لم يقف العم علي العيافي، عاجزاً أمام متطلبات الحياة المرهقة، وتكاليف البيت الباهظة؛ بل قطع عشرات الكيلومترات قادماً من محافظة الليث إلى مكة المكرمة، تاركاً خلفه أسرته، التي تنتظر لقمة العيش، والذي لا يفي بها مرتبه التقاعدي، وهو ما جعله يشمّر عن ساعديه، ويرمي بآلامه المزمنة رغم تقدمه في العمر، لا يلوي على شيء سوى كيف يجني من بسطته المتواضعة في ساحات مسجد التنعيم بمكة، النقود، التي تعينه هو وأسرته على العيش.
واستوقف "سبق" مشهد العم "علي"، وهو جالس بجوار مركبته المهترئة، وبين معروضات بسطته، وتبدو عليه ملامح التعب والكبر.
ويقول العم علي بن عبيد العيافي، البالغ من العمر 64 عاماً، في حديثه لـ"سبق": "عملت في التعليم، على وظيفة مراسل، لمدة 28 سنة، ويبلغ إجمالي ما أتقاضاه من التقاعد ألفي ريال، لا تكفي لمتطلبات الحياة اليومية، الأمر الذي دفعني للبحث عن دخل إضافي، أستطيع من خلاله توفير لقمة العيش لي ولأسرتي، التي تتكون من ولديْن وابنتين".
وأضاف: "مع قلة الفرص التجارية في محافظة الليث، اضطررت لأن أغترب عن أسرتي وأعيش بعيداً عنها لأسابيع، متنقلاً بين محافظة جدة، حيث منها أجلب كل ما يتعلق بمستلزمات العمرة، ومكة لبيع تلك المستلزمات بثمنٍ زهيد".
وأشار إلى أنه يقضي ساعات طويلة من الفجر وحتى منتصف الليل، ينتظر خلالها جني الأرباح من مهنةٍ تحفّها الكثير من المتاعب، فضلاً عن أنه مهدد من البلدية في أي لحظة بمصادرة بضاعته ومعروضاته؛ بسبب عدم وجود رخصة لديه نظامية لممارسة ذلك النشاط.
وعن الدخل اليومي الذي يجنيه، قال العم "علي": "تختلف الأيام عن بعضها، ففي الأيام العادية لا يتجاوز الدخل اليومي مائتي ريال، وتزيد نسبياً في موسمي رمضان والحج."
فيما لفت إلى أن عمالة أجنبية تسيطر على المكان، إلى جانب أن الموزعين أجانب أيضاً يقومون بتوزيع المستلزمات، التي يجلبونها من جدة، بشكل يومي وبسعر الجملة على أغلب البسطات، مطالباً بضرورة توطين تلك المهنة أمام أبناء هذا الوطن، وتخصيص أماكن لهم بشكل منظم في الساحات المحيطة بمسجد التنعيم الذي يشهد كثافة عددية من الزوار والمعتمرين على مدار العام.
