خيرية السقاف؛ تكريماً لإنجازاتها الأكاديمية والإعلامية والأدبية والثقافية، ويعد هذا التكريم، تكريماً للمرأة السعودية.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org