تلتزم المملكة عبر تاريخها بعدم المساس بأحكام القضاء، أو التدخُّل في شؤونه، ولا تقبل بالتالي التعليق من الدول الأخرى على أحكامه وقوانينه، وعملاً بمبدأ مهم تعتمده السعودية في علاقاتها الخارجية يتلخص في كونها لا تتدخَّل في الشؤون الداخلية والمحلية لأيّ دولة، بالتالي فهي تنتظر المعاملة بالمثل من الأطراف الأخرى.
ويمكن القول، باتفاق الخبراء السياسيين، إن التصريحات التي صدرت من وزيرة الخارجية الكندية والسفارة الكندية في السعودية بشأن ما أسمته "نشطاء المجتمع المدني" الذين تمّ إيقافهم في السعودية، وإنها تحث السلطات على الإفراج عنهم فوراً يعد تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية للسعودية، ومخالفاً لجميع المواثيق التي تحكم العلاقات بين الدول التي تؤكّد أنه ليس لأيّ دولة حق التدخل بصورة مباشرة، أو غير مباشرة، ولأيّ سببٍ كان في الشؤون الداخلية، أو الخارجية لأي دولة ولأن تصريحات وزيرة الخارجية الكندية كانت عن الموقوفين الذين كفل لهم النظام السعودي حقوقهم المعتبرة شرعاً ونظاماً، ووفَّرت لهم جميع الضمانات خلال مرحلتَيْ التحقيق والمحاكمة نتطرق في هذا التقرير لجوانب من نظام القضاء السعودي المستقل الذي لا تقبل المملكة العربية السعودية أبداً التدخل فيه أو في أحكامه.
الملك وأهمية القضاء
ففي أكثر من مناسبة يؤكّد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ يحفظه الله ـ أهمية القضاء ومكانته، وأن القضاء في المملكة يستمد سلطته من أحكام الشريعة الإسلامية وفقاً لنصوص الكتاب والسنة، وهذا ما نص عليه النظام الأساسي للحكم، وهي مرجعية الدولة منذ عهد الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وهي مستمرة بإذن الله تعالى، على هذا النهج، مع الحرص على حسم المنازعات والدعاوى في وقت يسير.
وأشار خادم الحرمين الشريفين، إلى اهتمام الدولة بمرفق القضاء واستمرار ضمان استقلاله، وتنفيذ أحكامه على الجميع بلا استثناء، ولعل تنفيذ المحاكمة في أمير سعودي في أكتوبر 2016 يؤكّد مبدأ استقلالية القضاء وأن لا سلطان عليه.
حقوق المتهمين
تتشدّد الأنظمة القضائية في المملكة العربية السعودية في ضرورة اتخاذ الإجراءات حيال الجرائم كافة بضمانات قانونية عديدة تكفل حقوق المتهم في جميع مراحل الدعوى، مستلهمة في هذا الإطار عدداً من المبادئ والأسس، التي تهدف في مجملها، إلى توفير إطار المحاكمة العادلة المنسجمة مع المعايير الدولية ذات الصلة.
لقد كرّست الأنظمة والقوانين العدلية السعودية ضمانات المحاكمة العادلة للجاني، ومن ذلك افتراض براءته ما لم تثبت التهمة، وحقه في الدفاع عن نفسه، وحقه في اتخاذ محام، وفي محاكمة مستقلة، وحقه في علنية الجلسات، وحقه في محاكمة عادلة، وأن يكون الحكم حضورياً وفي مواجهة الجاني، وغير ذلك مما هو مقرر في الشريعة الإسلامية والمواثيق الدولية وما نص عليه النظام الأساسي للحكم في المملكة ونظام الإجراءات الجزائية.
الحكم في قضايا الداخل
لا شك أن الحكم في القضايا الداخلية والمحلية هو حقٌ أصيلٌ للقضاء السعودي دون غيره، ولا يمكن القبول بأيّ حال من الأحوال بفرض إملاءات خارجية، أو التعليق على أحكام القضاء، أو محاولة تغييرها؛ فالقضاء السعودي تحكمه الشريعة الإسلامية، ويتمتع باستقلالية بعيداً عن السلطة التنفيذية (الحكومة)؛ بالتالي فأحكامه واجبة النفاذ، ولا يُسمح بالمساس بها.