اتخذت وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء جملةً من القرارات والتعديلات والإجراءات التي تدعم الأم الحاضنة والهادفة في أساسها لحماية الأسر من التشتت بعد الانفصال، إضافة إلى تسهيل وتسريع الإجراءات التي قد تتسبب في تعطيل مصالح الأبناء والأمهات الحاضنات.
وتنوعت تلك القرارات بين تعاميم مستعجلة، وتعديلات متعددة شملت الأنظمة واللوائح التنفيذية، بتوجيهات من معالي وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشيخ الدكتور وليد بن محمد الصمعاني.
كما استحدثت الوزارةُ إداراتٍ جديدةً، وفتحت المجال لدعم المرأة من خلال القطاعات الأخرى مثل القطاع غير الربحي؛ حيث حققت جميعاً دعماً غير مسبوق للمرأة الحاضنة وحقوق المحضونين؛ وفقاً للشريعة الإسلامية.
ودعمت التعديلات في الإجمال حق الحضانة للأم بشكل غير مسبوق؛ إذ نصّت على أن يكون تنفيذ قضايا الحضانة أو الزيارة، في بلد الحضانة أو الزيارة المنصوص عليه في السند التنفيذي، وأن يكون تنفيذ الأحكام الصادرة بالنفقة مباشرةً دون إجراءات المادة رقم 34 من نظام التنفيذ، وهذا فيما يتعلق بأحكام التنفيذ فقط، إضافة إلى تنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة وفقاً لأحكام القضاء المستعجل، برؤية صغير أو تسليمه لحاضنته مباشرة دون إجراء مقتضى المادة الرابعة والثلاثين.
ومن بين القرارات أيضاً مشروعُ "صندوق النفقة"، الهادف إلى ضمان صرف النفقة لـ"المحضونين" من دون تأخير، إلى أن يتم صدور الحكم لهم بها، إلى جانب صرف النفقة لمن صدر لهم حكم قضائي باستحقاقها ولم ينفذ لغير عذر الإعسار.
وجاء قرار الصمعاني بتسليم الزوجة نسخةً من عقد النكاح، مسانداً وضماناً لمعرفتها بحقوقها وشروط العقد، إضافة إلى تسهيله مهمة توثيق حقها في الحضانة، ومنعاً من استغلال عدم حملها العقد وتأخير إجراءات الحضانة؛ في خطوة من شأنها حل كثير من المشكلات التي تواجه المرأة والمحضونين.
وساند الأم الحاضنة كذلك اتخاذُ قرار تمكين المرأة من دخول الدوائر القضائية من دون حاجتها إلى ولي؛ وذلك بالتعرف والتحقق من هويتها عبر نظام البصمة بالتعاون مع مركز المعلومات الوطني.
وحسم المجلس الأعلى للقضاء أحقيةَ الأم بإثبات حضانة أبنائها من دون حاجتها إلى رفع دعوى قضائية في محاكم الأحوال الشخصية، في الحالات التي يثبت عدم وجود خصومة أو نزاع بينها وبين والد المحضونين؛ فغدت بذلك الحضانة تلقائيةً للمرأة إلا في حالات استثنائية؛ مما وفر على المحضون الكثير من المتاعب الاجتماعية.
وكان المجلس الأعلى للقضاء قد توج القرارات التي تدعم الأسرة والمحضونين بقرار وصفته أطراف عدة بالتاريخي، منح فيه المرأة الحاضنة حق الولاية على المحضون؛ مما يهيئ لها مراجعة الأحوال المدنية والجوازات والسفارات وإدارات التعليم والمدارس، وإنهاء ما يخص المحضون من إجراءات لدى جميع الدوائر والجهات الحكومية والأهلية؛ ما عدا السفر بالمحضون خارج المملكة؛ فلا يكون إلا بإذن من القاضي في بلد المحضون؛ وذلك فيما إذا كان الحاضن غير الولي، وأن يعامل طلب الإذن بالسفر بالمحضون خارج المملكة معاملة المسائل المستعجلة؛ وفقاً للمادتين (205 ـ 206) من نظام المرافعات الشرعية.
ومن القرارات المساندة لحقوق المحضونين؛ افتتاح مكاتب المصالحة والتحكيم، التي ساعدت الأسر بشكل عام على حل كل القضايا بشكل ودي بين الطرفين، وخصوصاً فيما يتعلق بالحضانة للمرأة؛ إذ إن كثيراً من قضايا الحضانة تنتهي بشكل رسمي في مكاتب المصالحة دون الحاجة للترافع أمام الدوائر القضائية، وتُعَد محاضر الصلح سندات تنفيذية ملزمة لكلا الطرفين؛ وفقاً لتعميم صادر من معالي وزير العدل.
وفُعّل قرار وزير العدل بإشراك القطاع الثالث (غير الربحي) في تقديم المعونة والخدمة الاستشارية في محاكم الأحوال الشخصية، التي قدمت خدماتٍ متعددةً للمستفيدات من النساء؛ من ضمنها التعريف بحقوقهن في الحضانة والنفقة وغيرها، وأعلنت وزارة العدل أن مكاتب الخدمة التوعوية والاستشارية في محاكم الأحوال الشخصية في 5 مدن؛ قدمت ما يزيد على 42 ألف خدمة للمستفيدات خلال العام الماضي 1438هـ.
إلى ذلك أدرجت وزارة العدل دعمَ المرأة في معرفة حقوقها بالحضانة والنفقة، ضمن مبادرة "إبراز مميزات القضاء السعودي ونشر الثقافة العدلية"، وعَدّتها أحد أركان برنامج التحول الوطني 2020.
ويأتي ذلك في سياق اهتمام الدولة بتطوير الخدمات القضائية وتحسين جودتها؛ خاصة ما يتعلق منها بـ"الأسرة" التي نص النظام الأساسي للحكم في المملكة في المادة العاشرة منه على "حرص الدولة على توثيق أواصر الأسرة، والحفاظ على قيمها العربية والإسلامية، ورعاية جميع أفرادها، وتوفير الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم"؛ وذلك بوصف الأسرة نواة للمجتمع السعودي.