أقولها بكل صراحة: لم تعد مهنة الطب في وقتنا الحاضر مهنة إنسانية، ولكن تحوَّلت مع الوقت إلى عمل تجاري؛ يُدرُّ ملايين الريالات على ممتهنيها الذين أصبحوا لا يتورعون عن كسب المال بأي طريقة كانت، وبخاصة في المستشفيات والمستوصفات الخاصة التي تتعامل مع المريض بطريقة (خذوه فغلوه).
المجال لن يتسع هنا للحديث عن الكوارث التي نشاهدها في هذه المهنة، التي يُفترض أن يطلق عليها إنسانية، وهي بالمناسبة حالة عامة في أغلب دول العالم؛ لا تقتصر علينا فقط.
سأتحدث عن فرع من تلك المهنة، هو (طب الأسنان)؛ إذ تشاهد العجب في سلب المال بأي طريقة مستغلين جهل المريض، وعدم إلمامه بخفايا تلك المهنة. ولو كان الأمر بيدي لوضعت مشرفًا طبيًّا محايدًا في كل مستوصف للرجوع إليه واستشارته عند الحاجة؛ عندها ستقل التكلفة على المراجع إلى النصف.
أتذكر أني ذهبتُ قبل شهرين لأحد المستوصفات لعلاج أحـد الأسنان، وطُلب مني مبلغ 700 ريال من جراء ذلك، بعدها توجهت لمستوصف آخر، وعالجت السن بـ70 ريالاً فقط؟ تلك المراكز العلاجية تستفيد كثيرًا من موضوع زراعة الأسنان، وهنا يحدث التلاعب؛ إذ تختلف الزراعة للسن الواحدة من 7000 إلى 2000، وربما أقل في بعضها. ولا أعلم سر هذا التفاوت الكبير! والعجيب في الأمر أنك عندما ترغب في بدء العلاج يجب عليك التسديد مقدمًا (كامل المبلغ)، بمعنى لو أردت زراعة أربع أسنان بـ5000 يجب عليك تسديد عشرين ألفًا مقدمًا. علمًا بأنه لا يوجد ما يثبت أن الأسنان التي تم تركيبها من النوع المطلوب أو العكس. العملية مجهولة تمامًا في كواليس تلك المراكز العلاجية، خلاف أن أغلبهم يعطيك استشارة غير صحيحة؛ فربما أقنعك بالخلع وأنت غير محتاج، أو أقنعك بالزراعة مع عدم الحاجة لها، أو أن اللثة لديك لا تتحمل؛ فتسقط الأسنان بعد فترة؛ ويذهب المبلغ الذي دفعته هباء منثورًا.
يقول أحد الأصدقاء: دفعتُ مبلغًا كبيرًا لزراعة بعض الأسنان، واشترطوا عليَّ دفع المبلغ كاملاً، وعندما بدأ العلاج زرعوا اثنتَيْن في الجهة اليمنى، ويجب عليك حينها الانتظار حتى تلتئم اللثة من 5 ـ 8 أشهر، وبعدها يبدؤون في زراعة الأسنان الأخرى. يقول: لماذا أدفع كامل المبلغ ما دمتُ سأنتظر 8 أشهر؟! ربما بعدها أُغيِّر رأيي، أو يحصل أي أمر. المفترض دفع تكلفة العلاج الحالي، والباقي عند البدء في المرحلة الثانية، ولكن هذه شروط المستوصفات: الدفع مقدمًا؟!
إدارات تلك المراكز تضغط على الأطباء لجلب المال بأي طريقة، بل يتحصل الطبيب على نسبة من الدخل؛ وهو ما حوَّلها من مهنة إنسانية إلى عمل تجاري مربح.