"أستاذ جامعي سائق أوبر بجدة".. قصة لـ "دحلان" تقوده لذكرى سيارته الأجرة!

قال: قدامى مزارعي مصر وإفريقيا يوقدون النار قرب جذوع الشجر لتزهر الثمار
"أستاذ جامعي سائق أوبر بجدة".. قصة لـ "دحلان" تقوده لذكرى سيارته الأجرة!

كشف الدكتور عبدالله صادق دحلان؛ في مقال له اليوم بصحيفة المدينة، قصة الأستاذ الجامعي قائد سيارة أوبر الذي يحمل الدكتوراه من الولايات المتحدة الأمريكية.

تفصيلاً، قال "دحلان": "كنت في زيارة لأحد المستشفيات في مدينة جدة، وطلبت من سائقي الانتظار في المواقف العامة للمستشفى، وبعد انتهاء زيارتي بحثت عن سائقي، فلم أجده وطال انتظاري، فطلبت ولأول مرة سيارة أوبر، وبعد دقائق وصلت السيارة من الفئة المتميزة، وكان قائدها شخصية متميزة وعلى خلق وثقافة عالية، ودار حوار علمي بيني وبينه تمنيت لو كان المشوار من المستشفى الى مكة المكرّمة لأستمتع بالحوار الراقي الذي تأكّد لي أنني مع قائد سيارة أوبر متميز وليس إنساناً عادياً".

وأضاف: "وبعد إلحاح شديد لأن أتعرّف عليه وعلى طبيعة عمله وعلمه -مع التعهد بعدم ذكر اسمه- وإذا بي أمام دكتور جامعي خريج الولايات المتحدة من إحدى الجامعات المتميزة، ويعمل دكتوراً في إحدى الجامعات السعودية بجدة، خصّص خمس ساعات يومياً من وقته لأن يقدم خدمة أوبر التي اختارها لتسهم في تحقيق حلمه في شراء منزل جديد بقسط شهري خمسة عشر ألف ريال، وفعلاً كما يروي لي بأنه يعمل سبعة أيام في الأسبوع ليحصل في المتوسط خمسمائة ريال يومياً معتبراً إياها قصة كفاح رائعة في عمل حر لتحقيق هدف سامٍ في حياته لتملك منزل له ولعائلته الصغيرة".

وتابع: "من أجمل الدروس التي تعلمتها وأنا في شبابي هي درس الاعتماد على النفس وعدم الاتكال على الآخرين حتى لو كانوا الوالدين، وقال كنت على قناعة كاملة بأن الاعتماد على النفس بكل صعوبات الحياة بناء قوي في الأساس للعمران الشاهق، وكما قال لي أستاذي في الجامعة عندما كنت أشكو له معاناتي مع ظروف حياتي الاقتصادية ومتاعبي مع عديد من المعوقات في الحياة، فكان يقول حكمته التي لم أنسها خلال الخمسين عاماً «إن الأشجار الشاهقة والمثمرة لا تنمو وترتفع ولا تقوى جذورها في الأرض إلا إذا واجهت الرياح والرعد والبرق والأمطار والثلوج»، وكما يفعل قدامى المزارعين في مصر وإفريقيا يوقدون النار بقرب جذوع الشجر لتسخينها ثم بعد أسابيع تبدأ الأشجار في إخراج أزهار الثمرات".

وبيّن "دحلان" أن الحياة الصعبة هي التي توجد المبدعين، فكم من قصص النجاح لبعض المبدعين رجال أعمال ورؤساء شركات ورؤساء دول ووزراء ومبتكرين عانوا في بداية حياتهم، فمنهم مَن عمل عامل نظافة أو جرسوناً في مقهى، أو مطعم أو بائع صحف أو سائق تاكسي وغيرها من الأعمال الصعبة فكافحوا وتجاوزوا الصعاب حتى أصبحوا علامات بارزة في المجتمعات التي عاشوا فيها وكتبوا قصص الكفاح والنجاح".

وأردف: "أكتب هذه المقدمة بعد أن سجّلت إعجابي وتقديري لأحد الشباب السعودي ومثله كثير، لكنني لم أتعرّف عليهم، وبمحض المصادفة، كم هو جميل أن نتخلص من بعض قيود المجتمع القديمة ونعمل عملاً شريفاً ولائقاً لنحقّق أهدافنا في الحياة".

وأوضح: "لقد أعاد لي هذا الدكتور ذكرياتي وأنا طالب في جامعة الملك عبدالعزيز في بداية السبعينيات عندما اشتريت سيارة بالتقسيط ولا أملك قيمة التقسيط، فحوّلتها إلى سيارة أجرة خاصة دون لوحة أجرة لنقل زملائي طلبة جامعة الملك عبدالعزيز من مكة المكرّمة إلى جدة إلى مكة المكرّمة يومياً مقابل قيمة القسط أربعمائة ريال، وفي الإجازات ونهاية الأسبوع أتصيد زبائني أمام مطار الملك عبدالعزيز بجدة القادمين من السفر والمتجهين إلى مكة المكرّمة، وكانت أجمل الأيام وبنيت أجمل الصداقات مع ركابي، وكان للريال بركة أكثر من الألف اليوم".

وأختتم: "بكل فخر واعتزاز أعرض اليوم هذه القصص لأبنائي طلبة الجامعات وموظفي القطاعين الخاص والعام، بأن مَن أراد تحسين دخله بعمل شريف ولائق، فلا يمنعه شيء، وليضع رأي الآخرين على جانب ويفكر في مستقبله أولاً".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org