عندما أطلق سمو ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله –، في 24 أكتوبر 2017 مشروع مدينة نيوم على ساحل البحر الأحمر أعربت عدد من الدول الغربية المتقدمة عن دهشتها من المشروع، وسارعت شركاتها العالمية الكبرى لإعلان استعدادها للمشاركة في تنفيذ المشروع، بعد أن اطلعت بدقة على البيانات والإحصاءات الخاصة به، التي تم إعدادها بواسطة أكبر بيوت الخبرة العالمية.
الآن يعيد التاريخ نفسه بعد إعلان ولي العهد مدينة "ذا لاين" التي تعد تجربة غير مسبوقة في مجال المدن الذكية الصديقة للبيئة، والخالية من مظاهر الزحام والتلوث والضوضاء كافة، التي تهدف إلى توفير 380 ألف فرصة عمل متميزة للشباب، باستثمارات تتراوح بين 100 و200 مليار ريال، على أن ينتهي العمل من الأعمال والإنشاءات كافة بحلول عام 2030.
الإعلان عن المدينة الجديدة في هذا التوقيت يحمل العديد من الدلالات، في مقدمتها أن المشاريع كافة المرتبطة بالتحديث والتطوير الذي نادت به رؤية السعودية 2030 لها الأولوية، وأن الخطوات الجارية في سبيل إنزال مبادئ الرؤية على الأرض تسير وفقًا لما هو مخطط لها، دون أن تتأثر بالعقبات التي فرضتها جائحة كورونا (كوفيد – 19) التي أثرت تداعياتها بشدة على الاقتصاد العالمي، وأرغمت دول العالم كافة على الجنوح نحو التقشف، وتقليل الصرف في ميزانيات العام الجديد.
استمرار تنفيذ الخطط المتعلقة بالرؤية دون التأثر بالظروف الاقتصادية العالمية يشير بوضوح إلى أن السعودية تتبع نهجًا اقتصاديًّا صحيحًا، يقوم على اعتبارات علمية، وأن التنظيم والتخطيط السليم هما العنوان الأبرز لهذه البلاد التي تضع قيادتها في الاعتبار ما قد يستجد من طوارئ، وتعد لذلك الاحتمال الخيارات البديلة كافة، وهو ما يؤكد أن السعودية تسير -ولله الحمد- في الطريق الصحيح.
هذا المشروع المدهش، بما احتوى عليه من تفاصيل طموحة ورؤية متفردة، يمثل هدية متميزة للشباب السعودي في مطلع العام الجديد، وسوف يقود بلادنا حتمًا نحو مراقي المجد والتطور، ويكسبها سمعة طيبة؛ لأنه ليس مجرد مشروع استثماري أو إنمائي، بل لارتباطه بعناصر الذكاء الاصطناعي، ولأنه يهدف في الأساس إلى تغيير المفاهيم، ويستجيب لمستلزمات الحياة العصرية، ويتصدى لمشكلات البيئة وتزايد الانبعاثات الكربونية الضارة، ويهدف إلى صيانة الحياة البشرية.
كل تلك الأهداف سوف توفر مزايا سياحية، سيتسابق الآخرون من أنحاء العالم كافة إلى رؤيتها والتعرف عليها عن قرب، إضافة إلى توفير فرصة طيبة لرؤوس الأموال العالمية التي -لا شك- سوف تسعى إلى نقل مقارها للمدينة الجديدة، والاستقرار فيها.
ومما يبعث على الارتياح، ويزيد مساحة الأمل في نفوس السعوديين، هو تعدد الخيارات في المشروعات التي تنفذها السعودية، ويسير العمل فيها بالوتيرة نفسها. فبينما يتم الاهتمام بتوطين سياحة الترفيه في السعودية عبر مشروع مدينة القدية يتواصل العمل أيضًا على تفعيل عناصر السياحة العلاجية في مدينة أمالا، ويجري العمل على قدم وساق في مدينة البحر الأحمر ونيوم، وها هي "ذا لاين" تنضم إلى ركب المشاريع المتجددة المتميزة التي حتمًا سوف تنقل السعودية إلى مرتبة متقدمة ضمن مجموعة دول العشرين.
كل تلك الجهود تؤكد حقيقة واحدة، هي أن القيادة السعودية متمسكة بالسير على طريق التنويع، واستغلال مصادر الدخل كافة، وعدم الاعتماد على النفط وحده تفعيلاً لمبادئ التنمية المستدامة، تحوطًا لمواجهة ما قد يطرأ على الاقتصاد العالمي من تغيرات، ورغبة في تحسين الوضع المعيشي لأبناء الوطن، وتوفير فرص العمل المتميزة التي تكفل لشبابنا نمط الحياة الذي يستحقونه.