احتفى الجناح السعودي في "إكسبو 2020 دبي"، بالشعر والإبداع، عبر أمسية شعرية أقيمت في مسرح "دبي ميلينيوم"، أحياها الشاعر السعودي عبداللطيف بن يوسف مع مجموعة من الفنانين والعازفين السعوديين، امتزجت فيها الفنون السمعية والبصرية بالقصائد، مقدمة ما يمكن تسميته بالشعر التفاعلي الذي أسقط أنوارًا فنية جديدة على القصيدة الشعرية، فلامست أبياتها والموسيقى التي لازمتها، الهم الإنساني الجمعي، عابرة كل الحدود بين الثقافات بلغة عالمية.
وشهدت جنبات المسرح حضورًا جماهيريًّا واسعًا من الوسط الأدبي والثقافي في الخليج العربي والمنطقة، إضافة إلى حشد غفير من الزوار والسياح.
وبدأت أمسية الشاعر السعودي عبداللطيف بن يوسف، وهي أولى الأمسيات الشعرية لجناح المملكة في معرض "إكسبو 2020 دبي"، بمعزوفة موسيقية أدتها فرقة نادي "ثقف" الموسيقي، التي سحرت أجواء المسرح وامتزجت فيها آلات الموسيقى الشرقية كالعود والناي والدف والكمنجة، مع الفنانين الإيقاعيين من كافة أنحاء المملكة؛ في الوقت الذي قدّم فيه الفنانون القائمون على الفنون البصرية عرضًا مبهرًا رافق الأمسية، فعرضت الشاشة الكبيرة على خلفية خشبة المسرح الفنون التي قدّمها الخطاط شاكر مغربي، ورسمت بالرمل شيماء بنت أحمد المغيري، فكانت الأمسية مزيجًا بين الشعر والموسيقى والغناء والفنون البصرية.
وقدم الشاعر "بن يوسف" في مستهل إطلالته على المسرح، قصيدة غارقة بالحنين بعنوان "ليلى" قدّم بعضًا من أبياتها، قبل أن تتحول إلى وصلة غنائية على أنغام العود أداها الفنان عبدالخالق بن رافعة، مستوحاة من لحن الفنان الراحل يوسف المطرف، في حين جاءت الفقرة الثالثة من الأمسية، بمثابة مفاجأة جميلة للجمهور، مع إطلالة "دالين الخالد" التي تعد أصغر عازفة بيانو سعودية لم تتجاوز 17 من العمر؛ حيث شاركت الشاعر السعودي في أداء نص "نيويوركر المواطن الغريب" الذي يتناول إشكالية الهويات المتشظية، ومفهوم التعددية بأقسى أشكاله.
في الوقت الذي تفاعل فيه جمهور الأمسية مع "ريماز عقبي" الفنانة السعودية بصوتها الأوبرالي، والتي اختيرت في الفرقة السيمفونية لإكسبو 2020 دبي"؛ حيث أبهرت الحضور بأدائها الفني الفريد مؤدية قصيدة الشاعر بن يوسف باللغة الإنجليزية، التي تتحدث عن امرأة مغتربة، غلبها الحنين إلى الوطن كما يقول "بن يوسف"، مثيرًا بكلماته العميقة مشاعر الحاضرين، خصوصًا الناطقين باللغة الإنجليزية.
ثم انتقلت الفنانة "ريماز عقبي" إلى أداء وصلة غنائية من قصيدة "وميلي" للشاعر عبداللطيف بن يوسف وبألحان موسيقية سيمفونية لحنها الفنان أحمد الشيبة، الذي أطل على الجمهور بمداخلة عبر الفيديو من نيويورك، تحدث خلالها عن مشاعر حنين تملكته حين سماع القصيدة، فألف لحنها الذي قال إنه ولد من ضلع القصيدة.. ولتتجلى ذروة الإبداع في الأمسية الشعرية بعد أن اعتلى خشبة المسرح سويًّا الشاعر عبداللطيف بن يوسف والفنان عبدالخالق بن رافعة، وريماز عقبي، لأداء الوصلة الغنائية الشعرية.
ووسط قصائد الحب لم ينسَ "بن يوسف" الوطن، معبرًا عن عاطفة الانتماء للأرض والهوية معتزًا بذكريات الماضي ورؤية الحاضر، كون الوطن تمثيلًا للوجود المقترن بإنسانية الشاعر في آماله وآلامه والتغني بأمجاده، وكان لزامًا أن يكون لهذا المعنى انعكاساته على النص الشعري فهو الملهم والساكن في الأعماق المتجذر في دواخل الذات، على حد تعبيره، فكانت المحطة الأخيرة بقصيدة "اعتزاز" التي ختم بها الشاعر عبداللطيف بن يوسف الأمسية وسط تصفيق حار.