مدينة الملك عبدالله الاقتصادية.. نقطة تحوّل نحو تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030

تشهد نموًّا متسارعًا في قطاعات الخدمات اللوجستية والصناعية وريادة الأعمال
مدينة الملك عبدالله الاقتصادية.. نقطة تحوّل نحو تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030

تُعتبر "مدينة الملك عبدالله الاقتصادية"، إحدى المشاريع الاستراتيجية التي أطلقتها حكومة المملكة العربية السعودية -أيدها الله- وهي أول مدينة سعودية تطور وتمول وتشغل عن طريق القطاع الخاص بطابع اقتصادي ونمط حياة عصري، يراعي كافة مقومات جودة الحياة الأساسية ببنية تحتية متقدمة، وبطريقة تضمن استدامة الخدمات والمرافق العامة وفعالية أدائها، وتتماشى مع مراحل التطوير المختلفة للمدينة عبر السنين.

وكانت شركة إعمار المدينة الاقتصادية -المطور الرئيسي للمدينة الاقتصادية- قد أعلنت عن توقيع اتفاقية اكتتاب في أسهم الشركة مع صندوق الاستثمارات العامة، عن طريق إصدار الشركة 283.33 مليون سهم جديد؛ مما سيحسّن قدرة الشركة على تطوير المدينة للوصول لتطلعات رؤية 2030 الطموحة، ويعكس الإمكانيات المستقبلية لهذا المشروع التنموي الوطني وجودة بيئته الاستثمارية التنافسية الجاذبة. ويعتبر نموذج العمل لهذه المدينة مميزًا حتى على مستوى العالم، وقد مرّ على عدة مراحل من التحديات؛ نظرًا لحجم الاستثمارات المطلوبة وخاصةً تطوير البنية التحتية الأولية بمواصفات عصرية.

كما أعلنت شركة إعمار المدينة الاقتصادية عن النتائج المالية للربع الثاني من العام الجاري 2020م، والتي أظهرت استمرار الأعباء المالية، وخاصةً بعد أن تسببت جائحة كورونا (كوفيد-19) في انخفاض تقدير القيمة السوقية للعقارات المعروضة للبيع أو الإيجار، والزيادة في التكاليف المالية لعدم إمكانية رسملة تكاليف الاقتراض بسبب تباطؤ نشاط التطوير العقاري بشكل عام.

وقامت الشركة بإجراءات عدة لمواجهة مخاطر هذا التباطؤ؛ منها ترشيد النفقات والتكاليف الإدارية والتسويقية والتي ستظهر جليًّا في بياناتها المالية لاحقًا إن شاء الله.

وبالرغم من ذلك فإن الأداء المالي للشركة لا يعكس أداء وتشغيل المدينة الاقتصادية وخصوصًا خلال فترة هذه الجائحة؛ حيث إن كافة مرافق المدينة كانت تعمل بكل سلاسة ودون أي تأثير يذكر، كما أن تطوير مدينة جديدة يجب أن يوازيه الكثير من الاحتياطات لمواجهة مثل هذه الحالات إضافة إلى الإجراءات والبروتوكولات المعتمدة من الجهات الحكومية ذات العلاقة؛ وذلك حرصًا على عدم تأثير ذلك في استقطاب الاستثمارات الجديدة للمدينة أو الاستثمارات الحالية، وضمان استمرارية جودة الحياة القائمة والمتميزة بها المدينة.

كما بدأت الشركة الاستفادة من نضوج سوق الرهن العقاري في المملكة؛ وذلك بتوقيع اتفاقيات تمويل عقاري، مع عدد من البنوك والمؤسسات لخدمة عملائها وتحسين التحصيل النقدي لعمليات البيع.

وضمن توجه الدولة لتعزيز مفهوم الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وبفضل المبادرات الحكومية التي تهدف إلى تحفيز تطوير القطاعات الحيوية المختلفة، فقد ركزت مدينة الملك عبدالله الاقتصادية على تعزيز جهودها لتحقيق أهداف الخطة العشرية الجديدة للمدينة، والتي تعد أساسية في مسيرة تطويرها؛ حيث أصبحت المدينة محورًا رئيسيًّا في تطوير البنية التحتية في القطاعات الاستراتيجية التي ترتكز عليها، لتعزيز مكانتها كرافد من روافد الاقتصاد الوطني وبما ينسجم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، وهي: الخدمات اللوجستية والصناعة، جودة الحياة والإسكان، السياحة والترفيه وتمكين قطاع الأعمال وتنمية الكفاءات البشرية. حيث شهد هذا العام توقيع العديد من الاتفاقيات وإنجاز عدة مشاريع وبشراكة استراتيجية مع شركائها في النجاح من مختلف الجهات الحكومية والخاصة.

وتشهد المدينة نموًّا متسارعًا في قطاعات الخدمات اللوجستية والصناعية وريادة الأعمال، ابتداء من تدشين ميناء الملك عبدالله مطلع العام المنصرم من قِبَل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد -يحفظه الله- وصولًا إلى جذب الاستثمارات والشركات الوطنية والإقليمية والعالمية في قطاعات مختلفة نوعية إلى الوادي الصناعي والذي يتميز بارتباطه المباشر بميناء الملك عبدالله وشبكة الطرق الوطنية السريعة، إضافة إلى كلية الأمير محمد بن سلمان للإدارة وريادة الأعمال أول مؤسسة أكاديمية بحثية متخصصة في ريادة الأعمال في الشرق الأوسط بالتعاون مع كلية بابسون العالمية بوصفها إحدى أعرق الكليات المرموقة في مجال ريادة الأعمال في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي حصدت أولى ثمارها هذا العام بتخريج الدفعة الأولى من ماجستير إدارة الأعمال، كما تم تدشين مجمع ريادة الأعمال لاستقطاب وتمكين رواد الأعمال بحوافز وتسهيلات نوعية.

وتسهم المدينة في تحقيق أهداف برنامج التحول الوطني والاقتصاد السعودي نحو الازدهار والاستدامة، من خلال التركيز على مستهدفات رؤية 2030 التي ألهمت الاستراتيجية التشغيلية للمدينة، ضمن خطة تهدف إلى تعزيز قطاعاتها الاستراتيجية، ولما يمثله برنامج جودة الحياة والسكن من أهمية قصوى وأحد مقومات رؤية 2030 الطموحة؛ فقد حرصت المدينة على توفير حلول سكنية متنوعة تناسب كافة شرائح المجتمع؛ لتلبي كافة متطلبات الحياة العائلية والمتطلعين إلى العيش بأسلوب حياة مميز، إضافة إلى الشراكة مع جهات تمويلية لتقديم الحلول السكنية الميسرة للمواطنين ابتداء من سكن موظفي المصانع، وانتهاءً بأرقى الفلل والوحدات السكنية الراقية على شاطئ البحر الأحمر، بالتعاون مع شركائها من القطاعين العام والخاص، لاستقطاب مزيد من الاستثمارات الناشئة والنوعية بمحفزات استثمارية تنافسية؛ وذلك لوجود البيئة المناسبة والبنية التحتية المتقدمة.

وقد اتجهت أنظار العالم مؤخرًا نحو مدينة الملك عبدالله الاقتصادية كوجهة ترفيهية وسياحية ورياضية يسهل الوصول إليها؛ حيث تولي المدينة اهتمامًا خاصًّا بهذا القطاع لتصبح الوجهة السياحية العصرية الصاعدة على البحر الأحمر؛ وذلك بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030؛ بهدف تلبية الطلب المتنامي على السياحة والترفيه داخل المملكة؛ وذلك من خلال العمل على 3 مسارات هي: مشاريع ترفيهية وسياحية تستهدف العائلات، الرياضات العالمية، والفعاليات والأنشطة. وقد أطلقت مؤخرًا مبادرة "تنفس التركواز" ضمن موسم صيف السعودية "تنفس" والذي شهد حضورًا لافتًا فاق التوقعات.

كما تستمر المدينة في استضافة البطولة السعودية الدولية للجولف للرجال والسيدات، والتي ساهمت في تعزيز مكانة المملكة في الرياضات العالمية.

ويُقَدر إجمالي ما استُثمر في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية منذ إطلاقها، بـ٥٢ مليار ريال، كان النصيب الأكبر لمشاريع البنية التحتية والمواصلات بما في ذلك محطة قطار الحرمين، والتي تربط المدينة بمطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة والحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وكذلك ميناء الملك عبدالله الذي ساهم في زيادة الطاقة اللوجستية في المملكة بخمسة ملايين حاوية، وستشهد المدينة في المرحلة القادمة العديد من المشاريع الجديدة الحيوية، التي ستسهم إن شاء الله بدورها في تحسين النتائج المالية لشركة إعمار المدينة الاقتصادية وقيمة العقارات والأصول في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org